«لا للحوار» ردا على دعوة النظام إلى المشاركة في اللقاء التشاوري دعت صفحة الثورة السورية على موقع فايسبوك السوريين إلى التظاهر يوم الجمعة تحت عنوان «لا للحوار»، رداً على دعوة النظام شخصيات مستقلة ومعارضة إلى المشاركة في حوار يومي الأحد والاثنين المقبلين. وأضافت الصفحة: «الدماء أنهار.. المدن تحت الحصار.. لا حوار.. الشعب يريد إسقاط النظام». ومع اتساع رقعة وحجم المظاهرات ضد النظام في سوريا، تغضّ السلطات السورية الطرف عن مخالفات في العادة لا تغفل النظر عنها، فيما يبدو النظام في «حالة توتر» مع اقتراب شهر رمضان، خشية تحول المظاهرات الأسبوعية حتى الآن، إلى مظاهرات يومية، بحسب ما أكد دبلوماسيون غربيون. وتحدث الدبلوماسيون أيضًا عن نزوح كبير للأموال داخل سوريا، مشيرين إلى أن النظام حوّل أموالاً وأسلحة إلى القرداحة، وهي ذات غالبية علوية، ومسقط رأس الأسد. وذكرت مجلة ال»إيكونوميست» أن السائقين على الطريق بين سوريا ولبنان يتحدثون عن زبائن يتوجهون مباشرة من مصارف في دمشق إلى أخرى في بيروت، محمّلين بحقائب ضخمة. وأشارت بحسب أحد التقديرات، إلى أن 20 مليار دولار أميركي غادرت البلاد منذ مارس الماضي. ميدانيًا، قتل 23 مدنيًا على الأقل الثلاثاء برصاص قوات الأمن السورية في حماه (وسط) التي يطوقها الجيش، فيما اعتبر ناشطون أن اللقاء التشاوري الذي دعا إليه النظام وكل ما ينبثق منه لا يشكل حوارًا وطنيًا يمكن البناء عليه. وقال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا عمار القربي في بيان «ارتفع عدد قتلى اليوم (الثلاثاء) في حماه إلى أكثر من 23، ووصل عدد الجرحى إلى أكثر من ثمانين جريحًا جروح بعضهم خطرة، ويعالجون في مستشفيي البدر والحوراني» في المدينة التي تقع في وسط البلاد. وأضاف البيان «داهمت القوات الأمنية مشفى الحوراني، حيث يتم علاج عدد كبير من الجرحى»، من دون مزيد من التفاصيل. وتابع المصدر نفسه «شهدت حماه نزوح أعداد كبيرة من السكان باتجاه دمشق والسلمية (القريبة من المدينة)»، متحدثًا عن «تدهور الوضع الأمني» مع «مواصلة عمليات التفتيش والاغتيالات والتوقيفات في هذه المدينة». وبلغ عدد المدنيين الذين قتلوا فيها في غضون 24 ساعة اثر إطلاق نيران القوات الأمنية 23 شخصا، كما أعلن بدوره المرصد السوري لحقوق الإنسان. وكانت مدينة حماه، التي تقع على بعد 210 كلم شمال دمشق، شهدت الجمعة الماضية تظاهرة مناهضة للنظام هي الأكبر، وقام الجيش على الأثر بنشر دبابات عند مداخلها، بحسب ناشطين حقوقيين. وكان رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان قال الثلاثاء إن «الدبابات متمركزة عند مداخل المدينة باستثناء المدخل الشمالي. والسكان في حالة تعبئة، وقرروا الدفاع عن أنفسهم حتى الموت لمنع دخول الجيش المدينة». وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن ناشطين في حماه، أن السكان يقيمون عشرات نقاط التفتيش في المدينة، لمنع تقدم قوات الأمن، كما يقذفون إطارات مشتعلة وسلال مهملات لإعاقة مسار تقدم القوات. والاثنين، قتل ثلاثة أشخاص، بينهم طفل، في هذه المدينة، كما قال ناشط حقوقي نقلاً عن مصادر طبية في حماه. وأقيل محافظ حماه بمرسوم رئاسي السبت غداة أضخم تظاهرة مناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد منذ بدء الحركة الاحتجاجية في منتصف مارس شهدتها المدينة، وشارك فيها نحو نصف مليون شخص في غياب لقوات الأمن. وتعد حماه 800 ألف نسمة، وهي تعتبر منذ 1982 رمزًا تاريخيًا بعد قمع حركة تمرد لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة ضد الرئيس حافظ الأسد والد بشار الأسد، ما أسفر عن سقوط 20 ألف قتيل. وقد نددت منظمة العفو الدولية الأربعاء بقمع التظاهرات المطالبة بالديمقراطية في سوريا، معتبرة أن ذلك «ربما يشكل جرائم ضد الإنسانية». من جهتها أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، أن «مجموعات مخربة في حماه قامت (الثلاثاء) بقطع طرقات ونصب الحواجز وإشعال الإطارات في عدد من أحياء المدينة والقيام بعمليات تخريبية وإحراق باص نقل داخلي على طريق حلب حماه». وأضافت أن «قوات حفظ النظام تدخلت لإعادة الأمن والاستقرار إلى المناطق التي شهدت عمليات قطع طرق وتخريب، فتعرضت لهجوم من قبل مجموعات مسلحة بقنابل مولوتوف ومسمارية وإطلاق رصاص، ما أدى إلى اشتباك مع هذه المجموعات استشهد على إثره أحد عناصر قوات حفظ النظام، وأصيب 13 آخرون بجروح، كما جرح عدد من المسلحين، وألقي القبض على البعض منهم». من جانب آخر، دخل الجيش الأربعاء مناطق جديدة في جبل الزاوية في محافظة ادلب (شمال-غرب) كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد ان «قوات الجيش السوري اقتحمت فجر الأربعاء بلدة كفنصرة في جبل الزاوية، واتخذت من مدرستها مركزًا للتحقيق والاعتقال، كما اقتحمت بلدة كفرعويد، وسمع أصوات إطلاق نار كثيف من رشاشات ثقيلة فيها، ولم ترد أي أنباء للمرصد عن سقوط شهداء حتى هذه اللحظة». وأوضح أن قوات الأمن اعتقلت الأربعاء 17 شخصًا في بلدة كفر روما في جبل الزاوية، وان منازل تعرضت للتخريب أثناء هذه الاعتقالات. وكان اعتقل أمس أكثر من 60 شخصًا من بلدتي كفرنبل واحسم في جبل الزاوية، بينهم رجل مسن يبلغ من العمر 85 عامًا اعتقل بدل نجله المطلوب للسلطات السورية. وتواصلت عمليات تفتيش المنازل والمحال في كفر نبل، وأضرمت النيران في عدد كبير من الدراجات، التي تشكل ابرز وسيلة لتنقل السكان. من جهة أخرى، أكد متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر لوكالة فرانس برس الأربعاء أن اللجنة تمكنت من دخول مدينتي درعا وادلب، أكثر المدن السورية التي تضررت من أعمال عنف منذ بدء الحركة الاحتجاجية على نظام الرئيس بشار الأسد. وقال هشام حسن «تمكنا في الأسبوع الماضي من الذهاب إلى درعا في الجنوب والى ادلب في الشمال. إنهما أكثر المناطق تضررا بالعنف». وأوضح أن وفد المنظمة الإنسانية توجه في 28 يونيو إلى درعا وفي 28 و29 يونيو إلى ادلب بهدف إجراء «تقويم سريع للاحتياجات (...) من اجل التمكن من نقل مساعدة في اقرب وقت» إلى السكان. وأوضح حسن انه عندما تنقل بعثة التقويم استنتاجاتها فان اللجنة الدولية للصليب الأحمر ستتمكن من إيصال المساعدة إلى سوريا. واستطرد «إنها مجرد مسالة تنظيم». ومن المقرر عرض موضوع التعديلات التي تبحث حول الدستور، ولا سيما المادة الثامنة منه، على جدول أعمال إلقاء التشاوري المنتظر عقده في 10 و11 يوليوز وطرح مشاريع القوانين التي تم إعدادها، وخصوصًا قوانين الأحزاب والانتخابات والإدارة المحلية والإعلام. لكن لجان التنسيق المحلية للمتظاهرين أبدت معارضتها ذلك. وقالت اللجان في بيان أن «اللقاء المذكور وكل ما ينبثق منه لا يشكل بحال من الأحوال حوارًا وطنيًا حقيقيًا يمكن البناء عليه». وأضافت «تأتي خطوة النظام هذه تحت ضغط الاحتجاج الشعبي من جهة، ومن جهة أخرى استجابة لمطالبات دولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي لما تسميه بالأزمة السورية، معوّلة حتى اللحظة على بقاء النظام، ورافضة أن تنزع عنه الشرعية التي سقطت أصلاً بعد نحو أربعة أشهر من العنف الممنهج ضد المتظاهرين السلميين». وتابع البيان «وغني عن القول إن النظام سقط سياسيًا وأخلاقيًا ووطنيًا، وإن المراهنة على بقائه لا تفعل غير إطالة أمد العنف الممارس ضد المواطنين المدنيين». وأضاف البيان «يبادر النظام إلى هذه الخطوة الشكلية في الوقت نفسه الذي يستمر فيه بحصار المدن وقصفها بالدبابات، وبعمليات قتل المتظاهرين والاعتقال العشوائي وتعذيب المعتقلين حتى الموت في بعض الحالات». وأكدت اللجان أيضا أن «الهدف الرئيس للحوار، وهو إنهاء النظام الحالي، والانتقال بسوريا إلى نظام جديد، ديمقراطي مدني تعددي، عبر مرحلة انتقالية سلمية، لا يزال غائبًا تمامًا عن رؤية النظام». وأدى قمع التظاهرات في سوريا إلى مقتل أكثر من 1300 مدني، واعتقال أكثر من 10 آلاف شخص، ودفع آلاف السوريين إلى النزوح، وفق منظمات غير حكومية.