وأخيرا اكتشف نساء ورجال الشرطة بالمغرب أنهم لا ينتمون لأية هيئة رسمية مؤسسية معترف بها! والمصدر هنا هو فؤاد عبد المومني الذي نزع عن المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف الحموشي كل صفاته الرسمية وألقابه الوظيفية! كما اكتشف أكثر من ثمانين ألف شرطي (ة) مغربي بأنهم كانوا يشتغلون لما يربو من سبعة عقود من الزمن في كنف مؤسسة غير رسمية، ربما هي مقاولة خاصة أو وكالة أسرية، والمصدر في ذلك هو فؤاد عبد المومني دائما. والمثير كذلك أن المغاربة قاطبة لم يفطنوا لهذا الطرح، ولم يطلعوا على هذا الحكم، إلا بعدما فطنت إلى ذلك بصيرة فؤاد عبد المومني ودونها في حسابه المقدس وناموسه المسفر على موقع فايسبوك. ولهذا، فمن حق فؤاد عبد المومني على جميع المغاربة، بمن فيهم منسوبي الأمن، أن يصدقوه مستقبلا ويؤمنوا بنبوءاته، لأنه الوحيد الذي يتوهم في نفسه شأنًا مكينا أسمى من كل الظهائر والمراسيم والقوانين المحدثة لمؤسسة الأمن الوطني، والتي تسبق في تاريخها حتى ميلاد فؤاد عبد المومني نفسه. لكن بصيرة فؤاد عبد المومني ربما غشاها غبش الأبصار، أو ربما هو الحقد الأعمى الذي يكنه لشخص عبد اللطيف الحموشي، الذي جعله لا يدرك من هو نظير مدير وكالة الاستخبارات المركزية في المغرب! فالسي أي إيه هو جهاز استخباراتي أمريكي تقابله المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بالمغرب! ومن هنا كان لقاء ويليام بورنز طبيعي وعادي مع نظيره عبد اللطيف حموشي بالمغرب، وبالتالي فالأمن والحموشي ليسوا مسؤولين عن جهل فؤاد عبد المومني في حالة عدم إلمامه بتصنيفات الوكالات الأمنية، وليسوا مسؤولين أيضا عن مزاجه الشخصي في حالة تأسيس حكمه هذا من منطلق حقده الأعمى على مؤسسة الأمن والاستخبارات. ولعل المثير للسخرية هنا هو أن فؤاد عبد المومني حاول "التفلسف" كثيرا في الجيوبوليتيك، عندما تساءل بشكل استنكاري لماذا "لم يحصل المغاربة على معطيات النقاشات الاستراتيجية التي دارت بالرباط كما حصل إثر لقاء الرياض"، في إشارة لمخرجات المباحثات الثنائية بين الحموشي ووليام بورنز. ولا أعرف لماذا تذكرت ساخرا قصيدة "كلب الست" التي كتبها أحمد فؤاد نجم على كلب السيدة أم كلثوم، وأنا أطالع تدوينة فؤاد عبد المومني! والسبب في هذا الاستحضار الذهني ليس هو طبعا تشابه الأسماء الشخصية للشاعر الألمعي الكبير وهذا المناضل الصغير. ولكن السبب يكمن في هذا المقطع الزجلي الساخر: "حب يعمل واد فكاكه/ ويمشي حبة في الزمالك/ والقَيامة والفتاكة/ يرموا طبعا ع المهالك"، هكذا ظهر لي فؤاد عبد المومني متهالكا جاهلا وهو يناظر في الجغرافية السياسية والتجاذبات الناشئة بين محور الولاياتالمتحدةالأمريكية والتحالفات الجديدة في الشرق الأوسط. وبعيدا عن السخرية التي تصدح من ثنايا تدوينة فؤاد عبد المومني، ألم يطلع هذا الأخير على بلاغ المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني الذي يشير إلى مخرجات اللقاء الثنائي الذي دار بين عبد اللطيف الحموشي ووليام بورنز؟ ألم يتمعن في فقرة البلاغ التي تتحدث عن جدول أعمال الاجتماع الثنائي والتقائية وجهات النظر بين الطرفين بشأن قضايا الأمن والاستقرار الاقليمي؟ أو لربما كان فؤاد عبد المومني ينتظر أن يحضر شخصيا هذا الاجتماع الاستخباراتي، أو يوفد إليه على الأقل عملاء خاصين من قبيل المعطي منجب أو خالد البكاري أو بوبكر الجامعي! فالرجل لا يقتنع سوى بأدوار البطولة والفحولة في مضجع نساء المناضلين. أو ربما كان فؤاد عبد المومني، الذي تحدث بلسان "المغاربة"، يمني النفس بالتجسس على هذا الاجتماع، أو تسريب معطياته لعلي لمرابط وعبد الحق ايناسيو سامبريرو! فالرجل نسي أن الاجتماعات الثنائية بين المسؤولين الاستخباراتيين رفيعي المستوى تبقى مشمولة بالسرية، ولا يخرج منها إلا ما يهم المواطنين وانتظاراتهم من أجهزة الاستخبارات. لكن فؤاد عبد المومني لا يقتنع بسرية أجهزة الاستخبارات، ويرفض إقصاءه من اجتماعات الحموشي السرية، ويطالب بالمكاشفة عنها بدلا من البلاغات الصحفية، وفي أقصى الحالات فهو يطالب بتعيين "بصاصين" عنه لينقلوا له ما يدور في مثل هذه الاجتماعات. إنها السلطة الجديدة التي بات يتوهمها فؤاد عبد المومني! هي سلطة غير مقيدة تنزع عن الحموشي صفاته الرسمية، وترمي بنساء ورجال الشرطة في أحضان مؤسسات غير معترف بها، بل وتمنح لصاحبها صلاحية الاطلاع على أسرار الدولة وعلى محادثات الأجهزة الاستخباراتية. وهذا التحول السلطوي في نزعات فؤاد عبد المومني هو، ربما، انعكاس "لمتلازمة" الفشل الذي يلازم الرجل في هذه الأيام! فبمجرد انفضاح أياديه غير البيضاء باعتباره واحدا " من تلك المصادر الجبانة" في ملف التعرض للمغرب ولمؤسساته الدستورية والأمنية بالكذب والمخاتلات، حتى خرج بتدوينة نافقة صافقة ينزع فيها، بدون خجل وبجهل كبير، صلاحيات حماية الأمن القومي للمملكة من عبد اللطيف الحموشي ونساء ورجال الاستخبارات. ففؤاد عبد المومني ربما دبج تدوينته هذه تحت وطأة حمأة الغضب والفضيحة، وهو ما جعله يتعاطى معها ككرة لهب متدحرجة في حرب "التدوينات المحروقة" التي انخرط فيها منذ مدة! ناسيا أو متناسيا أن أول من يحترق في لعبة النار هو ذلكم "المتصابي" الذي يتساهل شعلات الحريق. فحري إذن بعبد اللطيف الحموشي، من الآن فصاعدا، أن يأخذ بمشورة فؤاد عبد المومني تفاديا لتدويناته النارية الجاهلة، كما يستحسن به كذلك أن يستقبل وليام بورنز وكريستوفر راي وأفريل هاينز بحضوره الشخصي! فالرجل ربما فقد عقله وصار يتوهم في نفسه إدغار هوفر الجديد في نسخته المغربية.