إقدام السلطات الجزائرية على إخلاء مزارعين مغاربة من منطقة «العرجة»، وإبعادهم عن أراضيهم وضيعاتهم التي يملكونها منذ مدد طويلة، وتوارثوها أبا عن جد، يمثل اليوم عنوان سقوط أخلاقي وسياسي للنظام العسكري الجزائري. هذا السلوك الأرعن لعسكر الجزائر يعني الإمعان في التصعيد وافتعال التوتر والعداء ضد المغرب، واستغلال أي شيء لتكرار ذلك، ولو كان خاليا من أي بعد إنساني، أو من أي التزام بالحق والقانون. في منطقة «العرجة» يقف اليوم الدليل شاهدا على اختيار النظام العسكري الجزائري الرفع من العدوانية الباتولوجية ضد المملكة. المزارعون البسطاء الذين وقع عليهم هذا القرار الجزائري الأرعن، سلبت منهم أراضيهم وممتلكاتهم، وأخرجوا من ديارهم التي لم يعرفوا سواها، وهذه جريمة حقيقية ارتكبت في حقهم؛ والسلطات المغربية، برغم ما تبديه من حكمة تدبيرية وديبلوماسية، مدعوة لحماية مواطنيها والدفاع عن حقوقهم وممتلكاتهم وكرامتهم، ومن حقها اللجوء إلى ما تتيحه القوانين الدولية ذات الصلة بالمناطق الحدودية. ندرك عقدة عسكر الجزائر من موضوع الحدود، ونتفهم إحساسهم هناك بغياب دولة لهم خارج الحدود الموروثة عن الاستعمار، ولكن في نفس الوقت لا يمكن القبول بتصريف هذه العقد المرضية على حساب أهلنا في فگيگ، وفي الواحات والقصور المجاورة. النظام العسكري الجزائري يبدو اليوم عاريا أمام النجاحات الديبلوماسية المغربية المتعددة، وانكشفت رعونته ومؤامراته أمام قوة الحجج المغربية، ولم يجد أمامه سوى مواصلة الارتماء في رعونة أكبر، تكاد تكون بلطجة حقيقية. نستحضر هنا كذلك المناورة الصبيانية البئيسة التي اقترفها ممثله داخل الاتحاد الإفريقي مؤخرا، بتواطؤ مع جهات معادية للمملكة، وهي تضاف إلى رعونة «العرجة»، لتؤكد التوجه الانتقامي للجنرالات، ودوختهم الكبرى. اليوم يستمر مزارعو «العرجة» في التنديد بما اقترفته السلطات الجزائرية في حقهم، ويستنكر كل المغاربة هذه الرعونة، وتواصل السلطات المغربية حضورها العاقل إلى جانب المواطنات والمواطنين المعنيين، وتدبيرها بحكمة عالية للملف، ومن المؤكد أن هذا الإصرار القوي على المصالح والحقوق المغربية المشروعة سيستمر، عبر آليات مختلفة، حماية لمصالح المواطنين المتضررين، وانتصارا لكرامتهم. السعار الذي يلف اليوم النظام العسكري الجزائري وماكينته الديبلوماسية والدعائية، هو تعبير عن عقدة ضد وجود دولة حقيقية وعريقة هنا، وذلك مقابل انعدامها وغيابها لديهم هناك. ولهذا، الدولة الحقيقية تحرص على حماية حقوق ومصالح مواطناتها ومواطنيها، وتلجأ في ذلك إلى القانون، وإلى العقل والحكمة، في حين الكيانات التي تعاني من العقد التاريخية ومن نقص الاعتراف والثقة الذاتية، ومن سيادة اللادولة، لا تجد أمامها سوى الرعونة والبلطجة والطيش لتعبر عن نفسها، تماما كما يفعل فتيان الحواري المنحرفون. هذا الإمعان في التصعيد من طرف النظام العسكري الجزائري يفرض المزيد من اليقظة، ويستوجب الحرص الوطني العام على تمتين الانتباه، ديبلوماسيا وسياسيا وإعلاميا وأمنيا ومجتمعيا، لتقوية شروط الصمود، وتعزيز الدفاع عن المصالح الوطنية لبلادنا وشعبنا. محتات الرقاص