حددت الحكومة شهر فبراير القادم موعدا لاستئناف الحوار الاجتماعي، وطلبت من المركزيات النقابية اقتراح جدول أعمال الجولة الجديدة، مع إعداد ملفاتها المطلبية. وباستثناء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، تجمع المركزيات النقابية، في تصريحات أدلت بها لبيان اليوم، على أن جميع النقط التي تم التداول في شأنها برسم جولات المفاوضات السابقة، لم يتم التوصل بخصوصها إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، وبالتالي، فالدعوة الأخيرة التي وجهتها الحكومة لإعداد جدول أعمال مرفوق بالملفات المطلبية، لا تعدو أن تكون، في أحسن الحالات، أرضية لمواصلة حوار كان من الأجدى أن يظل وفيا لموعديه المحددين سلفا، وذلك منذ مأسسة الحوار الاجتماعي. وتأتي دعوة الحكومة لجولة جديدة من الحوار الاجتماعي تجري خارج مواعيدها (شهري أكتوبر وأبريل) في ظرفية حرجة يجتازها المشهد النقابي الذي ترى بعض فعالياته في اللقاء القادم وما سيليه من مواعيد، مجرد ترتيبات لتعبيد الطريق أمام جولة شهر أبريل. وبهذا الخصوص، قال نوبير الأموي، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريح لبيان اليوم، «إن ال «ك.د.ش» المنشغلة بإعداد مؤتمرها، والذي ستعلن عن تفاصيل ترتيباته الأسبوع القادم، لم تقرر بعد فيما إذا كانت ستشارك في الجولة القادمة، أم ستظل على موقفها بعد انسحابها من الحوار الاجتماعي في وقت سابق، إلى حين موافقة الحكومة على النقاط التي تريدها هاته المركزية كأرضية للنقاش». واعتبر نوبير الأموي، فرضية الانسحاب من الحوار الأقرب إلى التطبيق، بالنظر إلى كم القضايا التي كانت ضمن أجندة الجولات السابقة من المفاوضات والتي ما زالت عالقة نتيجة ما أسماه ب»الحوار المغشوش»، والتي تنضاف إليها عدد من المشاكل المرتبطة بالمواطنين، وفي طليعتها موجة الغلاء وتفشي البطالة. ورفض الأموي دعوة الحكومة النقابات إلى إعداد جدول أعمال لقاء شهر فبراير، واصفا ذلك ب»التهرب من المسؤولية المناطة بالجهاز التنفيذي المدعو ليس فقط للدلو بدلوه في وضع نقاط واضحة للنقاش، بل أيضا إلى التفكير الجدي قبل اللقاء القادم، في حل المشاكل العالقة وتفادي ارتفاع درجات المحرار الاجتماعي». ومن جانبه، لم يجد الاتحاد المغربي للشغل، الذي خرج لتوه من مؤتمر ناجح، من تعبير لوصف الدخول الاجتماعي سوى «الصعب وغير واضح المعالم»، مؤكدا مع ذلك مشاركته الفعلية والفعالة فيه، بدليل شروعه في الرد على الرسالة الداعية إلى لقاء شهر فبراير. وقال عبد الرحيم الهندوف لبيان اليوم، «إن الحوار الاجتماعي يعتبر نضالا لا يمكن التراجع عن خوضه خاصة وأن حصيلة الجولات السابقة كانت هزيلة ولا ترتقي إلى مستوى انتظارات الطبقة الشغيلة، بل ودون سقف الملاحظات والاقتراحات المعبر عنها على الدوام، في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد والخدمات الاستهلاكية الذي ضربت القدرة الشرائية للمواطنين في الصميم. وشدد الهندوف على أن الاتحاد المغربي للشغل سيلج اللقاء القادم معززا بحلفائه التقليديين، أي الاتحاد الوطني للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل. هاته الأخيرة، تعيش خلال الأسابيع الأخيرة وضعا غير مستقر بعد عجزها عن استكمال أشغالها المؤجلة عن المؤتمر، وذلك للمرة الثانية على التوالي. فقد قررت رئاسة المؤتمر الأحد الماضي، تأجيل أشغال المجلس الوطني، إلى غاية الثاني والعشرين من الشهر الجاري، بعد تعذر الوصول إلى صيغة توافقية لانتخاب الكاتب العام للمركزية وأعضاء المكتب المركزي. ويرى فيدراليون أن مشاركة مركزيتهم في جولة الحوار الاجتماعي ستحددها أشغال اللقاء الثالث المزمع عقده يومي السبت والأحد القادمين، لتعبيد الطريق أمام استكمال أجهزة المركزية النقابية التي خرجت منذ شهر واحد من أشغال مؤتمرها. أما الاتحاد الوطني للشغل، فيعتبر وضعه التنظيمي مستقرا، مبديا استعداده لخوض الجولة القادمة بملف مطلبي يعكس انتظارات الطبقة العاملة التي لم تنصفها بعد الجولات السابقة. فحسب تصريح أدلى به محمد يتيم الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل لبيان اليوم، لم يكن المؤتمر الاستثنائي الذي عقد في شتنبر الماضي، وتم خلاله إقالته وانتخاب عبد السلام المعطي كاتبا عاما جديدا، سوى مسرحية سخيفة، وعملا منافيا للقانون على اعتبار أن عقد مؤتمر استثنائي للاتحاد يخضع لمقتضيات القانون الأساسي في مادته 13، مؤكدا أن مركزيته تشكل، إلى جانب الاتحاد المغربي للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل، جبهة موحدة ستلج الحوار القادم متفقة على أفكار منسجمة تضمن الضغط الملائم والمطلوب. ولا ينحصر الانسجام في مثلث النقابات الثلاث، بل تمتد تقاطعاته إلى الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الذي ظل دائما يوجه نقدا لطريقة ولوج المركزيات النقابية طاولة الحوار، ويدعوها إلى تقريب المواقف لتفادي التعثر. وهو الموقف ذاته الذي عبر عنه محمد شراط عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب في تصريح لبيان اليوم، والذي أشار إلى شروع الاتحاد في إعداد الملف المطلبي، وتكثيف تواصله مع حليفيه المتمثلين في الاتحاد الوطني للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل.