أكد السفير الممثل الدائم للمغرب في فيينا، عز الدين فرحان، أول أمس الأربعاء، أن "الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء" بالمغرب تمثل نموذجا إقليميا لتدبير قضية الهجرة بشكل مسؤول وتضامني. وأكد فرحان، في مداخلة بمناسبة الدورة الثلاثين للجنة الأممالمتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية "أن النموذج المغربي المتعلق بسياسة الهجرة، الذي يقوم على ثلاث ركائز: التضامن ،المسؤولية والتعاون الدولي، يشكل نموذجا إقليميا لتدبير إشكالية الهجرة بمسؤولية وتضامن". وقال إن الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء اختارت "تنفيذ برنامج واسع النطاق لتسوية أوضاع المهاجرين واللاجئين وإدماجهم في المجتمع المغربي، من خلال وضع برامج اجتماعية تمكن هؤلاء المهاجرين من الاندماج اجتماعيا، وكذا الاستفادة من التعليم والصحة والسكن ثم التكوين المهني". وأبرز السفير أنه في سياق مكافحة الهجرة غير النظامية، يواصل المغرب بذل جهود جبارة، خاصة فيما يتعلق بتفكيك شبكات تهريب المهاجرين وإجهاض محاولات الهجرة غير النظامية، مشيرا إلى أنه بالرغم من استمرار ضغط الهجرة على المغرب في عام 2019 ، تم تسجيل تراجع تدفقات الهجرة غير النظامية بنسبة 17 في المائة، مقارنة مع عام 2018 وتابع أنه في عام 2020 تم تأكيد المنحى التنازلي بعد تسجيل انخفاض بنسبة 44 في المائة في عدد محاولات الهجرة غير الشرعية اعتبار ا من 31 غشت. وذكر أنه تم تفكيك 208 شبكات إجرامية لتهريب المهاجرين في 2019 ، وكذلك 113 شبكة خلال فترة كوفيد 19 بين يناير وغشت 2020، كما تم إنقاذ من قبل البحرية الملكية 3128 مهاجرا في الفترة بين يناير وغشت 2020. وفيما يتعلق بالاتجار بالبشر، أشار إلى أن المغرب اعتمد منذ عام 2016 قانونا بشأن الاتجار بالبشر بهدف ملاءمة التشريعات الوطنية مع التشريعات الدولية، ولا سيما البروتوكول المتعلق بالاتجار بالأشخاص التابع لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، موضحا أن نص القانون هذا يوفر إطارا تشريعيا يسمح للمؤسسات والمجتمع المدني المغربي بالمشاركة في مكافحة الاتجار بالبشر، ضمن جهد استجابة منسجة وشامل بالتعاون مع بلدان أخرى. وشدد الدبلوماسي المغربي على أن "المملكة المغربية ساهمت بنشاط خلال العقدين الماضيين في النقاش الدولي حول الهجرة وقدمت مقترحات ملموسة وشاملة في محتواها وعملية في أجرءتها". ولفت إلى أنه على المستوى الإفريقي، بادر جلالة الملك محمد السادس، بصفته "رائد الاتحاد الإفريقي في موضوع الهجرة" إلى وضع "الأجندة الإفريقية للهجرة"، بما في ذلك إحداث المرصد الإفريقي للهجرة، الذي تم اعتماد نظامه الأساسي خلال القمة ال33 للاتحاد الإفريقي التي عقدت في فبراير 2020، وافتتحت في الرباط يوم 18 دجنبر 2020. وأوضح أن مرصد الهجرة الإفريقي، أول هيئة في الاتحاد الإفريقي تعنى بالهجرة، يهدف إلى تطوير مسلسل لجمع وتحليل وتبادل المعلومات بين البلدان الإفريقية في هذا المجال، كما سيكون له دور تصحيح الصور النمطية الخاطئة عن الهجرة لفائدة تنمية البلدان الأصلية وبلدان الاستقبال. وأوضح أن "هذه الرؤية القارية تتوافق مع الالتزام الدولي للمغرب الذي استضاف، في دجنبر 2018، المؤتمر الدولي للهجرة المنظم تحت رعاية الأممالمتحدة، والذي صادق على الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والشرعية، في إطار البحث المستمر عن حلول مبتكرة بين إدارة الحدود وحماية حقوق الإنسان للمهاجرين، وبين الهجرة والتنمية". من جهة أخرى، توقف الدبلوماسي المغربي عند استراتيجية المملكة التي تضع مكافحة الإرهاب في مقدمة أولوياتها الأمنية من خلال تطوير استراتيجية متعددة الأبعاد ضد الإرهاب ترتكز على نظام من ثلاث ركائز، تتمثل في تعزيز الأمن الداخلي، ومكافحة الفقر، وإصلاح المجال الديني. فعلى الصعيد الأمني، قال إن الاستراتيجية التي وضعها المغرب للوقاية من الإرهاب والتطرف الديني ومكافحتهما بهدف استئصال هذه الآفة تقوم على اليقظة والمراقبة والوقاية من الأعمال الإرهابية. وفي هذا الصدد، أكد فرحان أن المغرب عزز ترسانته القانونية من خلال اعتماد قانون يتعلق بمكافحة الإرهاب وقانون آخر يتعلق بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وأشار إلى أن المملكة المغربية استطاعت بفضل جهودها الجبارة لمحاربة الإرهاب من جذوره مراكمة تجربة معترف بها في مكافحة الإرهاب على الصعيد الدولي. وخلال هذا الاجتماع، دعا المغرب، أيضا، إلى تعزيز التعاون بين الدول وانخراط أكبر للمنظمات الإقليمية والدولية من أجل مكافحة آفة الجريمة المنظمة الدولية بشكل فعال. وأبرز أن "الخطورة المتزايدة لظاهرة الهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر، والاتجار بالمخدرات والأسلحة تتطلب، أكثر من أي وقت مضى، تعزيز التعاون الفعال بين الدول وانخراط أكبر من المنظمات الإقليمية والدولية لمكافحة آفة الجريمة المنظمة الدولية". وقال فرحان "إن الأمر يتعلق بوضع استراتيجية عالمية ومندمجة تهدف إلى تحييد انتشار الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ووقف الأنشطة غير المشروعة لجميع أنواع شبكات المافيا، وتحسين المناخ الأمني في البلدان والمناطق المعنية".