أيام صعبة تنتظر الجزائريين مع بداية السنة ودخول الزيادات في أسعار الوقود والغاز والكهرباء حيز التطبيق، ما يؤثر مباشرة في أسعار السلع الأخرى، وذلك في اطار تدابير اتخذتها الحكومة لمواجهة انهيار أسعار النفط. وتسبب انخفاض أسعار النفط، المصدر الأول لتمويل ميزانية الدولة، بخسارة الجزائر نصف عائداتها الخارجية في 2015. ومنذ الليلة الأولى لسنة 2016، شعر الجزائريون أن عليهم أن يراجعوا ميزانياتهم العائلية لمواجهة الارتفاع في الأسعار، خصوصا بعدما أدركوا أن أسعار الوقود مثلا ارتفعت بنسب وصلت الى 40%. وبدأت تداعيات ذلك تظهر على القطاعات المرتبطة مباشرة بالوقود مثل النقل. ورغم أن الحكومة أعلنت أن لا تغيير في تسعيرة النقل، الا أن سائقي سيارات الأجرة وحافلات نقل المسافرين سارعوا الى المطالبة بالتعويض، وبعضهم رفع تسعيرته دون انتظار موافقة وزارة النقل. ويرى الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس أن الأمر كان متوقعا، ويقول لوكالة فرانس بريس “زيادة أسعار الوقود والكهرباء والغاز تؤثر مباشرة على القدرة الشرائية للجزائريين”. ويتابع “القدرة الشرائية تأثرت أيضا بفعل انخفاض قيمة الدينار الجزائري مقابل اليورو”، بما أن الجزء الأكبر من الواردات الجزائرية مصدرها دول منطقة اليورو. وخلال بضعة اشهر، انخفضت قيمة العملة الجزائرية من99 دينارا مقابل يورو واحد الى 117 دينارا. ويقول الخبير الاقتصادي “بما اننا نستورد كل شيء، فان النتيجة ستكون ارتفاع اسعار كل السلع”. في السوق الموازية التي تحدد فعليا بالنسبة الى الجزائريين قيمة العملة بسبب عدم وجود مكاتب صرف رسمية، بلغ سعر اليورو 180 دينارا جزائريا. ولم تنجح تصريحات الوزراء حول كون “الأزمة الاقتصادية والأوضاع الصعبة لن تدوم طويلا وأن الدولة تملك الحلول المؤاتية لمواجهة انخفاض أسعار النفط، في الطمأنة”. ويبلغ الحد الأدنى للأجور في الجزائر 18 ألف دينار أي ما يعادل 167 دولارا، أما متوسط راتب الجزائريين فهو حوالي 400 دولار. ولدى توقيعه على قانون المالية لسنة 2016 (ميزانية الدولة) الذي أقر الزيادات في الاسعار، طمأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الجزائريين بأن الحكومة ستواصل “سياستها الخاصة بالاصلاحات والتنمية وكذا سياسة التضامن الوطني والعدالة الاجتماعية (…) وبشكل خاص تسيير آثار تراجع أسعار النفط”. وقال في 30 ديسمبر بأنه “واثق من أن الجزائر تتمتع بميزات عديدة ينبغي تثمينها لتحويل هذه التحديات الى انتصارات جديدة”. ووصف بوتفليقة المحذرين من عواقب الأزمة الحالية ب”مروجي اليأس والاحباط”، كما جاء في آخر رسالة قرأها مستشاره محمد علي بوغازي بمناسبة ملتقى ديني في قسنطينة (شرق). الا أن محافظ بنك الجزائر المركزي محمد لكصاسي رأى خلال عرضه تقرير الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد الاربعاء، ان الامور غير مطمئنة على مستوى التوازنات الكبرى للاقتصاد. وبحسب التقرير، فان احتياطات الجزائر من العملات الاجنبية انخفضت باكثر من 32 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من سبتمبر 2014 الى الفترة نفسها من العام 2015. وانتقلت الاحتياطات من 185 مليار دولار الى 152 مليارا خلال هذه الفترة، في نتيجة مباشرة “لتأثير الصدمة الخارجية بعد التراجع الكبير والمتواصل لأسعار النفط في الاسواق الدولية”، بحسب لكصاسي. وتوقع الخبير الاقتصادي والوزير الاسبق بشير مصيطفى ان ينكمش صندوق ضبط الايرادات الى 21 مليار دولار في نهاية 2016 مقابل حوالى 60 مليار دولار في بداية سنة 2015.