لازالت قيادة جبهة البوليساريو مصرة على مواصلة سياسة الهروب إلى الخلف، وممارسة التضليل على ماتبقى لها من مؤيدين وسط ساكنة المخيمات التي ضاقت ذرعا من ظروف العيش القاسية، في الوقت الذي اغتنت فيه “القيادة الثورية” بعائدات المساعدات التي تقدمها منظمات إنسانية دولية، والتي ينتهي بها المطاف في الأسواق السوداء. وسيرا على نهج الممارسات الصبيانية التي تحاول من خلالها جبهة البوليساريو إثارة الإنتباه، ولو بإطلاق صيحة في واد سحيق، قام أمينها العام ابراهيم غالي، بالإشراف على تنفيذ -ما اعتبرته الجبهة- “مشروع تكتيتكي بالذخيرة على هامش إشرافه على تخرج دفعة متعددة الاختصاصات”. وبالتمعن في ما نقلته مواقع إعلامية للبوليساريو التي ذكرت أن مجريات التمرين الذي أشرف عليه ابراهيم غالي، “جرى في ظروف جيدة قريبة من واقع المعركة الحقيقية”، يتضح أن قيادة الجبهة أصبحت تعيش على هامش التاريخ، ولم تستطع مواكبة التحولات الإقليمية، والجيواستراتيجية على الصعيد العالمي. ولذلك فهي تجهل حجمها الحقيقي، ويُخيل إليها أن السياق التاريخي الذي ولدت فيه الفكرة الانفصالية في حضن أعداء المغرب، زمن الحرب الباردة لايزال قائما. قيادة البوليساريو فقدت البوصلة وتسير بخطى متسارعة نحو حتفها، لتلتحق بركب الحركات الشمولية والشوفينية التي طواها النسيان عبر التاريخ. هذه هي البوليساريو التي كانت طيلة العقود الأربعة الماضية صنيعة للقذافي وتحولت من بعد ذلك بقليل إلى دمية في يد النظام الجزائري من عهد بومديان إلى بوتفليقة تم توظيفها لضرب الوحدة الترابية المغربية. ولأن كل شعوب المغرب الكبير تتمنى نجاح الحراك الشعبي الجزائري في بناء الجمهورية الجزائرية الثانية، بما يحقق للأشقاء الجزائريين أهداف التغيير المنشود، فإن الأمل كل الأمل أن يكون أيضا مقدمة لمد جسور التعاون والتكامل بين الدول المغاربية في إطار الاتحاد المغاربي. وتلك منفعة سيتقاسم خيراتها الجميع، وتحقق التنمية والأمن والاستقرار للمنطقة وجوارها. بطبيعة الحال المسؤولية أصبحت اليوم مضاعفة على أعضاء مجلس الأمن الدولي، لإنهاء هذا الصراع المفتعل والذي أصبحت أسبابه والجهات المتورطة في نشأته وإطالة أمده مكشوفة ومعروفة، خصوصا بعدما أيقن الجميع بأن من يعرقل الحل لا يستطيع أن يقترح حلا. وبأن إنهاء مأساة صحراويي تندوف وتهييئ أسس تنمية وإقلاع المنطقة المغاربية يمر عبر مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب ووصفته قرارات المجلس بالجدي وذي المصداقية.