ما يجمع زكرياء مومني ودنيا مستسلم وزوجها عدنان فيلالي وعلي لمرابط ومحمد حاجب وصلاح الدين بلبكري وغيرهم، رغم الفوارق الجغرافية والاختلافات العمرية فيما بينهم، هو أنهم يصنفون جميعا ضمن البروفايلات الافتراضية المعروفة بتعدّد ولاءاتها عبر الوطنية، والتي تتطلع لتكوين ما يسمى ب"التحالف السيبراني المعادي للدولة". وهذه السمة (تعدد وقابلية الولاء للغير)، ومطمح "الانضمام للائتلاف المعادي لمصالح الدولة"، هما شرطان ضروريان لا مناص منهما في "معاول الهدم والتقويض" التي تراهن على "عمالتها وخدماتها" الأجهزة والمنظمات الأجنبية التي تحاول تصريف أجنداتها في مواجهة الدول النامية، أو البلدان الباحثة عن استقلالية قرارها السيادي في المحيط الإقليمي والدولي المعاصر. لكن في الآونة الأخيرة، أصبح ما يجمع هؤلاء "المناضلين" الافتراضيين، يتعدى مسألة تعدد الولاءات الوطنية، إذ صاروا يتبادلون الأدوار في مسألة الدفاع عن بعضهم البعض، في محاولة مكشوفة لربح بعض الوقت وتأجيل حتمية "الأفول أو الموت السيبراني"، الذي هو نتيجة طبيعية لكل الكائنات الافتراضية التي تعيش وتقتات من رحم الشبكات التواصلية. وفي هذا الصدد، نجد أن علي لمرابط انبلج مؤخرا من أكمّة النسيان في كاطالونيا لينافح باستماتة عن براءة زكرياء مومني من جريمة الابتزاز والنصب والاحتيال وتحصيل مبالغ مالية غير مستحقة، رغم تثبيت هذه القناعة اليقينية عند معظم المغاربة بعد الشريط الفضيحة الذي نشرته الصحافة المغربية مؤخرا، بينما اندفع زكرياء مومني بدوره يدافع عن علي لمرابط ويدفع عنه شبهة الخيانة والاغتصاب واستجداء الأجنبي لمهاجمة المغرب. أما صلاح الدين بلبكري، الذي يتفسح في منصة اليوتيوب، فيتعامل مع ملفات علي لمرابط والكوبل الفيلالي وزكرياء مومني ومحمد حاجب وغيرهم على أنها مجرد قضايا وفقاعات هوائية لرفع اللايكات وحشد المشاهدات، في انتظار انتهاء صلاحياتهم المحددة في الزمن، وظهور معارضين افتراضيين آخرين يمكن الركوب على ظهورهم لتحقيق نفس المكاسب "النضالية". أما الكوبل الفيلالي الذي انتقل من "الحمارة للطيارة" كما يقول المثل المغربي الدارج، فيعتقد واهما بأن المعارضة السياسية تحتاج فقط للسب والشتم والتطاول على المؤسسات دونما حاجة لمعارك سياسية وسجالات حزبية! بل إنه يتوهم بأن أسرع طريقة للحصول على اللجوء السياسي في فرنسا هي أن تشتم "المخزن" وتسب "دار المخزن". أكثر من ذلك، فالكوبل الفيلالي الذي كان إلى حدود سنوات قليلة مضت، يعرض على اليوتيوب شهيوات مغربية في الصين الشعبية، ويبيع هواتف صينية مزيفة للمواطنين المغاربة، فيما يشبه الروتين اليومي لشابين مهاجرين غير معروفين، فقد اكتشفا فجأة بأنهما معارضين يدافعان عن حقوق الشعب المغربي بعدما كانا يعرضانه منذ أمد قريب للنصب والاحتيال ويبيعانه هواتف محمولة مزيفة. والمؤسف حقا أن الكوبل الفيلالي يتوهم بأن فرنسا فتحت لهما صدرها وقنواتها العمومية بسبب "معارضتهما للنظام"، جاهلين أو متجاهلين بأن فرنسا لا تتعامل معهما كمعارضين حقيقيين، لسبب بسيط هو انتفاء أي تاريخ سياسي لهما، وانعدام أي رصيد حزبي أو ثقافي عندهما، وعدم وجود أي تأثير لهما في الشارع المغربي. بل إن الدولة العميقة في فرنسا هي من تراهن على مثل هذه "النكرات" أو "البروفايلات الافتراضية" للتقلاز من تحت الجلابة للمغرب، ولكي تلوك بفمهما شوك الطلحة الذي لا تستطيع أن تجتره بفم ووجه مكشوفين. لكن ما يعلمه يقينا الكوبل الفيلالي، ومعهما زكرياء مومني وعلي لمرابط وغيرهم، هو أن اللجوء السياسي تُحدد شروطه وشكلياته وموجباته اتفاقيات دولية، وهي شروط لا تتوافر فيهم وفي غيرهم من الكائنات الافتراضية المماثلة. لكنهم في المقابل، يجهلون بكل تأكيد بأن احتضانهم من بعض الدول، وخصوصا فرنسا، إنما يندرج في إطار ما بات يعرف ب"سياسات ما بعد الحقيقة post truth politics ". و"سياسات ما بعد الحقيقة" هي ضرب من ضروب الحروب المعلوماتية المستجدة، التي تراهن على عملاء ومعارضين افتراضيين مثل الكوبل الفيلالي وزكرياء مومني وغيرهم من أجل نشر الأكاذيب ومعلومات بشكل تضليلي، على أن تحرص أجهزة استخباراتية ودبلوماسية على تغذيتها وتغطيتها بالدعم الإعلامي اللازم، مثلما تقوم به حاليا قنوات القطب العمومي الفرنسي وبعض الجرائد الخاصة مع دنيا مستسلم وزوجها عدنان الفيلالي، ومثلما قامت بذلك سابقا قناة فرانس 24 مع زكرياء مومني، أو مثلما قامت به الصحافة الفرنسية عموما إزاء "مزاعم بيغاسوس". وفي المحصلة، لا بد من التأكيد على أن الخروج الدوري لهذه الكائنات الافتراضية لتدافع عن بعضها البعض، وفق الشكل الذي يقوم به حاليا زكرياء مومني وعلي لمرابط والكوبل الفيلالي وصلاح الدين بلبكري، لا يخرج عن مخطط نشر الأخبار الزائفة وتثبيتها عند أكبر قدر ممكن من الرأي العام. فعندما يزعم زكرياء مومني بأن المدير العام للأمن الوطني لا يستطيع السفر إلى فرنسا بدعوى أنه مبحوث عنه، رغم أنه يعلم يقينا بأن شكايته تم حفظها من طرف القضاء الفرنسي لكونها كيدية! ورغم أن عبد اللطيف حموشي سافر في مهمات رسمية لفرنسا أكثر من عشر مرات منذ سنة 2014، كان آخرها منذ حوالي سنتين تقريبا!! فإنه (أي زكرياء مومني) إنما يمعن فقط في ترديد خبر زائف بغرض تصريف رسالة سلبية عن جهاز الأمن بالمغرب. نفس الشيء بالنسبة للمزاعم والافتراءات التي ما انفك يروجها المعني بالأمر حول منع منير الماجيدي من دخول فرنسا بسبب شكايته الكيدية حول التعذيب المزعوم! فزكرياء مومني يعلم جيدا بأن الكاتب الخاص للملك يسافر بانتظام وبشكل دوري لفرنسا في مهمات رسمية وخاصة، ومع ذلك يتجاسر ويغالط الحقيقة مدعيا بأنه كان هو السبب في منع منير الماجيدي من وضع رجله فوق التراب الفرنسي! وبدوره، عندما يخرج علي لمرابط ليزعم، بدون خجل، بأن زكرياء مومني لم يصطحب معه مبلغ عشرة آلاف يورو رغم وجود شريط فيديو يؤكد هذه الواقعة، فهو لم يكن يخاطب عقل المتلقي وإنما كان يراهن على دغدغة مشاعره لنشر وتثبيت هذه الأخبار الزائفة. نفس الشيء بالنسبة لمحمد حاجب عندما يدعي بأن تفكيك الخلايا الإرهابية هي مجرد "مسرحية"، رغم أنه سافر لمضافات القاعدة على الحدود الأفغانية الباكستانية، وتدرب على الرماية بالكلاشينكوف قبل أن يفرض عليه المرض خدمة أرامل وأيامى "المجاهدين". فإمعان هذه الكائنات الافتراضية في نشر الأكاذيب والاتهامات بدون دليل، لا يمكن أن يصنع منهم معارضين أو مناضلين، حتى ولو تلقفتهم دولة مثل فرنسا وفتحت لهم صحافتها العمومية والخاصة. فأقصى ما قد يبلغه علي لمرابط وزكرياء مومني والكوبل الفيلالي هو اكتساب صفة "عميل"، قبل أن ينتهي بهم المطاف مثل ريشارد عزوز وبيتر شمراح وتاشفين بلقزيز وغيرهم من المتشردين الذين يهيمون على وجوههم في مختلف بقاع العالم.