عديدة هي الأسئلة التي تحيط اليوم بحركة 20 فبراير وتدعو القائمين عليها إلى التفكير وإلى توضيح الرؤى وإلى خلخلة الذات.. لا يمكن التنكر لإسهام الحراك الشبابي، وأساسا بداياته، في توضيح سقوف المطالب وتحريك قوالب الاحتجاج والترافع، لكن اليوم الجميع يقر أن المنغلقات تلتف أكثر فأكثر حول الحركة، وأنه كلما غاصت في الجذرية والتصعيد كلما تناقص المؤيدون وغابت الحشود التي ميزت المسيرات الأولى. لقد رفعت المطالب والشعارات، وتفاعلت الدولة ولم تجنح نحو العناد أو نحو اللامبالاة، كما جرى في مصر أو في تونس، أو في جماهيرية القذافي وفي اليمن وسوريا. لكن رغم وجود مشروع دستور جديد على الأرض، ورغم إجراءات وتدابير أخرى أقدمت عليها الدولة، فإن الحركة الفبرارية بقيت في الجمود نفسه، وصارت كل يوم تقترب من التيه... ما معنى أن تعلن بعض أصوات الحركة رفضها للدستور حتى قبل أن تطلع على فصوله؟، وما معنى أن تسارع الأصوات نفسها إلى تقديم التصريحات للقنوات الفضائية بدل أن تنكب على دراسة محتوى الوثيقة المعروضة اليوم على الاستفتاء وبلورة مواقف جدية من النص؟ . ما معنى أيضا أن تلتصق أرجل الشباب وعقولهم في الماضي، بدل التفكير في مستقبل المغرب والمغاربة؟، وما معنى أن ترفع المطالب في الشارع، وعندما يتاح الحوار للمعنيين يكون الرفض هو الجواب، ويتكرس الجمود والوقوف في الشارع أو في وسط الأحياء الشعبية، وفي مواضع أخرى من الحديث ومن الانزياح يقال بأن كل ما تحقق جاء بفضل «20 فبراير» دون سواها؟... الحقيقة أن كل هذا بدون معنى، وبلا سياسة أصلا، وهنا بالذات توجد أعطاب حركة 20 فبراير، ومن هنا تشرع أبواب ونوافذ الاختراق. اللانظر هو الذي يقود اليوم إلى هذا الخليط العجيب من المرجعيات، والتي وحده الرفض يجمع بينها، وهذا للتذكير لا يصنع لا تحالفات دائمة، ولا برامج ولا مطالب ولا رؤية واضحة للمستقبل. حركة 20 فبراير اليوم مدعوة لإعمال فرزها الذاتي، والانتصار من داخلها لشجاعة الوضوح، وهذه هي الدينامية المطلوب اليوم إنجاحها من الداخل ومن طرف مكوناتها العقلانية، ولذلك، فإن التضييق على احتجاجاتها في الشارع هو أمر مرفوض ولا يليق بمغرب اليوم، وتهديد أعضائها أو المس بسلامتهم الجسدية هو أيضا أسلوب مرفوض ويجب معاقبة مرتكبي مثل هذه الأفعال غير القانونية. مغربنا الجديد الذي نبنيه اليوم يتسع لكل الآراء والأفكار التي يجب أن تبرز في الشارع، وأيضا في وسائل الإعلام العمومية.