في الوقت الذي يتسابق فيه العالم لكبح جماح فيروس كورونا المستجد، برزت دراسات حاولت الإجابة عن عدة تساؤلات لها علاقة ب"كوفيد-19 والأطفال" ومدى انتقال عدوى الفيروس بينهم ودور فتح المدارس في تسريع تفشي الوباء داخل المجتمعات . وفي هذا السياق، استقت وكالة المغرب العربي للأنباء رأي الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الدكتور الطيب حمضي، عن أهم وآخر المعطيات العلمية والطبية والوبائية بخصوص كوفيد-19 والأطفال. دراسة أمريكية.. الأطفال أقل إصابة بكورونا أظهرت بعض الدراسات وتطور الأوضاع أن الأطفال أقل إصابة بكورونا وأقل نقلا لها لغيرهم. فعموما الأطفال أقل من 18 سنة لا يشكلون سوى 5 في المائة من مجموع الإصابات. في أمريكا، الأطفال أقل من 18 سنة يشكلون 22 في المائة من المجتمع، بينما نسبتهم 2 في المائة من الاستشفاء بسبب كوفيد- 19 وأقل من 0.1 في المائة من الوفيات. في ظرف 6 أشهر، عرفت الولاياتالمتحدة 13 ألف وفاة عند الأطفال أقل من 18 سنة بكل أسباب الوفيات مجتمعة، منها 105 حالات وفاة بسبب الانفلونزا الموسمية، و45 حالة فقط بسبب كوفيد- 19. أما الأطفال الذين يصابون بحالات خطيرة جراء عدوى كوفيد- 19، فهم أساسا أطفال كانوا يعانون من أمراض قبل الإصابة بكورونا. دراسة صينية: الأطفال ليس لديهم مناعة مطلقة ضد كوفيد- 19 أظهرت الدراسة أن 94 في المائة من الأطفال المصابين لم تكن لديهم أعراض، أو ظهرت عليهم أعراض خفيفة وحميدة. لكنها استنتجت أن هذا لا يعني أن الأطفال لهم مناعة مطلقة ضد كوفيد- 19، فقد تم تسجيل حالات التهاب حادة وعامة مشابهة لمرض كاوازاكي (Syndrome de Kawasaki) كحالات نادرة جدا ويتم التحكم فيها بالعلاج. استنتجت الدراسة كذلك أن الأطفال المصابين بكوفيد- 19 ولديهم أعراض ينشرون المرض مثل البالغين. أما الأطفال المصابين بكوفيد- 19 وليس لديهم أعراض فلم تكن هناك إمكانية لمعرفة ما إذا كانوا ينقلون العدوى وإلى أي درجة. ماذا عن نقل الأطفال للعدوى وتفشيها بينهم؟ هناك عدة دراسات تؤكد أن الأطفال قليلو الإصابة بكوفيد- 19، لكن من الصعب القول إنها جازمة ونهائية، إذ لا زلنا في انتظار دراسات مختصة ستظهر بعض نتائجها نهاية السنة الحالية. الواضح هو أن الاتجاه العام للدراسات المتوفرة لحد الساعة يفيد بأن الأطفال ينقلون العدوى أقل من البالغين. وقد أظهرت دراسة أمريكية على 145 طفلا في شيكاغو أن الأطفال أقل من 5 سنوات لهم حمولة فيروسية في الأنف أكبر من البالغين 10 إلى 100 مرة. وهو معطى يقود للسؤال حول درجة عدوى هؤلاء الأطفال، وهي علاقة ليست بالضرورة تناسبية، علما أن دراسات بينت أن هذه الفئة ليست بهذه الدرجة من العدوى المحتملة. الأطفال غالبا ما لا تظهر عليهم الأعراض أو تكون الأعراض بسيطة، مما يجعل تشخيص إصابتهم أمرا صعبا. كما أظهرت الدراسات أن تفشي العدوى بين الأطفال أنفسهم داخل المدارس أمر نادر. وإذا تم تطبيق التباعد الجسدي والنظافة، من المستبعد أن تتحول المدارس لبؤر لتفشي العدوى. احتمالات إصابة المراهقين بكوفيد- 19 أظهرت دراسات أن المراهقين بأقسام الثانوي ببعض المناطق لهم نسبة إصابة 38 في المائة هي الأقرب لمعدل إصابة أساتذتهم (43 في المائة)، وبعيدة عن معدل إصابة آبائهم (11 في المائة) أو بين إخوتهم (10 في المائة)، أي أن الإصابة هي أقرب للمدرسة منها للبيت والأسرة، وهو ما يطرح علامات استفهام حول طرق تفشي الفيروس بين الأطفال ويفرض التمييز بين الأطفال والمراهقين. دور فتح المدارس في تسريع تفشي الوباء أظهرت بعض الدراسات أن إعادة فتح المدارس بعد إغلاقها في فصل الربيع الفارط لم تتسبب في انتشار العدوى داخل المجتمعات. وأظهرت دراسة أجريت بكوريا الجنوبية أن الأطفال من 10 إلى 19 سنة ينقلون العدوى مثلهم مثل الكبار تماما، بينما الأطفال أقل من 9 سنوات ينقلونها بشكل أقل. وفي مخيم فرنسي، التقى طفل مصاب بكوفيد 172 شخصا منهم بالغين وأطفال في مدارس وغيرها، ولم ينتقل الفيروس لأي واحد من ال172 من المخالطين. لكن في مخيم آخر ل600 من الأطفال والمراهقين بولاية جورجياالأمريكية في شهر يونيو الماضي، اكتُشف طفل مصاب بكوفيد- 19 في مخيم لم يلتزم المشاركون فيه بالكمامات، بعد فحص 58 في المائة فقط من المشاركين، تبين أن أزيد من نصف المشاركين أصيبوا بالفيروس. كانت الأعراض بسيطة في الغالب ولكن الدراسات لازالت جارية لفهم ما جرى. فيما أظهرت دراسة كورية جنوبية واسعة أن الأطفال، صغار السن خصوصا، نادرا ما ينقلون الفيروس لأقاربهم. وليست هناك حقائق وأجوبة علمية حتى الآن عن أسباب عدم تعرض الأطفال للفيروس. هناك نظريات فقط حول احتمال اكتساب الأطفال لمناعة متبادلة بين فيروس كوفيد- 19 وبين فيروسات كورونا الأخرى التي تعطي إصابات بسيطة، أو احتمال أن الأطفال لا توجد لديهم مستقبلات كوفيد- 19 في خلايا جسمهم مثل الكبار، أو أسباب أخرى. خلاصات من الخلاصات التي يمكن استنتاجها والتي نص عليه أيضا تقرير أوربي سبق قرار فتح المدارس: إعادة فتح المدارس في أوروبا في فصل الربيع لم تتسبب في تفشي الفيروس داخل المجتمعات. المعطيات في بعض الأحيان متناقضة ونحتاج إلى وقت لتشكيل رأي علمي راجح حول كوفيد- 19 والأطفال والمدارس والمجتمعات المحلية. إذا كان الاتجاه العام حاليا هو عدم الخوف في حدود من إصابة الأطفال بكوفيد- 19، خصوصا مع أخذ الاحترازات الضرورية، فإن الأسئلة تبقى نوعا ما معلقة بالنسبة لدور فتح المدارس في تفشي وتسريع انتشار الوباء داخل المجتمعات.