بدون أدنى اعتبار لسنها، الذي قارب الثمانين سنة، أو لمسارها العلمي الذي انطلق في بداية ستينيات القرن الماضي، من فرنسا، أقدمت شرطة الحدود بمطار مونبولييه على رفض دخول الدكتورة هنو علالي معمر، رغم أنها تتوفر على تأشيرة الدخول. مبرر رفض دخول الدكتورة هنو علالي معمر، من المطار، كان هو عدم توفرها على شهادة الإقامة، وهي الشهادة التي لم يسبق أن طلبت منها طيلة السنوات التي قضتها في التنقل بين المغرب وفرنسا التي درست بها وكانت من المغربيات الأوائل اللواتي تخرجن من كلية الطب بمونبولييه. الطريقة التي تعاملت بها شرطة الحدود بمطار مونبولييه مع الدكتورة هنو، لم تكن لائقة بسمعة دولة تسوق نفسها على أنها بلد الحريات وحقوق الإنسان، فبدون خجل، ودون مراعاة لسنها، خاطبها ضابط الشرطة بلغة فيها الكثير من التهديد والشطط في استعمال السلطة «إما أن تعودي على متن الطائرة القادمة في غضون 40 دقيقة أو سيتم احتجازك…». واقعة طرد الدكتورة والمناضلة السياسية والجمعوية هنو علالي معمر، لا تليق بفرنسا… لأنها بكل بساطة ليست «حراكة» أو «مهاجرة سرية» فهي معروفة بنضالها الجمعوي والحقوقي والسياسي منذ ريعان شبابها، فقد انخرطت في صفوف الحزب الشيوعي المغربي، وعانقت منذ ذلك الزمان النضال السياسي وواجهت الصعاب إلى جانب الكبار، وواصلت التزامها الحزبي والسياسي إلى اليوم، حيث هي عضوة بمجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية. هنو العلالي معمر قضت عقودا في العمل الجمعوي التنموي والاجتماعي، وكان كل تفكيرها مُتجها إلى قريتها التي خرجت منها وهي فتاة صغيرة، وبعد رحلة كفاح حافلة دامت نصف قرن، اختارت أن تعود إلى قريتها الأمازيغية «أولماس»، حيث تقود هناك تجربة رائدة عنوانها مؤسسة «إيللي»، وهي منشغلة بكل ما يتصل بتعليم الفتيات الصغيرات، ويحدوها الآمل في تعميم التجربة على كل المناطق القروية النائية بالمملكة. كان الهدف من الزيارة وفق، ما كتب ابنها يونس معمر في رسالة مفتوح للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هو زيارة كلية الطب التي درست بها في مونبولييه، وجميع الأماكن التي تحمل ذكريات شبابها في هذه المدينة، كما كانت تخطط لزيارة قبر والديها الروحيين الطبيب جرانيي وزوجته سيسيل، وهي العائلة التي كانت تجمعها معها علاقة حب أبدي زرعته في عائلتها. قرار طرد الدكتورة هنو علالي معمر، قرار مستفز لكل المغاربة، وهو نموذج للرعونة التي باتت فرنسا تتعامل بها مع المغاربة، منذ أن قررت في شتنبر 2021 تشديد شروط منح تأشيرات للمغاربة. قرار يبدو أنه من تداعيات أزمة صامتة بين البلدين، وأن ملف التأشيرات ما هو إلا مظهر من مظاهر هذه الأزمة فقط.