يشكل النقد مدخلا أساسيا لقياس، طبيعة سؤال المعرفة ككل، المعرفة بكل مكوناتها وأبعادها. النقد في المجمل، هدم للمعرفة القائمة في أفق بناء معرفةأخرى. إنه فضاءللتربية الذوقية/الجمالية، والإنسانية ككل. معرفة من خلالها نطور أدوات القراءة، في أفق أن يطور من هو وراء المقروء، كيفية قراءته لما يقدم من متون سمعية بصرية. النقد أفق معرفي مفتوح، لا يجوز فيه -حسب جاك- حتى لمبدع ما نقرأ، أن ينفرد /يهيمن بشروحاته على ما قدمه. من هنا يمكن القول إن سؤال النقد السينمائي قد مر من مراحل متعددة، ليرسو في بعض ما يكتب، على أسس لا تخلو من عناصر علمية، عند البعض القليل، الذي يذهب إلى حدود هدم مجموعة من المسافات الفاصلة بين حدود الأجناس الفنية ككل، حيث تتم الاستفادة هنا من بعض المرجعيات النقدية الغربية (مثل جان اييف تادييه). خلخلة الحدود الفاصلة بين أشكال القول المعرفي والفني ككل، مهمة نقدية مهمة. في ضوئها نؤسس لمعرفة غير أحادية (وتجر) المقروء إلى ما هو أعمق، إلى تفكيك المفكر واللامفكر فيه. سؤال الهدم يجرنا كقراء إلى إعادة صياغة ما نقرأ في ضوء رؤية منهجية مركبة.كل هذا من الممكن أن يطرح اسئلة عميقة، يصب الكثير منها في اتجاه البحث عن كيفية الإمساك بأهم العناصر المشكلة للقول السينمائي. إن البحث في أسئلة النقد السينمائي، أسئلة تعيد دوما طرح أسئلة علمية من قبيل، من هو الناقد السينمائي؟ وما هي طبيعة المرجعيات النظرية والمعرفية والفنية الخ، التي ينبغي أن ينهض عليها الناقد؟ ما طبيعة إشكال القول النقدي الذي ينبغي أن تتوفر كعناصر أولية في قول هذا الناقد؟ أسئلة معرفية لا تخلو من أهمية، إذ من اللازم طرحها دوما، في أفق أن نجدد أدواتنا (القراءاتية). أسئلة كلما أحسنا طرحها كلما تبين لنا مدى ضرورة، أن نذهب إلى ما هو أعمق في كل قراءة نقدية لما نشاهده من قول سينمائي. قول يتم في السينما، بأدوات تخص السينما. في كل قراءة لابد من أن ننتج معرفة ذوقية/جمالية منفتحة على العديد من المعارف والفنون بل والثقافات.