مساءلة الجزائر حول قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود وإبراز المحنة الأليمة للأسر المغربية المطرودة من الجزائر سنة 1975 خضعت الجزائر، يوم الثلاثاء الأخير للمساءلة، في جلسة عامة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، بخصوص مسؤوليتها عن مأساة مصطفى سلمى ولد سيدي مولود المحروم من ملاقاة عائلته بمخيمات تندوف. وندد مندوب العمل الدولي للسلم والتنمية لمنطقة البحيرات الكبرى حمدي شريفي، أمام مجلس حقوق الإنسان، بالخروقات الممنهجة لحرية التعبير والتنقل في مخيمات تندوف مشيرا إلى حالة مصطفى سلمى ولد سيدي مولود. وذكر بأن هذا المدير السابق لشرطة (البوليساريو) حرم من حقه في التعبير بحرية من طرف مليشيات هذه الحركة لسبب بسيط، هو أنه عبر عن رأي مخالف لرأي (البوليساريو) والجزائر من خلال دعمه للمقترح المغربي للحكم الذاتي في جهة الصحراء. وأضاف شريفي أنه بعد أن تم احتجازه عدة أسابيع، تم منع ولد سيدي مولود من طرف مليشيات (البوليساريو) من الالتحاق بمخيمات تندوف بالجزائر حيث ما يزال باقي أفراد عائلته محتجزين مشيرا إلى أن ولد سيدي مولود لا يستطيع الالتحاق بزوجته وأبنائه. وقال إنه في الوقت الذي تصم فيه مليشيات (البوليساريو) المدعومة من الجزائر، الأذان، فإن مجلس حقوق الإنسان يتحمل مسؤولية معالجة حالات الانتهاك لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف بما فيها الخروقات المكشوفة والممنهجة للحق في حرية التعبير وهو الأمر الذي يتطلب عملا استعجاليا من قبل المجتمع الدولي. وأشار إلى أن حالة ولد سيدي مولود ليست إلا مثالا لآلاف الحالات الأخرى لخروقات حق التعبير المرتكبة يوميا في مخيمات تندوف حيث تقوم ميليشيات (البوليساريو) بمباركة من الجزائر وأمنها العسكري، باحتجاز السكان وإخضاعهم لممارسات وحشية ولا إنسانية. وأكد شريفي أنه يجب على الجزائر الامتثال لمقتضيات الاتفاقيات الدولية التي وقعتها وأن تعمل على تمكين مصطفى ولد سيدي مولود من العودة وملاقاة عائلته. كما دعا المتدخل مجلس حقوق الإنسان إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان عودة آمنة لولد سيدي مولود، إلى مخيمات تندوف وضمان حقه في التعبير عن آرائه بحرية لدى عودته إلى المخيمات. وختم بالقول إن نجاعة هذا المجلس مرتبطة بمدى قدرته على تمكين مصطفى سلمى من الالتقاء بعائلته، وكذا ضمان حق سكان المخيمات في التعبير بحرية عن آرائهم. وفي سياق آخر، أثارت الوكالة الدولية للتنمية، انتباه مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأممالمتحدة، الملتئم في إطار دورته 16، إلى محنة ومعاناة الأسر المغربية المطرودة من الجزائر سنة 1975. وذكر مندوب الوكالة ميلود الشاوش خلال تدخله في جلسة عمومية للمجلس في اليوم ذاته، بالمأساة التي عاشتها 45 ألف أسرة مغربية طردت يوم 18 دجنبر 1975 من طرف السلطات الجزائرية بطريقة مجحفة، ومن دون سابق إشعار، وذلك كرد فعل انتقامي إزاء تنظيم المسيرة الخضراء التي أتاحت عودة الصحراء إلى الوطن الأم، المغرب. وذكر أيضا بكون 45 ألف أسرة مغربية تم اقتيادها إلى الحدود تاركين ورائهم أقاربهم، كما تم تجريدهم من ممتلكاتهم ومواردهم الأساسية. وحتى المرضى الذين كانوا طريحي الفراش في المستشفيات لم يستثنوا من هذا التعامل غير الإنساني. وقال ميلود الشاوش إن الشهادات المستقاة من طرف الوكالة الدولية للتنمية لدى بعض الضحايا تبرز الحجم المأساوي لهذه التراجيديا التي اتخذت أشكال متعددة، حيث شملت أعمال الاعتقال، ونزع الملكية، ومصادرة الممتلكات، والتفتيش الجسدي المهين، والسب، وبل حتى الاغتصاب في بعض الحالات. وأشار إلى أن وفيات سجلت أثناء عملية الترحيل في صفوف المرضى والأشخاص المسنين الذين عانوا من هذه الإجراءات اللاإنسانية. وذكرت الوكالة بأن اللجنة الأممية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم طالبت الجزائر خلال تناولها للتقرير الخاص بهذا البلد يومي 27 و28 أبريل 2010، بأن تبادر باتخاذ الإجراءات الضرورية لإعادة الممتلكات الشرعية للعمال المهاجرين المطرودين، ومن ضمنهم العمال المهاجرين المغاربة المطرودين في الماضي، أومنحهم تعويضات مناسبة. كما أوصت هذه اللجنة باتخاذ الإجراءات الملائمة من أجل لم الشمل العائلي لهؤلاء العمال المغاربة المطرودين مع أفراد أسرهم الذين بقوا في الجزائر. وقال ميلود الشاوش إن هذه الأسر تسائل اليوم المجموعة الدولية من أجل العمل على تنفيذ هذه التوصيات، وتحميل الدولة الجزائرية مسؤولياتها الكاملة، والقيام بجبر الضرر الذي لحق المتضررين.