يبدو أن الإجراءات التي اتخذت خلال السنة الماضية في مجال تحسين آجال أداء مستحقات المقاولات المترتبة على الإدارات العمومية بدأت تؤتي أكلها. ففي هذا الإطار، اعتبر صلاح الدين مزوار، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن هذه الإجراءات مكنت من إحراز “تقدم كبير”، مشيرا إلى أن “وزارتي الاقتصاد والمالية والداخلية والسلطات المحلية والقطاع الخاص تجندت من أجل بلورة استجابة سريعة لهذه الإشكالية من خلال تسريع وتيرة أداء الضريبة على القيمة المضافة وتسوية متأخرات الدولة المستحقة للمقاولات، والتي وصلت إلى مبالغ ضخمة”. وخلال اجتماع نظمه الاتحاد العام لمقاولات المغرب أول أمس الثلاثاء بالرباط بشراكة مع وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية حول موضوع “تقليص آجال الأداء .. مسؤولية جماعية”، أعربت الحكومة وأرباب المقاولات عن ارتياحهما للنتائج التي أسفرت عنها التدابير التي اتخذت في 2018 لتقليص آجال الأداء وتجاوز هذه الإشكالية التي “تؤثر بشكل خطير” على الاقتصاد والمقاولة والشغل. ونوه ممثلو الحكومة ومجتمع الأعمال، بالتدابير التي تمت بلورتها على جميع المستويات. واعتبر مزوار بذات المناسبة أن تسوية مسألة المتأخرات وآجال الأداء مسؤولية جماعية تقع على عاتق الدولة والمقاولات، وينبغي النظر إليها ليس فقط على أنها مسألة أخلاقية تعيق حسن سير المقاولة وعجلة الاقتصاد، بل تسبب أيضا العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما أن 40 في المائة من إخفاقات المقاولات، وخاصة منها الصغيرة جدا، ترتبط، حسب المتحدث، بآجال الأداء والتأخر في الدفع. كما أشار إلى أن الاتحاد أطلق مجموعة من الإجراءات تهم هذه المسألة بشكل مباشر، مذكرا على الخصوص بوضع “ميثاق حسن الأداء” داخل الاتحاد، وهي مبادرة انخرطت فيها حتى الآن 150 من المقاولات الكبرى. من جانبه، أبرز وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، الجهود التي بذلها مختلف المتدخلين لحل إشكالية آجال الأداء التي “تضر بالتدبير العمومي السليم وبالمقاولة وبحيوية الاقتصاد الوطني”. وأكد بنشعبون أن من بين المبادرات التي تم اتخاذها في هذا الإطار إصلاح آجال الأداء وإحداث لجان جهوية مكلفة بمراقبة آجال الأداء، وإطلاق المنصة الإلكترونية “آجال”، في أكتوبر 2018، لتلقي ومعالجة شكايات الممونين بخصوص آجال الأداء. وأضاف الوزير أن التدابير المتخذة لمعالجة إشكالية آجال الأداء تشمل بلورة مواكبة محددة للمؤسسات والمقاولات العمومية من أجل إصلاح نظمها المعلوماتية ونظم التدبير والحكامة، واعتماد آلية للتتبع الفصلي فضلا عن آليات مصاحبة لبعض المؤسسات لتسوية ديونها المستحقة. كما أشار إلى تسريع وتيرة عملية الإفراج عن مخصصات الميزانية والإجراءات الخاصة بتسوية الضريبة على القيمة المضافة، موضحا أن هذا الإجراء قد مكن من خفض الاعتمادات المستحقة برسم الضريبة على القيمة المضافة من 40 مليار درهم في عام 2017 إلى أقل من 10 ملايير درهم سنة 2018. هذه الإجراءات أدت أيضا، حسب الوزير، إلى تقليص آجال الأداء بشكل ملحوظ بما مجموعه 19 يوما بالنسبة للدولة “من 58 يوما في 2017 إلى 39 يوما في 2018″، و14 يوما بالنسبة للسلطات المحلية “من 58 إلى 44 يوما”، ومثلها للمؤسسات والمقاولات العمومية (من 78 يوما إلى 64 يوما). ولضمان استمرارية هذه الدينامية، يضيف بنشعبون، تعمل الوزارة على ترسيخ التدابير التي سبق اتخاذها من خلال إطلاق واستكمال إجراءات جديدة فيما يتعلق بهيكلة ميزانيات المؤسسات والمقاولات العمومية، وحوسبة الأداءات، وإطلاق عملية تفكير في اعتماد الرقمنة الشاملة للصفقات العمومية وتنظيم الممونين. ونبه إلى أن اعتماد نظام الإيداع الإلكتروني للفواتير بداية شهر ماي 2019 يشكل أحد التدابير التي ستساعد لا محالة في تسوية إشكالية آجال الأداء.