لجأت وزارة التربية الوطنية منذ سنوات إلى تفويت قطاعي النظافة والحراسة إلى شركات المناولة، وفق المساطر المتعلقة بالصفقات العمومية. كأسلوب سلكته كل القطاعات العمومية للتخلص من الموظفين العموميين أصحاب السلالم الدنيا. حيث يعهد لكل شركة فائزة بتدبير قطاعي النظافة أو الحراسة بالمدارس، إلى تمكينها من مجموعة من حراس الأمن الخاص والمنظفات. يتم التعاقد معهم بطرق لا تمت بصلة لقانون الشغل، وبأجور هزيلة. أكثر من هذا فحراس الأمن الخاص يشتغلون بالتناوب ليلا، لمدة 12 ساعة في اليوم (من 7 صباحا إلى 7 مساء، أو من 7 مساء إلى 7 صباحا). حتى أن معظمهم يشتغلون أيام العطل ونهاية الأسبوع. يجهلون ما يعرف بعيد الشغل. بعد أن تحولوا إلى عبيد، يتم استغلالهم لسد كل حاجيات المدارس. الحارس الأمثل والجاد في نظر الإدارة التربوية هو الذي بإمكانه شغل كل المهن والحرف التي باتت تفتقدها المدارس ومديريات التعليم. عليه أن يكون بارعا في العمل ك (كهربائي، صباغ، بستاني، نجار، حداد، بناء، سمكري، ..). يجسدون المفهوم الحقيقي للمثل الشعبي.. سبع صنايع والرزق ضايع.. لم يتوقف استغلال حراس الأمن الخاص فقط عند إصلاح كل الأعطاب التي تتعرض لها تجهيزات شبكات التزود بالماء والكهرباء والصرف الصحي والبنايات والصيانة والتهيئة.. بل إن الخصاص المهول في الموارد البشرية التربوية وخصوصا على مستوى الإدارات. جعل معظم المديرين والمديرات يعتمدون عليهم في تأدية أدوارا تربوية صرفة. تتمثل في دعم عمليات خروج ودخول التلاميذ ومراقبة سلوكياتهم وسط ساحات المدارس. والتدخل لفظ النزاعات بينهم وتأديبهم. وكذا في توزيع الوثائق الإدارية على الأطر التربوية ومساعدة بعض الإداريين داخل مكاتبهم. أو التكفل بمراقبة التلاميذ في حال غياب الأستاذ عن حصة دراسية وما خفي كان أعظم. الأكيد أن هؤلاء متعددي المهن والمهام، يجتهدون قدر الإمكان من أجل إرضاء مشغليهم، وضمان الاستمرار في العمل. والأكيد أن معظم المديرين والمديرات لا ينتبهون إلى أنهم يخرقون قانون الشغل، بفرض مهام وأعباء زائدة على عمال مهمتهم الأولى والأخيرة متمثلة في الأمن والحراسة. لكن الأهم من كل هذا أن لا أحد من داخل أو خارج منظومة التربية والتكوين يدرك خطورة توظيف حراس الأمن الخاص لسد خصاص يلزمه ذوي الاختصاص. ولا أحد يشعر بذنب فرض الأعمال الشاقة على فئة من العمال يعيشون أوضاعا مهنية غير مستقرة. ان معظم هؤلاء يتألمون نفسيا وعضويا، ويشعرون بالذل والمهانة. ولا شك أن ذلك يؤثر على مهامهم في الحراسة والأمن، وحتى في الأشغال المختلفة التي يرغمون على تأديتها..وضمنها المهام التربوية التي فرضت عليهم انتحال مهام الإداري والأستاذ، وتقديم النصح والإرشاد والتوعية.. وهي صفات يرون أن مسؤولي الوزارة لا يمتلكونها. بدليل صمتهم وتجاهلهم تجاه معاناتهم اليومية.