أكد مقال نشره مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، حديثا، تحت عنوان “كوفيد19.. الوضع الطبيعي الجديد“، أنه إذا كان فيروس كورونا المستجد قد أثر، في البداية، بشكل رئيسي على الصين وآسيا، فإن الغرب، من جهته، لم يفعل الكثير لرفع التحدي”. وسجل صاحب المقال، ماركوس فينيسيوس دو فريتاس، أن الفيروس، الأكثر فتكا من الأنفلونزا، “تم التصدي له بشكل طفيف” من قبل الغرب، مما يعكس “عدم استعداد الكثير من البلدان لمواجهة الأوبئة”. أوضح دي فريتاس أنه في الوقت الذي تكثف فيه تفشي كوفيد 19، وجد هذا الفيروس أرضا خصبة بسبب “عدم نجاعة أنظمة الصحة العمومية”، كما أن الفيروس، القادم على المستوى الأوروبي، من إيطاليا، تفشى بسرعة هائلة حول العالم، وخاصة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. وللتعتيم على غياب القدرة على التعامل مع مثل هذا الوضع الخطير، يضيف الكاتب، بدأت نظريات المؤامرة تظهر بشكل كبير. والتاريخ يظهر بشكل جيد أن هذه النظريات تشيطن مجموعات معينة من الناس، مضيفا أن موضوع هذه النظريات اليوم ليس شيئا آخر سوى آسيا، لأنه، في كل يوم، تظهر نظريات مؤامرة جديدة في الغرب تنطلق من عادات الأكل الصينية، إلى الحديث عن مناورة مالية مفترضة تمكن من الاستحواذ على شركات متعددة الجنسيات بأسعار منخفضة. وأشار الكاتب إلى أن نظريات المؤامرة ظهرت أيضا في الصين، حيث قيل، على سبيل المثال، إن الألعاب العسكرية العالمية السابعة للمجلس الدولي للرياضة العسكرية، التي جرت في الفترة من 18 إلى 27 أكتوبر 2019 في ووهان، كانت مصدر انتقال المرض من الأمريكيين إلى الصينيين. ولهذا السبب، يتوجب الوقوف، حسب الكاتب، عند أربعة جوانب حاسمة، لاسيما في الوقت الذي تواجه فيه كمية المعلومات المتداولة تفسيرات تافهة. وأوضح الكاتب أن الجانب الأول يهم التأخر المزعوم للحكومة الصينية في نشر البيانات حول كوفيد 19، بينما لوحظت في الغرب أيضا، تأخرات في التواصل بخصوص الأوبئة. وفي هذا السياق، سجل دي فريتاس أن الحكومات تختار عموما أن تتباطأ في الكشف عن تسجيل أوبئة، مضيفا أنه في بلد يبلغ عدد سكانه 1.4 مليار نسمة، يصبح الأمر أكثر تعقيدا، لأن الذعر الجماعي يمكن أن يولد أثرا مرهقا للبلاد. وذكر، في هذا الصدد، أن توطيد المعارف حول وباء ما ونطاقه يستغرق وقتا. وأشار إلى أن الحكومة الصينية عالجت هذه المسألة بمجرد أن أدركت خطورة الوضع، مبرزا أنه مع ذلك، فإن البلد الذي يسجل وجود الفيروس ليست بالضرورة الدولة التي نشأ فيها هذا الأخير. ويتعلق الجانب الثاني، الذي يراه الخبير مهما، بكون فيروس كوفيد 19 يمثل مرضا ظهر في شمال العالم وبالتالي فإن تداعياته تكون أوسع. أما الجانب الثالث، وفقا للكاتب، فيتعلق بدوره ب”الانقسام السياسي في الغرب” الذي يشهد اتساعا، بسبب الأزمات المالية وانخفاض الإنتاجية، بما يجعل من كوفيد 19 إلى “أداة سياسية تمكن من التعبير عن شكاوى الحكومات، بما في ذلك شكاوى ترامب وجونسون وحتى بولسونارو في البرازيل”. وسجل المقال أن الجانب الرابع يكمن في أن العالم قد أدرك إلى أي مدى يرتهن إلى الصين، مصنع العالم، وأنه غير قادر على الاستجابة لحاجيات الصين البلد الذي ينمو ويزيد ثراء. وأوضح الكاتب، الذي يرى “أن وصم الصين، في هذه اللحظة، لا يخدم سوى هدفا سياسيا يرمي إلى خلق خصم وهمي على حساب رفاهية المتضررين من كوفيد 19″، أن الصين بدأت تأخذ مكانتها كقوة عظمى، مما ولد “توجها لتشويه الصورة الذي أصبح تقريبا طبيعيا” تجاهها. وخلص كاتب المقال إلى أن الواقع هو أنه، وعلى الرغم من جميع نظريات المؤامرة، من المرجح أن تخرج الصين أقوى من هذه الأزمة، مع تأثير إيجابي بشكل خاص على نسيجها الاجتماعي، بينما، من حيث الحكامة، ستكون الفجوة أكبر عند مقارنتها ب”الطريقة الرعناء” التي تعامل بها الغرب مع أزمة “كوفيد 19” حتى الآن. ويعتبر مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد مجموعة تفكير مغربية، مهمتها النهوض بتقاسم المعارف والمساهمة في التفكير بشأن القضايا الاقتصادية والعلاقات الدولية، والرهانات الاستراتيجية الاقليمية والعالمية التي تواجه البلدان النامية وذلك من اجل المساهمة بشكل ملموس في اتخاذ القرار الاستراتيجي عبر اربعة برامج للبحث ذات صلة بالفلاحة والبيئة والامن الغذائي والاقتصاد والمالية والتنمية الاجتماعية ، والعلاقات الدولية.