اتبع الأستاذ الجامعي جوناثان شام طريقة سهلة لقياس مدى تفشي سرطان القولون والمستقيم القاتل في بلد ما. يقول شام إنه ينظر إلى مطاعم الوجبات السريعة ذات الطراز الغربي، وحيثما وجدها، يدرك أن هناك احتمالا لأن تشهد الدولة المعنية معدلا متزايدا للإصابة بمرض سرطان القولون والمستقيم. أوضح شام، الخبير المتخصص في أمراض السرطان بجامعة هونج كونج، أن ذلك يرجع إلى أن وجود مطاعم الوجبات السريعة دليل على أن البلد الذي توجد فيه يتبنى نظاما غذائيا غربيا، يتضمن اللحوم الحمراء والدهون التي تعرف بأنها تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. وفي جميع أنحاء العالم، يزيد معدل الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، أو سرطان الأمعاء، حيث تم تسجيل 610 آلاف حالة جديدة في عام 2008. وحيث أن هذا النوع من السرطان مرتبط بالثراء والرفاهية، فإنه حتى وقت قريب كان أقل انتشار في آسيا منه في الدول الأكثر تقدما وثراء. ورغم ذلك، فإن الثراء المتزايد والإقبال على الأطعمة الغربية في المدن الآسيوية ساهم في ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الأمعاء، ليصبح الآن واحدا من أشد أنواع السرطان فتكا في المنطقة. في هونج كونج، ارتفع عدد حالات الإصابة بهذا السرطان بنسبة ثلاثة في المائة سنويا على مدار الأعوام العشرين الماضية. وقد صار هذا المرض الآن ثاني أكثر أنواع السرطان انتشارا هناك، ليمثل نسبة 16,4 في المائة من إجمالي حالات الإصابة الجديدة بالسرطان ، وثاني أكثر الأمراض تسببا للوفاة ، حيث أودى بحياة 1686 شخصا في عام 2008. هذا الاتجاه المنذر بالخطر يتردد صداه في سنغافورة ، حيث يمثل سرطان القولون والمستقيم بالفعل أكثر أنواع السرطان تهديدا، إذ بلغ عدد حالات الإصابة بالمرض 6807 حالات من أصل 42 ألف حالة إصابة بالسرطان في الفترة بين عام 2001 و2005. الأمر نفسه ينطبق على تايوان، حيثما صار سرطان القولون والمستقيم أكثر أنواع السرطان شيوعا في عام 2006، ليتفوق بذلك على سرطان الكبد. كما أن هناك بوادر بالفعل تشير إلى أن سرطان الأمعاء يجد له موطئ قدم في بلدان آسيوية أخرى، حيث تسجل مدن مثل بانكوك وشنغهاي بالفعل معدلات إصابة بهذا المرض أكبر بكثير من المناطق الريفية في تلك البلاد. يقول شام: «كان هناك ارتفاع هائل في عدد حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، نتيجة للحياة المدنية الحديثة التي يتناول فيها الناس كميات أكبر من اللحوم والدهون الحيوانية، لا سيما لحم البقر، وكميات أقل من الخضروات والفواكه، ولا يمارسون فيها الرياضة بالقدر الكافي». فقد لوحظ أن هذا العامل وحده يقف وراء تفشي سرطان الأمعاء في اليابان، التي شهدت زيادة في استهلاك اللحوم بمقدار عشرة أمثال في الفترة بين حقبتي خمسينات وتسعينات القرن العشرين. كما يزيد خطر الإصابة بهذا المرض لدى المدخنين ومدمني المشروبات الكحولية، وكذا لدى المسنين، إذ أن ما يقرب من 90 في المائة من حالات الإصابة تخص أشخاصا فوق سن الخمسين عاما. ذلك سبب آخر وراء ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الأمعاء في مناطق مثل هونج كونج، تشهد نموا في عدد السكان المسنين.