تؤكد بعض المراسلات الداخلية لوزارة الخارجية والتعاون الدولي التي حصل “برلمان.كوم” على نسخة منها، مدى تدني مستوى الساهرين على سير هذه المؤسسة العتيقة التي تعتبر إحدى الركائز السياسية والمؤسساتية الأساسية للمملكة وأقوى رموز سيادتها و”ڤِيتْرِينَةْ” المغرب في الخارج. آخر دليل على هذا التدني الذي يُندى له الجبين، هو تلك الوثيقتان اللتان وقع إحداهما وزير الخارجية ناصر بوريطة والمليئتان بعدة أخطاء وبجهل مخجل للقوانين وللمساطر الإدارية. الوثيقة الأولى: 1- وقع ناصر بوريطة “بلاغا” حول قرار إنهاء مهمة عبد السلام بركة كسفير لدى المملكة العربية السعودية ويتضمن عبارة: “ينشر هذا البلاغ في الجريدة الرسمية”. فمتى كانت يا سعادة الوزير تنشر البلاغات في الجريدة الرسمية علما أن الوزير يوقع على قرارات وليس على بلاغات وأن ما ينشر بالجريدة الرسمية هي القوانين والظهائر والاتفاقيات والمراسيم والقرارات الوزارية؟ أضف إلى ذلك أن القرار هو الذي يُعتمد في الخزينة العامة للمملكة وليس البلاغ. 2- يقول السيد الوزير في بلاغه: “طبقا للتعليمات المولوية السامية، تقرر إنهاء مهام السيد عبد السلام بركة…” هنا نثير انتباه السيد الوزير إلى أن إنهاء مهام كبار مسؤولي الدولة الذين يعينهم جلالة الملك بظهير، ومن بينهم السفراء، يتم كذلك بظهير وليس “طبقا للتعليمات المولوية السامية”. 3- تحدث البلاغ الرسمي لناصر بوريطة عن عبد السلام بركة “كسفير للمملكةالمغربية”، في حين أن اللقب الرسمي المعتمد هو “سفير صاحب الجلالة” وليس سفير المملكة. فكيف يعقل أن ترتكب وزارة الخارجية هذا الخطأ الفادح وتوثقه في وثائق رسمية؟ الوثيقة الثانية:
بغض النظر عن تحرير وثيقة جد رسمية باللغة الفرنسية عِوَض لغة البلاد الرسمية، وبغض النظر عن الأخطاء اللغوية بالفرنسية، فإن هذه الوثيقة تستدعي الملاحظات التالية: 1- تقول الوثيقة إنه “تبعا لتعيين السيد مصطفى منصوري من طرف صاحب الجلالة سفيرا بالرياض، تقرر إنهاء مهام…”. نثير انتباه الساهرين على شؤون وزارة الخارجية أن قرار إنهاء مهام السيد بركة، أو أي سفير آخر، قرار سيادي يتخذه ملك البلاد بموجب ظهير ودون أي ارتباط بتعيين خلف له. 2- السيد مصطفي المنصوري عين سفيرا لصاحب الجلالة لدى المملكة العربية السعودية وليس سفيرا بالرياض، كما تقول الوثيقة الرسمية بالفرنسية والتي وقعها رئيس قسم الموارد البشرية بوزارة الخارجية. 3- الوثيقة التي بعثت بها وزارة الخارجية إلى عبد السلام بركة تحمل تاريخ 7 ماي 2018 وتخبره بانتهاء مهامه منذ يوم 20 أبريل 2018، أي بتاريخ رجعي وهو ما يتنافى والقانون. تدني المستوى بهذا الشكل، ونحن نتحدث هنا فقط عن الجانب الإداري لا الديبلوماسي أو السياسي، ناتج لا محالة عن مغادرة العديد من الأطر العليا الكفئة وتهميش أخرى على حساب المصالح العليا للبلاد كان الله في عونها. وإن استمر الأمر على ما هو عليه، فلا يسعنا إلا قراءة الفاتحة على وزارة خارجيتنا.