حراك شعبي غير مسبوق واستنفار أمني كبير تشهد ليبيا استنفارا أمنيا منذ عدة أيام وحالة ترقب وتخوف على مستوى الدولة من المظاهرات التي ينادي بها ناشطون على موقع فيسبوك، مما أدى إلى استدعاء الأمن عددا من المدونين الناشطين على هذا الموقع. وأفاد مصدر للجزيرة نت بأن النظام استنفر رجال الأمن الداخلي والخارجي وجميع أجهزة الشرطة واللجان الثورية لمواجهة ما ينادي به شباب على فيسبوك. كما قامت حركة اللجان الثورية في مدينة بنغازي بإنشاء غرفة عمليات إلكترونية على مستوى المدينة، وخصصت لها 20 مواطنا ثوريا مهمتهم الرد على المجموعات المناهضة الداعية للخروج في مظاهرات يوم 17 فبراير.. وأكد ناشطون على موقع فيسبوك أن الأمن الداخلي في بنغازي قام مساء الخميس باعتقال أحد الناشطين على الموقع، وهو المواطن جلال الكوافي البالغ من العمر 39 سنة. وأوضحوا أن القبض على الكوافي جاء بعد القبض على عدد من الناشطين على فيسبوك من المطالبين بالحقوق العامة في ليبيا. وناشد مراقبون ليبيون المنظمات والجمعيات الحقوقية الليبية والدولية بتبني قضية اعتقال هؤلاء الناشطين لإطلاقهم فورا، وذكروا السلطات في ليبيا بأن سياسة القمع والبطش والاعتقال التعسفي والسجن لأصحاب الرأي المخالف هي التي ستزيد من درجة الاحتقان. ونبهوا إلى أن الغضب هو الذي يقرب من حالة الانفجار الشامل ويفرض على الشعوب المطالبة بحقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبحريتها وكرامتها، مستلهمة في ذلك ثورات شعبية عظيمة هبت وتهب في دول مجاورة غرب ليبيا وشرقها. سلسلة اجتماعات من ناحية أخرى علمت الجزيرة نت أن الزعيم الليبي معمر القذافي يعقد هذه الأيام سلسلة من الاجتماعات مع عدد كبير من الوفود التي قدمت عليه من مختلف المدن الليبية. وسادت هذه الاجتماعات أجواء من المصارحة والمكاشفة، وقام المواطنون المتحدثون في هذه اللقاءات بكشف الأوضاع السيئة التي يعيشونها في مدنهم والشكوى من تسلط المسؤولين واختراقهم للقانون، دون أن يعقب القذافي على لقائهم ولو بكلمة واحدة بل كان يستمع إليهم فقط. وقام القذافي الأحد الماضي بلقاء سبعة إعلاميين وصحفيين شباب من مدينة بنغازي، وحضر الاجتماع ثلاثة من أبرز القيادات الأمنية في ليبيا، وتم الحديث في هذا اللقاء عن حرية الرأي والتعبير وسادته أجواء من المصارحة والهدوء. وأعطى القذافي تعليماته في هذا اللقاء بعودة البرنامج المسموع مساء الخير بنغازي الذي كان يبث عبر إذاعة بنغازي المحلية وأيضا عودة صحيفة قورينا إلى الصدور الورقي اليومي. كما قام القذافي في لقاء آخر جمعه مع مجموعة من محامي مدينة بنغازي قبل لقائه بالإعلاميين الشباب باعتماد نقابة المحامين التي قاموا باختيارها بدلا عن النقابة الحالية التي تدين بالولاء لحركة اللجان الثورية، وهي نقابة انتهت مدة ولايتها. وهناك أنباء عن قرب تشكيل حكومة ليبية جديدة في الأيام المقبلة تكون مؤلفة من عدد من الليبيين من مختلف الأطياف والتيارات السياسية. ويتوقع في اليومين المقبلين أن يفرج عن عدد من أعضاء الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا من الموجودين حاليا في سجن أبو سليم، وهذا الإفراج جاء بعد دخولهم في المراجعات التي أجراها أفراد الجماعة بصحبة قياداتهم على مدى خمس سنوات. هذا وطالبت مجموعة من الشخصيات والفصائل والقوى السياسية والتنظيمات والهيئات الحقوقية الليبية بتنحي الزعيم الليبي معمر القذافي، مؤكدين في ذات الوقت حق الشعب الليبي في التعبير عن رأيه بمظاهرات سلمية دون أي مضايقات أو تهديدات من قبل النظام. وجاءت تلك المطالب في بيان وقعه 213 شخصية ضمت شرائح مختلفة من المجتمع الليبي، من نشطاء سياسيين ومحامين وطلاب ومهنيين وموظفين حكوميين ورجال أعمال ومهندسين وأطباء وإعلاميين وربات منازل وأساتذة جامعيين وضباط وسفراء سابقين، ومن أطلقوا على أنفسهم ضحايا حرب تشاد، وغيرهم. كما ذيل البيان -الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- بأسماء بعض الحركات والمنظمات السياسية والحقوقية مثل الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وحركة التجمع الإسلامي الليبية، وحركة خلاص، والتجمع الجمهوري من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ورابطة المثقفين والكتاب الليبيين، ومنظمتي الراية والأمل لحقوق الإنسان، واللجنة الليبية للحقيقة والعدالة، وغيرها. وقال هؤلاء إن بيانهم يأتي سعيا منهم إلى «ترسيخ مبدأ حق الشعوب في التعبير عن رأيها بأي وسيلة سلمية تراها مناسبة، والإيمان بمشروعية هذا الحق، وحرصا على أن يكون التغيير في ليبيا -الذي هو قادم لا محالة- ذا طابع حضاري، وفي أفضل حال ممكن من السلم الاجتماعي، وحقنا لدماء أبناء وطننا». تنحية القذافي وأكد الموقعون على «ضرورة تنحي العقيد معمر القذافي هو وجميع أفراد أسرته عن كافة السلطات والصلاحيات والاختصاصات «الثورية» والسياسية والعسكرية والأمنية» التي قالوا إنها سلطات ظل القذافي يمارسها فعليا وينكرها ظاهريا. كما أكدوا «حق الشعب الليبي في الخروج للتعبير عن رأيه في تظاهرات سلمية، دون أي مضايقات أو استفزازات، أو تهديدات من قبل النظام أو عناصره». ودعا البيان «القوى الفاعلة في ليبيا لتأمين آلية انتقال سلس للسلطات والأجهزة السيادية من قضائية وتشريعية وتنفيذية في البلاد»، تمهيدا لبدء «عملية تحول سلمية نحو مجتمع يتميز بالانفتاح والتعددية». وأضاف أن «الأمر بيد الشعب الليبي الذي يمكنه -بإرادة الله- استلام زمام الأمور والخروج إلى الشارع للإمساك بفرصته في تقرير مصيره واختيار مستقبله السياسي والاقتصادي والاجتماعي»، مؤكدين أنهم سيدعمون «إعلاميا وحقوقيا وسياسيا المطالب المشروعة التي يرفعها الشعب الليبي في تظاهراته واعتصاماته السلمية». وأشار البيان إلى أن هذه المطالب تأتي في وقت تابع فيه جميع الليبيين ثورات الشعوب العربية في تونس ومصر ودول عربية أخرى، وهي تطالب بالخلاص من الحقبة المظلمة والدكتاتورية والفساد وتغييب حقوق الإنسان، حسب البيان. ويذكر أن القذافي هو أطول الزعماء العرب الموجودين في السلطة عمرا في مدة الحكم، حيث إن فترة حكمه تتجاوز الأربعين عاماً.