يستفيد الاقتصاد المغربي من ظرفية دولية ملائمة جدا لتخفيض عجز المبادلات الخارجية بشكل كبير، مستفيدا من انخفاض كلفة الواردات، وفي مقدمتها كلفة واردات البترول. في هذا الإطار أورد مكتب الصرف في نشرته الإحصائية المتعلقة بالمبادلات الخارجية للمغرب أن عجز الميزان التجاري فيما يخص السلع انخفض إلى 139،6 مليار درهم في نهاية نونبر 2015 مقابل 174،4 مليار درهم في نفس الفترة من سنة 2014، متراجعا بذلك ب: 34،8 مليار درهم. ونتيجة لذلك حصل تحسن واضح في معدل تغطية الصادرات للواردات ب: 7،3 نقطة، منتقلا إلى 58،4 في المائة مقابل 51،1 في المائة في نهاية نونبر 2014. أما فيما يتعلق بالميزان التجاري للسلع والخدمات، فقد انخفض العجز في نهاية نونبر 2015 ب: 38،7 مليار درهم وبلغ 67،4 مليار درهم مقابل 106،1 مليار درهم في نهاية نونبر 2014، وارتفع معدل تغطية صادرات السلع والخدمات لوارداتها إلى معدل 81،3 في المائة مقابل 72،1 في المائة من سنة إلى أخرى. وتفسر هذه النتيجة، على الخصوص، بانخفاض عجز الميزان التجاري للسلع بعد انخفاض كلفة واردات المواد الطاقية والغذائية، وأيضا بتحسن مداخيل صادرات الفوسفاط (+20،3 في المائة) والسيارات (+20 في المائة). ويعود ذلك تراجع كلفة الواردات أساسا إلى انخفاض فاتورة واردات البترول الخام بنسبة 58،7 في المائة، أو – 15،5 مليار درهم، من سنة إلى أخرى منتقلة إلى 10،9 مليار درهم مقابل 26،5 مليار درهم في نهاية نونبر 2014، حيث ساهم انخفاض كلفة واردات البترول بنسبة 61،9 في المائة في انخفاض كلفة واردات السلع الطاقية التي انخفضت ب: – 28،9 في المائة، أو 25،1 مليار درهم ( 61،8 مليار درهم مقابل 87 مليار درهم في نهاية نونبر 2014 )، وذلك نتيجة انخفاض سعر برميل البترول في السوق الدولية ( – 31،6 في المائة) وانخفاض الكميات من البترول الخام المستوردة ( – 39،6 في المائة) ، علما بأن سنة 2015 تميزت بأزمة شركة سمير، التي تمتلك المصفاة الوحيدة في البلاد، المستمرة إلى اليوم. وبحسب ما ورد في النشرة الإحصائية لمكتب الصرف، فإن كلفة برميل البترول قد بلغت 52،08 دولار في نهاية نونبر 2015 مقابل 99،76 دولار في نفس الفترة من سنة 2014. وقد انخفضت خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من سنة 2015 كذلك كلفة واردات القمح بنسبة 32 في المائة، أو 3،8 مليار درهم مقارنة مع الفترة السابقة، وذلك نتيجة انخفاض الكميات المستوردة ب: 35،6 في المائة، وذلك نتيجة محاصيل الحبوب القياسية التي بلغت 110 مليون قنطار في الموسم الفلاحي 2014 -2015. في المقابل سجلت واردات مواد التجهيز (+ 8،4 في المائة) والمواد الوسيطة (+ 4،6 في المائة) ارتفاعا لكلفة وارداتها، ومثلت 47 في المائة من مجموع كلفة الواردات مقابل 41،5 في المائة في نهاية نونبر 2014. وورد في النشرة الإحصائية الشهرية لمكتب الصرف أن عائدات صادرات المغرب نحو الأسواق الدولية قد ارتفعت بمعدل 7،5 في المائة في نهاية نونبر 2015 مقارنة مع نفس الفترة من السنة السابقة، وذلك نتيجة ارتفاع عائدات صادرات الفوسفاط ومشتقاته بنسبة : 20،3 في المائة، أو 7 مليار درهم، مما يعني أن صادرات المجمع الشريف للفوسفاط تخرج من منحدر السنوات السابقة، وأيضا نتيجة استمرار ارتفاع عائدات صادرات قطاع السيارات بنسبة عالية، حيث زادت بنسبة 20 في المائة، أو 7،5 مليار درهم، وتحسن عائدات الصادرات الفلاحية ب : 12،2 في المائة أو 4،2 مليار درهم. وشكلت صادرات السيارات ( التركيب والكابلاج أساسا) 23 في المائة من صادرات المغرب في نهاية نونبر 2015 حسب نفس المصدر. وإذا ما أضيف إلى تراجع عجز الميزان التجاري للسلع والخدمات تحسن تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج التي بلغت 56،7 مليار درهم، بزيادة 3،6 في المائة من سنة إلى أخرى، وتحسن الاستثمارات الخارجية المباشرة بنسبة 4،3 في المائة، مع تراجع محدود للمداخيل المترتبة عن السياحة، فإنه من المتوقع أن يقل عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات عن 2 في المائة. وهو ما انعكس على احتياطي البلاد من العملة الصعبة الذي بات يعادل 7 أشهر من الاستيراد. هكذا يتبين أن الظرفية الدولية كانت لفائدة الاقتصاد المغربي سنة 2015 مثلما كانت التساقطات المطرية خلال الموسم الفلاحي الماضي لفائدته أيضا، فهل يستفيد من ظرفية مشابهة في السنة الجديدة؟ باستثناء عجز التساقطات المطرية المسجل منذ بداية الموسم الفلاحي الحالي، والتي تتجاوز 50 في المائة مع موسم متوسط، فإن باقي معطيات الظرفية لفائدته، وبالأخص انهيار أسعار البترول وارتفاع الطلب الموجه للمغرب من طرف شركائه الخارجيين.