كان لجمهور مهرجان “موازين.. إيقاعات العالم” في ثالث أيامه، موعد مع احتفالية استثنائية بحضور مجموعة من الفنانين المبدعين الذين أتوا من جميع أنحاء العالم. وذكر بلاغ لجمعية مغرب الثقافات أن منصة “أو. إل. إم السويسي”، عرفت تألق الثنائي الفرنسي بيغ فلو وأولي الذين أمتعا الحضور، الذي تغنى معهما بجميع عناوين ألبوماتهما الشهيرة. وعلى المنصة الدولية – يضيف البلاغ- كان لدادجو أداء متميز حظي بإعجاب الرواد. كيف لا وهو الكونغولي أخ المغني ميتر جيمس وصاحب تتويجات نرج ميوزيك أواردس 2018. وبمنصة النهضة، كانت ملكة المسرح، المغنية مريام فارس، بطلة الأمسية، وذلك بتقديمها مزيجا من الأغاني العربية، فنجحت في جعل هذه الأمسية حدثا لن ينسى. ومن القاهرة، جاء الثنائي أوكة وي أورتيغا ليحيي سهرة مبهرة، حيث تغنى محمد صلاح وأحمد متولي بعناوين تبحر بين الموسيقى الشعبية المصرية وثقافة الهيب هوب، تاركين صدى جميلا لدى الجمهور. رمز آخر من رموز الموسيقى العربية، الفرقة اللبنانية “مشرو ليلى”، التي أدت عرضا لا ينسى على المسرح الوطني محمد الخامس لموسيقى الروك بإيقاعات الإلكترو واللمسات الشرقية، فكان إحساس موسيقى الشرق الأوسط ذا وقع معبر لدى الجمهور المتجاوب. وعلى منصة ابي رقاراق، أوضح بلاغ الجمعية أن كيري جيمس قدم عرضا من أغاني موسيقى الراب الهادفة التي أبهرت حشد الجماهير وجعلت من هذه الأمسية حدثا صيعب نسيانه. إلى جانب ذلك، استقبلت خشبة سلا الشعبية رائدين للموسيقى الغربية: جبارة، الذي سافر بالجمهور إلى عوالم الموسيقى الأمازيغية والأندلسية والراي والكناوة والبلوز والريغي والفلامنكو والروك والسول. كما عاش الجمهور لحظات فنية لن تنسى مع المغنية المغربية سعيدة شرف على نغمات الأغنية الصحراوية والأمازيغية. وكانت الأجواء السحرية لشالة محطة للذواقين من رواد موازين، حيث شهدت عروضا للفرقة التركية شئكيخروني التي أبدعت في مزج الألوان الموسيقية للغجر والسفاردي والريبيتيكو وغيرهم من الجماعات العرقية من مختلف المناطق. وخارج المنصات، كان حضور مهرجان “موازين.. إيقاعات العالم”، مرة أخرى، وازنا في شوارع الرباط من خلال برنامج للفرق و عروض الشارع. حيث أدهش عازفو فرقة أقديم بتوكادا الزوار بنغمات السامبا والهيب هوب والسالسا والهاوس والشعبي، وقدمت مجموعة السيرك أكرو موروكو، ببراعة، ألعابا بهلوانية من الفولكلور المغربي. في حفل خيالي بإيقاعات الراب الحماسية، أعاد مغني الراب الفرنسي أوريلسان تحديد “أساسيات” الحفل الناجح على منصة “أو إل إم السويسي”، بفضل أغنيته “بازيك” (أساسي)، بينما ألهب الأمريكي “فيوتشر” حماسة الجماهير بأغنيته “ماسك أوف” (بدون أقنعة)، وذلك في إطار الدورة الثامنة عشر من مهرجان “موازين.. إيقاعات العالم”. وابتدأ أوريلسان الحفل بعبارة: “نحن بحاجة إلى مراجعة القواعد”، هذه الجملة كانت كافية لإشعال حماس الجمهور الغفير الذي عرف على الفور أن المغني يقصد أغنيته “بازيك” التي سجلت أكثر من ستين مليون مشاهدة على موقع اليوتوب. حيث تفاعلت الجماهير بشكل هستيري وعفوي مع كلمات الأغنية التي سجلت نجاحا قياسيا. وبعد هذه البداية الموفقة، تابع أوريليان كوتونسيون (أوريلسان) الحفل بتقديم أغنية “LA PLUIE” (الشتاء)، التي أصدرها بتعاون مع المغني الشهير “ستروماي”، ثم أغنية “Bonne meuf” (فتاة جيدة)، بالإضافة إلى أغنية “Dis-moi” (قولي لي) بإيقاعاتها الهندية، حيث أمتع الجمهور بموسيقى راب لاذعة، تتسم بالحزن أحيانا، ومحفوفة بالدعابة الساخرة اتجاه الحياة في أحيان كثيرة. وبعد سهرة مليئة بالحماسة والحيوية رفقة مغني الراب الفرنسي أوريلسان، كان الجمهور أكثر من متعطش لمواصلة الاحتفال والسهر مع أحد أبرز نجوم الراب الأمريكي في الوقت الحالي. ولم يكن على مغني الراب الأمريكي “فيوتشر” سوى اعتلاء المسرح مرتديا قميص المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، لتنطلق صيحات وهتافات أقل ما يقال عنها أنها حماسية إلى حد الهستيريا. وبدأ “فيوتشر” الذي كان مصحوبا ب “دي جي”، الحفل بمجموعة من أغانيه الأكثر شهرة، أمام جمهور متحمس ومنبهر بالأداء المتفرد لهذا الرابور الأمريكي المتميز. وازداد الجمهور حماسة بانضمام ثلاثة راقصين للمغني الأمريكي الملقب ب “ويتزر” (الساحر)، الذين رقصوا وخلقوا أجواء احتفالية بامتياز على إيقاعات أغاني مثل “New level”، و”No cap”، و”Blasé”، وغيرها. وبصم مغني الراب ذو الضفائر الملونة، على حضور استثنائي وإبداع لا مثيل له، حيث حرص طيلة السهرة على الحركة فوق الخشبة بحماس وطاقة منقطعة النظير، ما جعل هذا الحفل الذي جمع نجمين من أبرز نجوم فن الراب بعشاق هذا الفن، من أبرز الحفلات على الإطلاق. وفي ليلة عنوانها النشاط والموسيقى والحركية، تلألأت مساء أمس الاثنين، سماء ضفاف أبي رقراق، في حفل فني من توقيغ مجموعة أمازون إفريقيا المتميزة، أبهر جمهور اليوم الرابع من الدورة الثامنة عشرة من مهرجان “موازين.. إيقاعات العالم”. واعتلت فنانات فرقة أمازون إفريقيا، اللواتي تميزهن شجاعتهن وجرأتهن، منصة أبي رقراق كمحاربات مسلحات بألحانهم البسيطة والمتطورة، فبأناقتهن وخطى ثابتة رسمن إطلالتهن على جمهور المنصة. برفقة موسيقيين موهوبين، لم يمض وقت طويل على ماماني كيتا ونياريو وفافا روفينو لإيقاظ الحماس والعاطفة التي ملأت بهدوء قلوب رواد مهرجان موازين، الصغار والكبار، والرجال كما النساء، وذلك بواسطة كلماتهن الساحرة وصوتهن الرنان. ورسمت هذه المجموعة، التي تحمل مشعل كفاح جماعي أنثوي مشرف عنوانه مكافحة العنف ضد المرأة، تفاصيل السهرة بمقطوعة “Doona” التي هزت قلوب الجمهور. وواصلت نساء المجموعة، اللواتي اعتدن على تولي زمام المبادرة وتحدي المحظورات، احتفالهن مع الأغنية “Nebao”، أبحرن بها بجمهور عفوي وحيوي، في جو موسيقي مليء بالمعاني والعواطف. وبمنتهى المرح، خاطبت فنانات أمازون، اللواتي لم يقتصرن فقط على التغني بالمرأة بل بالرجل أيضا، جمهور أبي رقراق، ودعونه إلى التصفيق والقفز والانضمام إلى لحظة من الهيجان والانتعاش. واختتمت المغنيات التلاث، اللواتي مررن بينهن علم المملكة المغربية بكل فخر واعتزاز، حفلهن، على إيقاعات موسيقية ورقصات إقريقية. وتعد كانديا كوياتي، وماماني كيتا، ونوكيا كوني، وأنجيليك كيدجو، ونيكا، ومريم كوني، ومونيسا تاندينا، وباميلا بادجوغو من رائدات مجموعة أمازون إفريقيا التي تعد من أرقى الأصوات النسائية الغنائية في إفريقيا والمناهضة للعنف ضد النساء، والتي تعمل كل واحدة منهن من أجل رفع مستوى الوعي العام بضرورة مكافحة العنف ضد النساء عبر الموسيقى. وحلق النجم الفلسطيني محمد عساف بجمهور منصة النهضة في سفر موسيقي حالم، خلال أمسية فنية أقيمت يوم الاثنين، فمن الناصرة وطول كرم والخليل مرورا بالقدس وغزة ونابلس، اختزل محمد عساف “الملقب ب “محبوب العرب” المسافات الفاصلة بين المغرب وفلسطين، مستحضرا عراقة مواقعها التاريخية الحاضرة في وجدان المغاربة، فتفاعل معه الجمهور مرددا كلماته وراقصا على إيقاع نغماته. وخلق الجمهور الفلسطيني الحاضر بمنصة النهضة الحدث من خلال تجاوبه الكبير مع عساف ورقصه على إيقاعاته المستلهمة من التراث الشرقي المتنوع. وكانت الأجواء الحماسية والتفاعل المدهش مع المقطوعات الموسيقية لعساف السمة الغالبة على الأمسية التي ستبقى خالدة في أذهان محبيه، الذين جاؤو بأعداد غفيرة للاستمتاع بطربه الأصيل وصوته القوي. وبأدائه الباهر ووهج حضوره، سافر محمد عساف بالحاضرين إلى عوالم الطرب العربي الأصيل بكلمات راقية وموسيقى متقنة تضرب في جذور الثقافة الشرقية، فكان الأمر أشبه بحوار ثقافي بين شرق وغرب المنطقة العربية. واستحضر الفنان ذو القاعدة الجماهيرية الكبيرة، سلطان الطرب العربي جورج وسوف، عندما غنى رائعته “الهوى سلطان”، مؤكدا خامته الصوتية القوية وقدرته على تسلق درجات المجد الفني. ويعتبر محمد عساف خريج برنامج “عرب آيدول”، من المطربين الشباب الذين نجحوا خلال ظرف وجيز في تحقيق النجومية والشهرة، كما أنه أول مطرب عربي يشارك في افتتاح حفل عالمي تابع ل “الفيفا”، وذلك في إطار كأس العالم لكرة القدم 2014 في البرازيل. وعلى نفس المنصة، خلق المغني المصري “سعد الصغير” المعروف بأغنية “العنب” أجواء احتفالية، مطلقا زوبعة من التصفيق والرقص لدى الجمهور من مختلف الأعمار. وحمل المطرب الشعبي العلمين المغربي والمصري، باعثا تحية خالصة إلى الجمهور المغربي، معبرا عن امتنانه له ومساهمته في صناعة نجوميته. وبأهازيج شعبية ورقصات بصحبة فرقته الموسيقية، جعل سعد من سهرته أقرب إلى حوار غنائي مع الجمهور، قبل أن يشعل نيران المتعة بتأديته ل “ولعها نار” ثم “الحنطور” التي نال بفضلها شهرة عربية واسعة وصارت مطلبا ملحا لمحبيه في كل حفلاته الموسيقية. ومن جهة أخرى أكد نجم موسيقى الراي الجزائري، رضا الطلياني، أن أغنية الراي هي مرآة تعكس الحياة اليومية لمجتمعات البلدان المغاربية. وقال رضا الطلياني، أنه غالبا ما يهتم في أغانيه “بالقضايا الاجتماعية والشبابية، بما يعكس دور الراي الذي يعد فنا يتوافق بشكل وثيق مع تطلعات وآمال المجتمع”. وأكد أيضا على أهمية اختيار الكلمات المناسبة للابتعاد عن “العامية”، مشيرا إلى أن الكتابة هي عنصر أساسي لنجاح الأغنية ولجعل هذا النوع من الموسيقى معروفا على نطاق واسع. وبخصوص أعماله الفنية المستقبلية، قال رضا الطلياني إنه سيصدر قريبا العديد من الأغاني بأساليب مختلفة وأغاني مائة في المائة بالفرنسية، مضيفا أنه سيظل دائما منفتحا على أي اقتراح للتعاون مع المواهب الشابة. من جانبها، سلطت المغنية الأمازيغية الناجحة، سعيدة تيتريت، التي ستقدم عروضا على نفس المنصة ليلة اليوم، الضوء على التطور الهائل الذي عرفته الأغنية الأمازيغية، والتي بدأت تفرض نفسها في الساحة الفنية خلال السنوات الأخيرة. وأضافت تيتريت أن هذا النجاح الكبير هو نتيجة لجهود أعمدة ورواد الأغنية الأمازيغية، لاسيما الراحل محمد رويشة، وموحى الحسين، وفاطمة تبعمرانت، وعائشة تاشينويت، الذين ساهموا إلى حد كبير في نشر وإشعاع الأغنية الأمازيغية. من جهة أخرى، عبرت الفنانة الأمازيغية تيتريت، التي تعتبر واحدة من أوائل النساء اللواتي ساهمن في تحديث الأغنية الأمازيغية، عن أسفها حيال وضعية المغني الأمازيغي في المشهد الفني، داعية إلى دعم المواهب الشابة للحفاظ على هذا التراث المغربي الغني.