تراجع المغرب بثماني مراتب وخسر ثلاث نقط في ترتيب مؤشر ترانسبارانسي الدولية لسنة 2015 حول النظرة إلى الرشوة الصادر في 27 أكتوبر 2015 ، مقارنة مع ما كان عليه سنة 2014. ذلك أن المغرب جاء في المرتبة 88 من بين 168 دولة برصيد 36 نقطة من مجموع 100 متأخرا عن 15 دولة إفريقية و9 دول في منطقة الشرق الأوسط. وقد قامت بالتنقيط والترتيب ست وكالات عالمية لفائدة جمعية محاربة الرشوة العالمية التي تعتبر من أكثر المنظمات غير الحكومية تأثيرا في قرار المستثمرين والمنظمات الدولية والدول، بحيث يعتبر رأيها أساسيا في تقييم الحكامة وتطورها في كل بلد وفي الحكم على مناخ الأعمال. ويعتبر تراجع المغرب في الترتيب العالمي لتقرير ترانسبارانسي الدولية حول النظرة إلى الرشوة لسنة 2015 ” ترجمة للصورة المتدهورة المكونة عن بلدنا لدى الوكالات الدولية المتخصصة فيما يتعلق بمسائل الحكامة ومحاربة الرشوة” حسب المكتب التنفيذي للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارانسي المغرب) الذي أضاف أنه «من المحتمل أن تكون إشارات التراجع مقارنة مع وعود محاربة الرشوة المتضمنة في الخطاب الرسمي منذ 2011 واستمرار الإفلات من العقاب يكمنان وراء هذا التقييم السلبي. والمصادقة على القانون المتعلق بهيئة النزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وكذلك القانون المتعلق بالوصول إلى المعلومات جاءت للإساءة لصورة تعاني أصلا من التدهور. فالنصان معا يشكلان تراجعا صارخا عن المقتضيات الدستورية والالتزامات الرسمية” . هكذا تجد الحكومة نفسها وجها لوجه مع حقيقة عجزها عن محاربة واحد من مظاهر الفساد الذي تعاقد الحزب الرئيسي فيها مع منتخبيه على محاربته والقضاء عليه، بل وفشلها الذريع مادام ترتيب المغرب في مؤشر ترانسبارانسي الدولية يتدهور ولا يتحسن، أخذا بعين الاعتبار أن الجمعية عملت على ضبط وتحسين مؤشرها ليكون أكثر مصداقية وصارت تعتمد على وكالات عالمية لها رصيدها المعتبر. هكذا أيضا يكتشف الناس أن خطاب رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران نفسه المكرور حول محاربة الرشوة في واد والممارسات التي يشرف عليها، ويتحمل مسؤوليتها السياسية والأخلاقية، في واد آخر، ومنها ممارسة تشريعية تمثل تحللا واضحا من الدستور ومقتضياته والتزامات الدولة في مناسبات متعددة. ولعل مشروع القانون المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومات أكبر دليل على ذلك، إذ يشكل تراجعا مكشوفا وصريحا عن الصيغة الأصلية التي كانت موضوع مناظرة وطنية أهملت كل التوصيات التي طرحت فيها. من المفارقات أن الحكومة التي زعمت لدى تنصيبها أنها ستتصدى لمحاربة الرشوة والفساد وترشد الحكامة لم تكشف عن خطتها لمحاربة الرشوة إلا مؤخرا، وهو ما يعني أننا أمام وثيقة غايتها الاستعمال الانتخابي، في أفق الانتخابات العامة لمجلس النواب في السنة الجارية، وليس القيام بالمتعين للقضاء على آفة تنخر الاقتصاد والمؤسسات وتؤثر سلبا على العلاقات داخل المجتمع وتسئ إلى سمعة البلاد وفرصها في جلب المنافع والاستثمارات الخارجية والسياح وغير ذلك مما نعول عليه لبناء التنمية والتحسين العام لمستوى معيشة السكان، بتوفير فرص شغل كريم للشباب بالدرجة الأولى.