قدمت الحكومة الأردنية، برئاسة هاني الملقي، أول أمس الاثنين، استقالتها للملك عبد الله الثاني، على خلفية احتجاجات على مشروع قانون الضريبة على الدخل. وعين الملك الأردني، رئيسا جديدا للوزراء، في خطوة تهدف إلى تهدئة أكبر للاحتجاجات التي تشهدها المملكة منذ سنوات بسبب إصلاحات اقتصادية أضرت بالفقراء وطبقتها عمان بدعم من صندوق النقد الدولي. وكلف الملك عبد الله، الخبير الاقتصادي السابق في البنك الدولي، ووزير التعليم في الحكومة المنتهية ولايتها، عمر الرزاز بتشكيل الحكومة الجديدة. وحذر الملك عبد الله الثاني من أن "الأردن تقف اليوم أمام مفترق طرق، فإما الخروج من الأزمة أو الدخول في المجهول". وقال الملك عبد الله خلال لقائه إعلامي له، مع عدد من مسؤولي وسائل الاعلام، إن "الأردن يواجه ظرفا اقتصاديا وإقليميا غير متوقع، ولا توجد أي خطة قادرة على التعامل بفعالية وسرعة مع هذا التحدي". وأشار إلى أن "المساعدات الدولية للأردن انخفضت رغم تحمل المملكة عبء استضافة اللاجئين السوريين"، قائلا "هناك تقصير من العالم". من جهة أخرى، أكد في رسالة وجهها للملقي بعد قبول استقالة حكومته، على استمرارية هذه الحكومة في تصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة. وشدد في الرسالة، على أن التحديات التي تحيط بالأردن غير مسبوقة بتشعبها وتنوعها وامتدادها، مشيرا إلى أن استمرارية الأحداث على مدى سنين طويلة أثرت بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية وبالتحديد المالية منها، نتيجة الضغط المتزايد على الخزينة والقطاع التجاري والاستثمار، وبالتالي أثرت على معدلات النمو. وأضاف أن الدولة الأردنية، كخزينة ومواطنين، ونتيجة لتبعات الإنفاق المتزايد عليها، وفي جزئها الأكبر نيابة عن المجتمع الدولي، عانت من الفجوات التمويلية وارتفاعات في أسعار العديد من السلع والحاجات الضرورية، مما أثر ذلك بشكل مباشر على مستوى حياة المواطن ولقمة عيشه. ورغم كل هذه الإجراءات والمستجدات، التي عرفتها الأردن بسبب الاحتجاجات، تدفق نحو ألفي محتج ليلة الاثنين، على تجمع حاشد قرب مقر الحكومة، ولوحوا بالأعلام ورددوا هتافات مطالبة بإسقاط البرلمان. وطالب المحتجون بكل من العاصمة عمان وعدد من المدن والمحافظات، موجة من الاحتجاجات المطالبة بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل، وإعادة النظر في النهج الاقتصادي في البلاد، وكذا التعديلات الأخيرة التي طرأت على نظام الخدمة المدنية. وأكدت تقارير إعلامية محلية أن الأجهزة الأمنية الأردنية تعاملت مع هذه الاحتجاجات "بأقصى درجات ضبط النفس"، بحسب ما أكده مديرا الأمن العام اللواء فاضل الحمود، ومدير الدرك اللواء حسين الحواتمة، خلال مؤتمر صحفي، أول أمس الاثنين. وقال اللواء فاضل الحمود مدير الأمن العام "إن قوات الأمن اعتقلت 60 شخصا حتى الآن لمخالفتهم القانون خلال الاحتجاجات"، مضيفا أن "42 من أفراد الأمن أصيبوا بجروح". وذكر اللواء حسين الحواتمة مدير عام قوات الدرك لوكالة رويترز في الاحتجاج أن قوات الأمن موجودة لحماية المدنيين وأن الأمور تسير على ما يرام، لكنه شدد على أن السلطات لن تسمح لأحد بأن يحيد عن المسار السلمي. وفي حين رحب البعض بتغيير الحكومة، قال رئيس مجلس النقابات المهنية إن إضرابا يجري التخطيط له يوم الأربعاء سيمضي قدما ما لم يتم سحب مشروع قانون ضريبة الدخل. وكانت الحكومة الأردنية، أكدت في مناسبات عدة أن أي تأخير في تنفيذ "الاصلاحات الاقتصادية"، سيزيد من الاحتياجات المالية للأردن، وسيؤثر سلبا في المالية العامة الأمر الذي دفعها لاتخاذ حزمة من القرارات الاقتصادية تهدف إلى توفير ما لا يقل عن 760 مليون دولار تقريبا في شكل إيرادات إضافية. ويعاني الأردن من مديونية تقارب 35 مليار دولار تشكل 96 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويسعى لخفضها إلى 77 في المائة بحلول عام 2021.