بالرغم من آثار الانعكاسات الخطيرة التي خلفها وباء كوفيد وانتشار المتحور دلتا خلال فصل الصيف، على الاقتصاد وتضرر عدد كبير من المواطنات والمواطنين بفقدانهم لعملهم وتسجيل محدودية فرص الشغل، إلا أن مديرية الدراسات والتوقعات المالية رفعت من منسوب التفاؤل اتجاه تعافي الاقتصاد الوطني لتمكنه، حسب تقرير لها، "من تحقيق الانتعاش بشكل تدريجي وملحوظ"، وربطت ذلك بالتقدم المسجل على مستوى عملية التلقيح ضد كوفيد 19، والتدابير التي اتخذت على المستوى الحكومي من أجل تحقيق إنعاش الاقتصاد، فضلا عن تحقيق الموسم الفلاحي لنتائج إيجابية. ففي نشرتها حول الظرفية الاقتصادية الخاصة بشهر نونبر، عززت المديرية، صحة توقعاتها الجد متفائلة، بالمؤشرات الإيجابية التي حققها الاقتصاد العالمي، حيث أكدت أنه يواصل انتعاشه بالرغم من حالة الريبة التي تسود بسبب التطور الذي يعرفه تفشي الجائحة والمخاطر التي قد تنجم عن التضخم في الولاياتالمتحدة، كما أن انتعاش الاقتصاد يتقوى في منطقة اليورو التي تعد الشريك الاقتصادي الرئيسي للمغرب، مشيرة أن آفاق تحقيق النمو تبقى قوية بالرغم من تباطؤ مؤشراته خلال الربع الثالث من هذه السنة. ودعمت المديرية أيضا توقعاتها، بذكر مؤشرات الانتعاش التي حققتها مجموعة من القطاعات على المستوى الوطني، ففضلا عن النشاط الفلاحي الذي أكدت أنه حقق مساهمة قوية في القيمة المضافة الوطنية سنة 2021، أشارت إلى أن الصناعات الاستخراجية والصناعات التحويلية والطاقة الكهربائية والبناء والأشغال العمومية والاتصالات تمكنت بدورها من تحقيق انتعاش قوي ومساهمة قوية في القيمة المضافة الوطنية خلال هذه السنة. الاستثناء الوحيد الذي يخرج من دائرة توقعات تحقيق الانتعاش، يتمثل قي قطاع السياحة، حيث أشارت المديرية، إلى أن القطاع يطبعه استمرار توترات موسومة بالركود على الرغم من الانتعاش التدريجي الذي بدأ في يونيو المنصرم، وعززت المديرية توقعاتها التفاؤلية في المقابل بما تحقق بالنسبة للطلب الداخلي، حيث على خلاف ما يتم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي أو بعض الهيئات النقابية، تشير إلى أن استهلاك الأسر واصل نموه، مدعوما بتحسن المداخيل الناتجة عن الموسم الفلاحي الممتاز، والأداء الجيد لتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، وتوطيد استئناف خلق فرص الشغل (زائد 572 ألف منصب شغل مدفوع الأجر في الربع الثالث من السنة الجارية)، وكذا انتعاش القروض الممنوحة للأسر، وذلك في سياق تضخم معتدل. ومن الإيجابيات الكبرى التي تدعم مسار الانتعاش، أفادت المديرية إلى أن الاستثمار واصل ر نموه، مدعوما في ذلك بارتفاع واردات سلع التجهيز، وزيادة عائدات الاستثمارات الخارجية المباشرة، وكذا ارتفاع الاستثمار العمومي، منبهة إلى أن ديناميية الاستثمار تترجمه الارتفاع الملحوظ المسجل على مستوى إحداث المقاولات. وفي رصدها لمختلف عناصر الاقتصاد، أفادت المديرية على مستوى المبادلات الخارجية، أن الصادرات واصلت الحفاظ على ديناميتها، هذا علما أن الأمر على المستوى العالمي نتيجة تفشي الجائحة وظهور متحول دلتا قيد عملية الاستيراد والتصدير، بالرغم من ارتفاع الطلب على العديد من المنتجات، لكن المديرية تعتبر أن هذا الأداء الجيد للتصدير بالمغرب هم كافة القطاعات، لا سيما مبيعات المكتب الشريف للفوسفاط، وقطاعات السيارات والطيران، والصناعات الغذائية، والإلكترونيات، والكهرباء، والنسيج والجلد. من جهة أخرى، تجاوزت وتيرة نمو الواردات نظيرتها المتعلقة بالصادرات. ويتجسد هذا التطور في انخفاض طفيف بمقدار 0,6 نقاط لمعدل التغطية، ليبلغ 60,3 في المائة. وفي ما يتعلق بالأصول الاحتياطية الرسمية، فهي تمكن من تغطية سبعة أشهر ويوم واحد من واردات السلع والخدمات. المؤشرات السلبية الوحيدة التي أشارت إليها المديرية ترتبط بالمالية العامة، حيث أكدت أن عجز الميزانية عاش أزمة تصنف ضمن شبه ركود. وأشارت إلى أن ذلك يعود بالأساس إلى الزيادة في المداخيل العادية، والتي كانت أهم من النفقات العادية، وإلى الانخفاض الملحوظ في فائض الحسابات الخاصة للخزينة، كما نبهت إلى أن تمويل الاقتصاد، طبعه تباطؤ في نمو القروض البنكية، خاصة بسبب تباطؤ نمو القروض الممنوحة للقطاع غير المالي، على الرغم من تسارع القروض الممنوحة للأسر.