أيقونة القصيدة المغربية بالشعر نحيا ونحقق المزيد.. بهذه العبارة الدالة، افتتح الأديب عبدالنبي دشين، اللقاء الثقافي الذي نظمه المركز التربوي الجهوي بالدارالبيضاء، يوم الثلاثاء الماضي، والذي شهد حفلا تكريميا للشاعرة المغربية فاتحة مرشيد، بالإضافة إلى قراءات شعرية لنخبة من طلبة المركز، ومعرض تشكيلي مواز، من إبداع طلبة شعبة الفنون التشكيلية بالمركز نفسه. ووسم دشين الذي تولى تأطير هذا اللقاء، الشاعرة فاتحة مرشيد بأيقونة القصيدة المغربية، وبأنها من عيار خاص، كما أشار إلى عذوبة ورقة لغتها، فضلا عن تقديرها العميق إلى حد التقديس، لعلاقاتها الإنسانية. وذكر ضمن الورقة التعريفية بهذه الشاعرة، أنها تنحدر من مدينة بن سليمان، وأنها من أسرة تنتمي إلى حقل التعليم، وتمارس مهنة طب الأطفال، وتسهر على إعداد برنامج تلفزي، يعنى بالتربية الصحية، وهي بالإضافة إلى ذلك عضو في اتحاد كتاب المغرب، ولها عدة إصدارات في مجالي الشعر والسرد الروائي: إيماءات، تعال نمطر، مخالب المتعة، إلى غير ذلك من الإصدارات المتعددة، التي ترجمت إلى عدة لغات. ومن بين أبرز الجوائز التي حصلت عليها: جائزة المغرب للكتاب، في صنف الشعر. وألقى مدير المركز الأستاذ محمد السحماني، كلمة بالمناسبة، مما جاء فيها أن هذا اللقاء التربوي الإشعاعي، يراد به تخليد اليوم العالمي للشعر، مثمنا اختيار الشاعرة فاتحة مرشيد من لدن اللجنة المنظمة، لتكريمها، بالنظر إلى أن تجربتها الشعرية، تتسم بانتقاء الألفاظ الأنيقة، والمعاني اللماحة والخيال الخصب. وعبرت الشاعرة المحتفى بها عن شعورها بهذه المناسبة، حيث أبدت ابتهاجها بأن يتم الاحتفاء بها من لدن مركز تربوي، يسهر على تكوين الأساتذة في شعب مختلفة. ووجهت -حسب تعبيرها- تحية شعرية بلون الربيع وعطره. وأضافت قائلة إنها سعيدة بهذا التواصل الدافئ والحميمي، وبهذه المحبة التي تطل من العيون. وعبرت عن اعتزازها كذلك، باقتسام هذه اللحظات الشعرية وهذا الصفاء، في ظرف زماني وتاريخي، يتم فيه إعادة الاعتبار لكل ما ينتصر للقيم الإنسانية النبيلة ولكل ما يساهم في توسيع مساحة التفاهم والتآزر والمحبة بيننا، في إشارة منها إلى الثورات التي تقام هذه الأيام، والتي تطالب بالتغيير نحو الأسمى والأبهى. ولم يفتها التعبير كذلك عن تفاؤلها بغد أفضل، ما دام أن أفواجا من المتعلمين يتخرجون سنة بعد أخرى. ودعت إلى أن يكون الشعر بمثابة ملح رغيفنا وشكلا من أشكال تواصلنا مع العالم. واستهلت بعد ذلك، إلقاءها الشعري، بقولة للشاعر الاسباني المغتال غارسيا لوركا: الشعر يحيا، حين يلقى، في حين أن بقاءه بين صفحات الكتب، يجعل منه شيئا ميتا. وقرأت عدة نصوص شعرية، من ديوانها الموسوم ب»ما لم يقل بيننا»، وقد حفلت بصور شعرية، تفاعل معها الجمهور، أيما تفاعل، من هذه الصور الشعرية العميقة الدلالة، التي قرئت بلغتها الأصلية العربية، وكذا مترجمة إلى اللغة الفرنسية: «جريحان نحترس من ليل انتظرناه طويلا وكان أقصر من لذة تنقر دقائقه على تعبنا كوهم بهدوء جريحان وهذا الليل متربص كخطيئة مشرعة على السماء وأكفّ لا ترى مبررا لمصافحة القمر». وتصل درجة التفاعل مع إلقائها الشعري الذروة، حين تختم بهذا الشطر غير المتوقع والصادم في آن: «كم يلزمنا من سقوط لننهض أكثر». كما ألقت مقاطع من قصيدة غزلية مطولة، تحمل عنوان:»تعال نمطر»،حيث «يمتدُّ صمتٌ كثيفٌ، وتضيق السّماء بِغَيْمنا، و ينِزُّ بوحٌ من المَسامِّ الخَرساء..». وحيث « تتّكِئ الوسادة، على وجَعنا، والسّريرُ، عبَثا يصرُّ، على طيِّ المسافات، بينما، يُعانِقُ كِلانا، سَفره السّري..». واستحضرت في قصيدة أخرى روح والدها الذي توفي أثناء أدائه مناسك الحج، وكانت قصيدة رثائية، توحد معها الحضور في جو مطبوع بالرهبة. تعاقب على المنصة بعد ذلك، مجموعة من طلبة المركز، حيث ألقوا مجموعة من الأشعار بعدة لغات: العربية والدارجة والفرنسية والأمازيغية، وقد حفلت هذه القصائد، بألوان العشق والحنين والتجارب العاطفية، والمناجاة.