بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    التنويه بإقالة المدرب العامري من العارضة الفنية للمغرب التطواني    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    مباراة الزمامرة والوداد بدون جماهير    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيان اليوم تحاور الأستاذ البصراوي علال في موضوع الاتجار بالبشر في القانون المغربي والمقارن
نشر في بيان اليوم يوم 07 - 03 - 2018

اعتبر الأستاذ علال البصراوي، محامي بهيئة المحامين بخريبكة، أن المغرب بسنه لقانون مكافحة الاتجار بالبشر، يكون قد لحق بصنف العديد من الدول التي وضعت قوانين تتصدى لظاهرة الاتجار بالبشر والتي سايرت الى هذا الحد أو ذاك المجهود الدولي في هذا المجال والذي يترجمه إطار مرجعي حقوقي هام تمثله عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في الموضوع، والملاحظات والتوجيهات والتقارير الصادرة عن أجهزتها المتخصصة وكذا عدد من الاتفاقيات ذات الطبيعة الإقليمية. وأضاف الأستاذ البصراوي، في حوار أجرته معه بيان اليوم، أن جريمة الاتجار بالبشر تتميز بعدة خصائص أهمها، كونها جريمة منظمة، أي جماعة ذات هيكل تنظيمي مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر، موجودة لفترة من الزمن وتعمل بصورة متظافرة بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطيرة أو الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى. وفيما يلي نص الحوار.
1 – ما هو السياق الذي تبنى فيه المغرب قانون مكافحة الاتجار بالبشر؟
إذا كان المغرب قد سن مؤخرا قانونا لمكافحة الاتجار بالبشر (القانون رقم 14-27) ، فإن ذلك قد جاء لسد فراغ كبير في مجال السياسة الجنائية من جهة، لكثرة وخطورة نشاط العصابات الاجرامية التي تتاجر بالبشر كجريمة عابرة للحدود، يمكن أن تطال اية دولة مهما كانت يقظتها الأمنية، ومن جهة أخرى، كون المغرب سن سياسة جديدة في موضوع الهجرة من ركائزها وضع وتعديل بعض القوانين، خاصة القانون المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمغرب والهجرة غير المشروعة ( القانون 03-02 ) والقانون المتعلق باللاجئين والقانون موضوع دراستنا والمتعلق بالاتجار بالبشر .
وبهذا القانون يكون المغرب، قد لحق بصنف العديد من الدول التي وضعت قوانين تتصدى لظاهرة الاتجار بالبشر والتي سايرت الى هذا الحد أو ذاك المجهود الدولي في هذا المجال والذي يترجمه إطار مرجعي حقوقي هام تمثله عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في الموضوع، والملاحظات والتوجيهات والتقارير الصادرة عن أجهزتها المتخصصة وكذا عدد من الاتفاقيات ذات الطبيعة الاقليمية.
2 – ماذا تعني بالضبط الاتجار بالبشر؟
بالرغم من وجود عدد من التعريفات المختلفة بينها في بعض الجزيئات، فإن التعريف الأكثر تداولا هو ذلك الذي تضمنته المادة الثالثة من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 ، والذي يصنف جريمة الاتجار بالبشر باعتبارها " تجنيد الأشخاص أونقلهم أوتنقيلهم أوايوائهم أواستقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أوغير ذلك من اشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أوإساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال .
3 – هل يشمل الاستغلال أشكال الاستغلال الجنسي؟
طبعا، يشمل الاستغلال كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر اشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء ".
4 – هل يمكن القول إن جريمة الاتجار في البشر يعني تحويل الإنسان إلى مجرد سلعة؟
هناك اجتهادات فقهية في هذا المجال، تعتبرأن جريمة الاتجار بالبشر، هي كل سلوك يحول الانسان أوأحد أجزائه الى مجرد سلعة أو ضحية يتم التصرف فيها مباشرة أو بواسطة وسطاء محليا أو عبر الحدود الوطنية بقصد استغلاله في أعمال بأجر متدن أو في أعمال جنسية أو ما شابهها، سواء كان ذلك باستخدام الضحية أو نقلها أو إخفائها أو تسليمها عن طريق التهديد أو الاختطاف واستخدام القوة والتحايل أوالإجبار أو أخد أوإعطاء مقابل لاكتساب موافقة شخص يسيطر على شخص آخر بهدف الاستغلال الجنسي أو الاجبار على القيام بالعمل
5 – في نظركم، ماهي خصائص جريمة الاتجار بالبشر؟
من خلال ما سبق، فإن جريمة الاتجار بالبشر تتميز بعدة خصائص أهمها:
أولا، أنها جريمة منظمة، أي جماعة ذات هيكل تنظيمي مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر، موجودة لفترة من الزمن و تعمل بصورة متظافرة بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطيرة أو الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى، وهي أيضا جريمة مركبة، أي أن ركنها المادي يتكون من أكثر من فعل أو يتكون من أفعال ذات طبيعة مختلفة يصلح كل منها ليكون بذاته جريمة (كالاختطاف المقترن بالاغتصاب )، وفي جريمة الاتجار بالبشر يكون التهديد أو الاختطاف أو الاحتيال وسيلة لارتكاب أفعال أخرى هي النقل أو التجنيد أو الايواء أو الاستقبال فنكون أمام جريمة واحدة مركبة هي جريمة الاتجار بالبشر .
من خصائصها، أيضا، أنها جريمة مستمرة: أي ان عناصر الجريمة تستغرق زمنا ولا تتم دفعة واحدة قتل الضحية أو ايواؤها أو استقبالها أو تجنيدها للاستغلال في الدعارة أو العمل القسري أوغيره تحتاج وقتا ليتم، وبالتالي فعنصر الزمن أمر جوهري في جريمة الاتجار بالبشر. كما تعتبر جريمة الاتجار بالبشر من الجرائم الواقعة على الأشخاص، وتوصف أيضا بالجريمة العمدية لأنه يصعب ارتكابها من طرف شخص أو اشخاص عن طريق الخطأ أوالاهمال، وأن كل الأفعال المشكلة لركنها المادي (النقل أو التجنيد او الايواء او الاستقبال …) تتم عن طريق القصد والعمد ولا يمكن حدوثها بخلاف ذلك.
6 – أين تتجلى خطورة الاتجار بالبشر؟
يعد الاتجار بالبشر اليوم واحدة من أخطر الجرائم لاعتبارات عدة، منها كونها جريمة عابرة للحدود، لكن في نفس الوقت تمارس داخل البلد نفسه، وكما يمكن أن يمارسها شخص، فإن خطورتها تزداد عندما تمارسها عصابات وشبكات منظمة وأحيانا محترفة، لكن أخطر أوجهها باعتبارها جريمة تمس الحق في الحياة والحرية وهي استمرار لنظام الرق والعبودية أخطر وجهها يتجلى في أمرين:
الأمر الأول، كونها تشكل اليوم ثالث تجارة غير مشروعة على مستوى العالم بعد تجارة السلاح وتجارة المخدرات. وتشير كثير من التقارير الدولية الى أن عدد ضحايا الاتجار في البشر من الأطفال والنساء تجاوز ثمانمائة ألف شخص سنويا عبر الحدود وأكثر من هذا الرقم داخل حدود بلدان العالم خاصة في الدول التي تعرف حروبا أو عدم استقرار، أو في بعض الدول الآسيوية التي يعتمد اقتصادها على السياحة.
7 – هل كل الدول معنية بالاتجار بالبشر بشكل أو بآخر؟
حسب تقرير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة الصادر سنة 2006، فقد أكد على خطورة وعالمية هذه الجريمة، ولاحظ أن كل الدول معنية بالاتجار بالبشر بشكل أو بآخر. وأشار التقرير بالمناسبة، إلى أن الاتجار بالبشر ينطلق من 127 دولة ويعبر 96 دولة ويتم الاتجاه بالضحايا الى 137 دولة حيث يتم استغلالهم خاصة في الدعارة وأعمال السخرة وأشار آنذاك الى أوربا الشرقية وآسيا ، وهذه الرقعة تتوسع باستمرار عبر خريطة العالم خاصة مع وسائل الاتصال والتواصل الحديثة والتي استغلتها الشبكات المتاجرة في البشر بشكل كثيف .الأمر الثاني الذي يجعل من الاتجار في بالبشر واحدة من أ خطر الجرائم كونه يمس جزءا من الفئات الأكثر هشاشة وتحديدا النساء والأطفال ويتم استغلالهم في أعمال السخرة والحروب، لكن النشاط الأساسي هو الاستغلال الجنسي .
8 – تشير الكثير من التقارير إلى أن الاستغلال الجنسي يشكل أزيد من 80 في المائة من أشكال الاتجار بالبشر؟
طبعا، هذا صحيح، وتشير التقارير أيضا أن 30 الى 36 في المائة من مجموع العاملين في أنشطة جنسية في جنوب شرق آسيا مثلا تتراوح اعمارهم بين 12 و17 سنة وفي شرق أوروبا بين 40 و50 في المائة من العاملات في الجنس فتيات قاصرات. كما تشير التقارير الى أنه جرى استخدام أطفال الملاجئ الذين تتراوح أعمار بعضهم بين 10 و12 سنة للاشتراك في أفلام إباحية.
وإذا كان فقر الأطفال الضحايا وعائلاتهم وانعدام أو ضعف الاستقرار السياسي والأمني في بلدانهم هو السياق المسهل للاتجار في الأطفال، فإن طرق وصول العصابات الاجرامية الى هؤلاء الأطفال تختلف، فقد يصل المجرمون اليهم عن طريق شرائهم مباشرة، أو أخذهم كبدل عن ديون في ذمة عائلاتهم التي عادة ما تكون تعاني الفقر، وأحيانا يتم اختطافهم و المطالبة بفديتهم وفي حالة عدم قدرة أهاليهم على دفع الفدية يتم بيعهم، كما يتم أحيانا توريطهم عن طريق تقديم الوعود بتشغيلهم في دول أخرى في ظروف جيدة، وبعد تهجيرهم يجدون أنفسهم عرضة الى قطع صلتهم بعائلاتهم حتى تتم السيطرة الكاملة عليهم .
9 – ماذا عن استغلال الأطفال في الحروب؟
قدرت منظمة اليونسيف أن ما يقارب 300 ألف طفل دون سن الثانية عشرة يستغلون حاليا في أكثر من 30 منطقة نزاع مسلح عبر العالم. ولاحظت أن أكثر الجنود الأطفال تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة، لكن في كثير من الأحيان تكون أعمارهم اقل من ذلك. أيضا من صور استغلال الأطفال استعمالهم في ترويج المخدرات وتهريبها، وتستغل العصابات الاجرامية الأطفال في نشاطها هذا لسهولة تعبئتهم وعدم درايتهم بخطر ما يقومون به وابعاده القانونية، ومن جهة أخرى احتمال انفلات الأطفال من المراقبة الأمنية كونهم أقل اثارة للانتباه.
ومن أوجه استغلال الأطفال ايضا استعمالهم في التسول أيضا من صور استغلال الأطفال، تشغيلهم في الخدمة المنزلية، إذ انتشرت في العديد من الدول شبكات تشتغل علنا وتعرض على أرباب البيوت خدماتها في جلب من يقوم بالخدمة المنزلية وغالبا ما يكون فتاة قاصر. ويتم جلب هؤلاء الأطفال غالبا من المناطق القروية الى المدن، ويكون ذلك عن طريق وسطاء بمقابل. كما انتشرت ومنذ سنوات عملية جلب العاملات في المنازل من دول جنوب شرق آسيا الى بعض الدول الخليجية وحتى الى دول في شمال افريقيا.
10 – وماذا عن القانون المغربي.. كيف يعرف جريمة الإتجار بالبشر؟
بالنسبة للقانون المغربي، فقد اعتبر جريمة الاتجار بالبشر قائمة عندما يتم تجنيد الضحية أو استدراجه أو نقله أو تنقيله أو ايواؤه أو استقباله بواسطة وسائل ذكر منها التهديد بالقوة او باستعمالها او الاحتيال او الخداع أو وسائل أخرى ذكرها، لكن في الفقرة الموالية من المادة 1-448 من القانون الجنائي، اعتبر انه لا يشترط استعمال أية وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى لقيام جريمة الاتجار بالبشر تجاه الأطفال الذين تقل سنهم عن ثماني عشرة سنة بمجرد تحقق قصد الاستغلال.
كما أنه رفع العقوبة في حدها الأدنى من خمس سنوات الى عشرين سنة والأقصى من عشر سنوات الى ثلاثين سنة وكذلك الغرامة إذا ارتكبت الجريمة ضد قاصر دون الثامنة عشرة.
ومع بعض الفوارق البسيطة خاصة في مدة العقوبة، فإن جل القوانين المقارنة شددت العقوبة في جريمة الاتجار بالبشر عندما يكون الضحية طفلا أو شخصا في وضعية إعاقة.
أما على مستوى الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية، فقد عملت على وضع مقتضيات كثيرة لحماية الأطفال في الاتجار بالبشر ووقفت عند ممارسات كثيرة شائعة تجعل الأطفال ضحايا لهذه الجريمة.
11 – هل يمكن اعتبار النساء أهم الفئات التي تقع ضحية لجريمة الاتجار بالبشر في جميع انحاء العالم؟ وماذا عن تعامل المنتظم الدولي مع ذلك؟
هذا أكيد، فالنساء من أهم الفئات التي تقع ضحية لجريمة الاتجار بالبشر في جميع أنحاء العالم ويتخذ ذلك صورا متعددة في مجالات متعددة سواء في المجالات الصناعية أو خدمة البيوت أو الجنس. وقد انتشرت هذه الجريمة منذ زمن طويل، لذلك بدأت ايضا مجهودات الدول بشكل فردي أو كمنتظم دولي في محاربتها أيضا مبكرا، وخير دليل على ذلك الاتفاق الدولي الخاص بمكافحة تجارة الرقيق الأبيض بتاريخ 18 ماي 1904 والاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة الاتجار في الرقيق الأبيض في 4 ماي 1910
وفي ظل عصبة الأمم، أبرمت الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة الاتجار في النساء والأطفال في 30 شتنبر 1921 و الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة الاتجار في النساء البالغات بتاريخ 11 اكتوبر 1933 .وبعد احداث هيئة الأمم المتحدة، أبرمت عدة اتفاقيات دولية معدلة للاتفاقيات السابقة وكان أهمها تلك المبرمة في تاريخ 2 دجنبر 1949 و الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المبرمة في تاريخ 18 دجنبر 1979 والبروتوكول الخاص بمنع و قمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة الخامسة والخمسين بتاريخ 15 نونبر 2000 .
وخلال كل هذه الحقب والمجهود الدولي، كان مفهوم الاتجار بالنساء يتطور ويختلف من مرحلة الى أخرى، ولعل ذلك راجع من جهة الى تعقيد هذه الجريمة، ومن جهة أخرى، الى كونها تتخذ في كل مرحلة صورا مختلفة مع الحفاظ على مضمونها الماس بكرامة وانسانية الانسان.
ويمكن القول إن مفهوم الاتجار بالنساء في المرجعية الدولية مر بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: ما قبل اتفاقية الغاء الاتجار في الأشخاص واستغلال دعارة الغير لسنة 1949. في هذه المرحلة كان المصطلح الشائع هو " الاتجار بالرقيق الأبيض " وكان الأمر يتسم بنوع من التعميم.
المرحلة الثانية: مرحلة اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بإلغاء الاتجار في الأشخاص واستغلال دعارة الغير لسنة 1949، حيث عدلت هذه الاتفاقية كل الاتفاقيات التي سبقتها.
ويكاد مفهوم الاتجار بالنساء في هذه الاتفاقية يقصد به الاتجار بقصد الدعارة ويتضح ذلك من جل مضمون الاتفاقية ومن بداية تصديرها الذي جاء فيه " … لما كانت الدعارة وما يتبعها من شر الاتجار في الأشخاص بقصد الدعارة، لا تليق بكرامة الانسان وقيمته، وتعرض للخطر صالح الفرد والأسرة والمجتمع … " ومواد الاتفاقية سارت في هذا الاتجاه.
المرحلة الثالثة: مرحلة البروتوكول الخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال لسنة 2000، حيث اعتمد المنتظم الدولي من خلال المادة الثالثة لهذا البروتوكول تعريفا جديدا للاتجار بالنساء ضمن مفهوم عام للاتجار بالأشخاص. وهو التعريف الذي اوردناه في بداية هذا الحوار، والذي أخذت منه تعريفات قوانين كثير من الدول التي جرمت الاتجار بالبشر في قوانينها.
12 – ماهي مظاهر الاتجار بالنساء؟
هناك عدة صور، يتم استغلال النساء فيها، ويشكل الاستغلال الجنسي أهم مظاهر الاتجار بالنساء، وقد ازدادت اليوم هذه الحالة انتشارا وخطورة مع وسائل الاعلام والتواصل الحديثة والتي سهلت عملية الاستغلال الجنسي سواء في الدعارة أو في انتاج الأفلام والصور الخليعة أو غير ذلك، حيث تتواجد على شبكة الأنترنيت سوق عالمية للجنس تعرض فيه الأفلام واللقطات والصور دون أن تخضع لأية رقابة أو تمنعها أية حدود. هناك أيضا استغلال السخرة او العمل قسرا، ويتم ذلك بإرغام الضحية على العمل قسرا وفي ظروف غير انسانية، لا تحترم مقومات وشروط العمل المعروفة ولا تحترم كرامة الانسان، ولا تستطيع الضحية الانفلات منها نتيجة الوضع التي تجد نفسها فيه، كتجريدها من وثائقها الخاصة بعدما يتم الاحتيال عليها وتنقيلها الى بلد آخر تحت وهم العمل، وأحيانا يتم الاستيلاء حتى على أجرها.
هناك أيضا، الاسترقاق أو ما شابهه، وهذه أسوء صور الاتجار في النساء وهي الصورة المباشرة للتملك، كما ظهر مؤخرا في بعض الدول التي تعيش عدم استقرار سياسي وأمني، حيث خضع الرجال والنساء للبيع و الشراء مباشرة، ويدخل في هذا الاطار أيضا، بيع الأجنة وهي تجارة تنتشر في بلدان معينة ولها شبكات اجرامية خاصة .إذن من خلال هذه الصور لاستغلال النساء والمشمولة في تعريف المادة 3 من بروتوكول ،2000 يتضح أن تعريف الاتجار بالبشر وتحديدا الاتجار في النساء قد اتسع ولم يعد مقتصرا على الاستغلال الجنسي، كما أن التعريف الجديد لا يقتصر على ارتكاب الفعل بشكل تام وعمدي بل يتعداه الى الشروع في ارتكاب أحد الأفعال المنصوص عليها كالتجنيد والنقل والتنقيل والايواء و الاستقبال أو الاختطاف، كما يشمل وكما يعاقب الفاعل الأصلي يعاقب المساهم أو الشريك .
13 – هل يندرج الاتجار بالأعضاء البشرية ضمن جرائم الاتجار بالبشر؟
طبعا، فعملية الاتجار بالأعضاء البشرية من صور جريمة الاتجار بالبشر، ولابد عند تناول هذا الموضوع من التمييز بين تجارة الأعضاء البشرية وزرع الأعضاء البشرية. إذ يقصد بزرع الاعضاء البشرية نقل عضو سليم أو مجموعة من الأنسجة من المتبرع الى المستقبل ليقوم مقام العضو أوالنسيج الذي تعرض للتلف فيؤدي وظيفته داخل جسم المتلقي. وهذه العملية منظمة بالقوانين وتخضع اساسا لعمليات التبرع، وتعمل الدول على تشجيعها. لكن تحاول أن تتم وفق مساطر قانونية جد دقيقة وصارمة تلافيا لأن تصبح عملية الزرع التي تنطلق من التبرع الى عمليات تجارية.
وفي المغرب، فإن عملية التبرع بالأعضاء والأنسجة منظمة بمقتضى القانون 98-16 الذي حافظ فعلا من خلال مادته الرابعة والمادة الثالثة عشرة على طابع التبرع والاختيار، وقام بحماية المتبرع والمستقبل، بل ومكن المتبرع من التراجع والغاء موافقته متى شاء. أما بالنسبة للاتجار بالأعضاء البشرية فهو يمثل جريمة. والاتجار يشير مباشرة الى عملية البيع والشراء وتحقيق الربح والى وجود بائع ومشتر وسوق للبيع ووسطاء وكل ذلك ينصب على جعل أعضاء جسم الانسان مادة للبيع والشراء عن طريق نقلها من جسم صاحبها رضاء أ وكرها ونقل ملكيتها الى شخص آخر.
وقد تزايدت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة وانتشرت في كثير من الدول ونشطت سوق تداولها وإن كانت الدول النامية هي غالبا السوق التي تصدر.
14 – في نظركم.. ماهي أسباب انتشار هذه الظاهرة؟
يعود ذلك إلى أسباب عدة أهمها عاملان: الأول يتعلق بتقدم الطب وتقنياته وسهولة نقل عضو من جسم الى جسم. والثاني يتعلق بانتشار الفقر والهشاشة بشكل كبير وسط العديد من الفئات في مجتمعات عدة، ما يجعل أشخاصها يقعون تحت ضغط مغريات السماسرة في الأعضاء البشرية الذين يبيعون بدورهم تلك الأعضاء والأنسجة الى أشخاص يملكون المال، لكن لا يملكون صحة عضو من أعضاء جسمهم، فيسعون الى الحصول عليه ولو عن طريق المشاركة في ارتكاب جريمة الاتجار في الأعضاء التي قد تنزع من صاحبها إما بدافع الفقر والحاجة أو إرغامه لوضعية وجد نفسه فيها.
ونقل الأعضاء البشرية والاتجار فيها يتخذ عدة صور نذكر منها: توفير الأعضاء البشرية بالتعاون مع مستشفيات ومصحات بعد ما يكون قد تم تجميعها تحت ذريعة التبرع ويتم بعد ذلك الاتجار فيها.
-اختطاف الأطفال واستئصال بعض الأعضاء من اجسادهم خاصة الكلي والعيون ثم الاتجار فيها.
-اختطاف المشردين والعاجزين والمرضى عقليا وقتلهم ونزع أعضائهم ثم بيعها
-سرقة الجثث خاصة تلك التي تظل في المستشفيات أو ثلاجات الموتى كون اصحابها مجهولو الهوية ولم يطلبها أحد فيتم استئصال أعضائها وبيعها.
تلك بعض صور الاتجار في الأعضاء البشرية، لكن سرية العمليات التي تتم بها تجعل صورها دائما تتجدد وتزداد خطورة
وبالنسبة للمغرب، وبالرغم من تجريم الاتجار في الأعضاء في المادة 15-448 من القانون وبالرغم من الاحتياطات التي وضعها المشرع في القانون 98-16 المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة، إلا ان الأمرلا زال يحتاج الى تدقيق أكثر وسد العديد من الثغرات التي يمكن ان تستغل لعمليات الاتجار بالأعضاء البشرية، وهي في غالبها متعلقة بالوضعية المادية للناس وبالحالة التي يعيشها قطاع الصحة اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.