في بلادنا يموت الناس غرقا أو احتراقا واختناقا من أجل رغيف حاف أو بعثا عن حياة كريمة أو عن حفنة فحم من عمق سندريات مناجم اجرادة ، أو من أجل الحرية أو من أجل الكرامة بل حتى من أجل وصال بين الأحبة و الأهالي . فبعد ضحايا معابر سبتة و امليلية في صفوف النساء بحثا عن تجارة تذر بضع دراهم ، و بعد ضحايا نساء منطقة الصويرة من أجل حفنة دقيق ممزوجة بحبات رمال ، و بعد حادثة السير التي ذهبت ضحيتها مجموعة من النساء العاملات في الضيعات الفلاحية بنواحي اكادير و بعد غرق عمال ميناء أسفي الجديد ، عشنا مساء يوم الأحد 15 أبريل كارثة أكثر حزنا و أعمق أسى لتضاف إلى سابقاتها في سجل المآسي المؤلمة لحكومة الإسلاميين . إنها كارثة غرق سيدة و أبنائها الثلاثة الصغار بواد أم الربيع و هي تريد أن تقطعه بعد زيارة أهلها بجماعة سيدي الحطاب بإقليم قلعة السراغنة على متن مركب تقليدي إلى الضفة الأخرى بجماعة سيد الخيدر بإقليم سطات حيث زوجها في انتظارها . لكن أمواج الواد حالت بينهم ، بين الزوج وزوجته و أبنائه ، لما مال القارب و بدت الأم و أولادها الصغار بين معترك الأمواج يصارعون الموت ، عسى أن يتغلبوا على القدر ، يطفون تارة و يمدون أيدهم إلى الناس تارة أخرى حتى ابتلعهم الموج فأصبحوا من الهالكين . و رب الأسرة بالضفة الأخرى لا حول له و لا قوة له أمام ارتفاع منسوب المياه بفعل التساقطات المطرية الأخيرة . إنه مشهد اتراجيدي و مأساوي . و من هنا نطرح السؤال على حكومتنا الموقرة و على المنتخبين من رؤساء جماعات و برلمانين و رؤساء الجهات عن معنى محاربة الهشاشة و الفوارق المجالية ؟ هل هي مصطلحات للاستهلاك الانتخابي و للتضليل من أجل نهب و تبديد أموال عمومية ؟ أم تخطيط استراتيجي للخروج بالمجتمع المغربي من دائرة المعاناة و المآسي الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية ؟ . و هل لا زال في زمننا الحالي ، زمن السرعة و العولمة والتكنولوجية ، يموت اهلنا و ناسنا غرقا عند المرور من ضفة إلى أخرى من ضفاف أم الربيع ؟ ألم ينتهي عهد القوارب التقليدية للمرور من الضفة الشمالية إلى الضفة الجنوبية لأم الربيع ؟ إن الواقع الذي نعيشه لا زال يكرس الفوارق الاجتماعية و الثقافية و المجالية بكل تجلياتها و أبعادها التي لا تتولد عنها إلا المعاناة و المآسي الاجتماعية و مظاهر البؤس و التخلف .فلا زال سكان ضفتي وادي أم الربيع يخاطرون بحياتهم باستعمال القوارب التقليدية للمرور من ضفة إلى أخرى من ضفاف هدا الوادي نظرا للروابط التاريخية ، الاجتماعية و الثقافية والاقتصادية ، بين سكان الضفتين من قبائل السراغنة و الرحامنة من جهة ، و قبائل ابن مسكين و دكالة و الشاوية من جهة اخرى ، وذلك دون أن يهتم المسئولون إلى مخاطر هذا العبور . و بالمقابل نلاحظ بان اهتمام المسئولين من أعضاء الحكومة و من سلطات و منتخبين بجهة مراكش اسفي و بجهة الدارالبيضاءسطات ينصب على تخصيص ميزانيات ضخمة في مواسم "اتبوردة" و المآدب الدسمة المصاحبة لها و في المعارض غير المنتجة و في التنقلات الوهمية و اقتناء السيارات الفارهة و في الميزانيات المخصصة للجمعيات المنتسبة للمنتخبين مما يفتح الباب أمام نهب ماليات الجماعات المحلية و المجالس الإقليمية و الجهوية بالجهتين . إنها ميزانيات تفوق ميزانية بناء سلسلة من القناطر على و اد ام الربيع ، و كانت ستساهم في التنمية و في محاربة الهشاشة و الفوارق المجالية و سياسة الإقصاء و الحد من المآسي الاجتماعية ، لكن حكومتنا و منتخبينا لا يهمهم في ذلك سوى البحث عن السبل الكفيلة للمزيد من الاغتناء و اساليب التضليل لأغراض انتخباوية ليس إلا . و تظل حكومة العثماني حكومة مآسي ,