تنعقد الدورة الثانية لللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية يومه السبت بالرباط، وذلك من أجل إقرار القانون الداخلي للحزب وانتخاب المكتب السياسي، وبذلك سيكون الحزب قد استكمل هيكلة جميع أجهزته ومؤسساته التنظيمية، عقب المؤتمر الوطني العاشر الذي جرى قبل أسبوعين ببوزنيقة، وكانت قد انعقدت في ختامه الدورة الأولى لللجنة المركزية، والتي انتخبت الأمين العام للحزب. إن اجتماع "برلمان الحزب" هذا اليوم، يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى جدول أعماله، وخصوصا لكونه سينكب على انتخاب أعلى هيئة تنفيذية في التنظيم الحزبي، وهي المكتب السياسي. وسواء من خلال أشغال ومناقشات جلسات المؤتمر في بوزنيقة أو القرارات المنبثقة عنه، وأيضا من خلال كامل العمل التحضيري الذي خاضه الحزب طيلة الشهور التي سبقت موعد المؤتمر الوطني، ثم من خلال المقتضيات التنظيمية الجديدة التي جرى العمل بها أثناء المؤتمر، فإن الواضح اليوم أن حزب التقدم والاشتراكية يعيش انتقالا تنظيميا وبنيويا أساسيا، وهو يندرج ضمن حرصه المعروف على التفاعل مع تطورات الواقع واشتراطاته… الحزب يتجدد، وذلك تماما كما كان عليه الأمر في مراحل تاريخية سابقة، وكما في الماضي، فهو يخوض اليوم كذلك تحوله وانتقاله الداخليين والإشعاعيين من داخل حرصه المبدئي والمعروف على قواعد الديمقراطية الداخلية والمشاركة الواسعة للمناضلات والمناضلين في صنع القرار الحزبي. الحزب لم يتردد في الثقة في مناضلاته ومناضليه، وفي الفروع والتنظيمات الحزبية القاعدية، واختار انتخاب غالبية أعضاء اللجنة المركزية من القواعد، ومنح هذا الأسلوب الجديد مستوى ملموسا من التجديد، وأبان أعضاء الحزب في المناطق والجهات عن حس عال من المسؤولية والغيرة على الحزب، وتمكن الجميع، تبعا لذلك، من الإسهام في إنجاح المؤتمر الوطني العاشر، وجعله خاليا من كل توترات كبيرة أو انغلاقات بلا مخارج. اليوم، تعود القيادة الحزبية المنتخبة لتجتمع في الرباط، ومن المؤكد أن الإحساس ذاته لا زال حاضرا لدى الجميع، ومرة ثانية لن يتردد الرفاق في خوض أسلوب المشاركة الواسعة، وإعطاء كلمة الفصل لصناديق الاقتراع… المناسبة هنا ليست لتوزيع الامتيازات الشخصية أو المناصب والكراسي، فهنا يتعلق الأمر بحزب مختلف، وثقافة مختلفة، وتربية مختلفة، ولكن الأمر يتعلق، عكس ذلك، بتكوين مكتب سياسي لقيادة الحزب بمعية الأمين العام للسنوات الأربع المقبلة، أي انتخاب فريق عمل مناضل ومنسجم وقادر على الإبداع والعمل. اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية تنكب إذن هذا السبت في الرباط على انتخاب مكتب سياسي يستطيع إنتاج فعل سياسي وتنظيمي مبادر وممتلك للقيمة والأثر، مكتب سياسي يستطيع أيضا حمل الرمزية التاريخية للحزب وحمايتها وتطويرها في اتجاه التقدم إلى الأمام، وتقوية الإشعاع العام للحزب، سياسيا وتنظيميا وإعلاميا ومجتمعيا وانتخابيا… لا شك أن الحزب هو كذلك وأساسا لجنته المركزية (أي الهيئة التقريرية في الحزب)، وأيضا فروعه المحلية والإقليمية ومنظماته الموازية وقطاعاته السوسيو مهنية ومنتخبوه وإعلامه وأطره، ولكن المكتب السياسي هو المؤسسة التنظيمية والحزبية التي تنفذ القرار الحزبي العام وتشرف على تصريفه، ومن ثم هي القيادة الحزبية التنفيذية التي تبرز في صورة المشهد السياسي الوطني والمجتمعي، وتجسد في بنائها وتركيبها، وفي منظومة عملها اليومي ومواقفها، قوة الإرادة الحزبية في الدفاع عن هوية التنظيم السياسي، وفي الإمساك النضالي القوي باستقلالية القرار الحزبي، التنظيمي والسياسي، وفي الدفاع عن الإصلاحات السياسية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أي تفعيل دينامية مجتمعية قوية تكرس نفسا ديمقراطيا جديدا في البلاد، وكذلك أن تنكب على تمتين الذات الحزبية الداخلية ومعالجة مختلف الاختلالات وتجليات النقص والضعف فيها، وتوفير فرص وممكنات إعمال خطة: "تجذر" التي سبق أن صادق عليها الحزب لتأطير عمله التنظيمي والإشعاعي للسنوات المقبلة. ضمن هذا الوعي العام، تلتئم إذن اليوم السبت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية في دورتها الثانية بعد المؤتمر الوطني العاشر، ومن المؤكد أن المساطر القانونية والقواعد الديمقراطية المتفق عليها بين الرفيقات والرفاق، تستطيع تأمين إنجاز جدول أعمال الاجتماع، ومواصلة النجاح التنظيمي الذي كرسته أشغال المؤتمر في بوزنيقة، ولكن أيضا بعد نظر أعضاء قيادة الحزب ووعيهم الكبير بتحديات المرحلة، وطنيا وحزبيا، وتربيتهم النضالية، من شأنهما بدورهما قيادة أعمال اللجنة المركزية نحو النجاح، وتمكين الحزب من استكمال تشكيل كل هيئاته التنظيمية، والانطلاق مباشرة نحو العمل وسط شعبنا، لأنه في نهاية الأمر وفي مبتدئه هذا هو جوهر السياسة، ودور الأحزاب الحقيقية.