* مسقط رأس أسد تادلة الشهيد احمد الحنصالي*إشعاع ديبني وثقافي وتأطير روحي للقبائل المحلية طيلة العصور الماضية *حضور قوي وفعال في المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي* موارد غابوية ومائية هامة*عزلة مطبقة وفقر مدقع ومعاناة بالألوان * فلاحة اقل من معاشية لاعتمادها أساليب تقليدية وضعف كبير في دعم الفلاح * إمكانيات سياحية مهمة ومعوقات كثيرة *بنيات تحتية شبه منعدمة. زاوية احنصال :موقع هام وخصائص جغرافية جذابة ومتنوعة وعزلة مطبقة تقع جماعة زاوية احنصال في الأطلس الكبير الأوسط يحدها جنوبا امسمرير وقلعة مكونة بإقليم ورزازات و شمالا جماعات انركي وتيلوكيت شرقا جماعات تبان ببوكماز وايت محمد وغربا ايت محمد مساحتها الإجمالية 880 km يقطنها حوالي9000 نسمة حسب إحصاء 1994. وتابعة إداريا لإقليم أزيلال. يطغى على تضاريس ومناخ المنطقة الطابع الجبلي تتخللها عدة مضايق منها تاغيا -ن-وحنصال وتاغيا نايت عبي وسعيد, يفسرها الجغرافي الفرنسي j.dresch بانتمائها إلى الحادث الجنوب اطسي و يبلغ أعلى ارتفاع بها 3382م بجبل تمغازين . يسود المنطقة مناخ جبلي تتأثر فيه عوامل الحرارة والتساقطات بعامل الارتفاع, تصل درج الحرارة إلى -15° شتاء والى 30° خلال فصل الصيف أما التساقطات فتتراوح مابين 200ملم و600 ملم ومعظمها على شكل تساقطات ثلجية أو زخات مطرية خلال الصيف, مما ينعكس على الغطاء النباتي والتربة ومختلف العناصر البيوجغرافية وأنشطة السكان. يجري بالمنطقة وادي احنصال وهو من الأودية الرئيسية المغذية لسد بين الويدان وذلك لأهمية صبيبه النهري طيلة السنة إضافة إلى أودية أخرى لاتقل أهمية عن الأولى سكان المنطقة: نمو ديغرافي سريع, استقرار بشري قديم ومساهمة فعالة في صناعة التاريخ الوطني .يقطن زاوية احنصال ساكنة تبلغ 8882 نسمة تنمو بنسبة 3.5%حسب إحصاء1994 وهي من المعدلات المرتفعة جدا على الصعيد الوطني ويعزى ذلك إلى عوامل ثقافية ودينيةواجتماعية مرتبطة بالنظام الديمغرافي التقليدي والخصوية الطبيعية. وينحدر سكان المنطقة من أصول قبلية امازيغية أهمها قبائل احنصالن وايت عبدي من أصول ايت سخمان وايت عطا استقرت بالمنطقة لقرون عديدة استطاعت خلالها نسج علاقات معقلنة مع مجالها البيئي و وشائج اجتماعية قوية فيما بينها. لقد شكلت زاوية احنصال منذ تأسيسها خلال العصر الوسيط مصدر إشعاع روحي وديني وعلمي واجتماعي بمنطقة الأطلس الكبير الأوسط لمساهمتها الفعالة في تأطير القبائل المحلية وحل خلافاتها المرتبطة بالأرض والماء والكلاء التي غالبا ما تنشأ عنها نزاعات دورية بين قبائل ايت عطا وايت يفلمان وايت مساط وايت سخمان وايت بوكماز مما أدى إلى اندراج هذه القبائل في صفوفها وتبني طريقتها الدينية ومقابل هذا الدور كان شيوخ الزاوية يتلقون هبات و هدايا من مختلف القبائل على شكل أراضي سقوية في مناطق مختلفة(امسمرير اميضر, تازرين ,ايت محمد, ايت بوكماز,ايت حديدو..)أو أموال و أغنام تسمى محليا بالباروك لأكرامن (باروك الصلحاء او المرابطين) والذي عمق من مكانتهم أكثر في صفوف القبائل لما يحكى عنهم من كرم وإطعام بدون حساب و ادوار الصلح الذي تلعبه بالمنطقةارتبطت طيلة العصر الوسيط والى وقت قريب مما رفع من قيمة الزاوية الروحية والرمزية ليس فحسب محليا بل على مستوى المغرب ككل(انظر كتاب صلحاء الاطلس لارنيس كيلينير). وعرف عن المنطقة إنجابها لمقاومين أشاوس ضد الاحتلال الفرنسي في مقدمتهم اسد تادلة الشهيد احمد الحنصالي الذي اعدم سنة 1953م من قبل الفرنسيين وامحضار و أوداد حدو واخوته وغيرهم ممن ابلوا البلاء الحسن في معركة التحرير والاستقلال . تستأثر الأنشطة الفلاحية باهتمام السكان رغم الضعف الواضح للإنتاج. تشغل الأنشطة الفلاحية السواد الأعظم من الساكنة المحلية أي حوالي98% توزع على مساحة 2850هكتار مخصصة للإنتاج الزراعي معظمها بورية أي % 87.78 بينما المساحة الرعوية تبلغ 17300 هكتار. إن عملية توزيع المساحة الزراعية بالمنطقة تبعا للمعطيات السابقة تتأثر بشكل كبير بعامل التساقطات الغير المنتظمة أو نزولها على شكل زخات تتلف المحاصيل في أحسن الأحوال في ظل ضعف الإعداد الهيدرو -فلاحي ناهيك عن ممارستها بوسائل تقليدية جدا,الشيء الذي يحد من إمكانية إنعاشه ويضعف الإنتاج, أما تربية المواشي فقد أصبحت وزرا لا يطاق نظرا لتكاليفه المجهدة للفلاح مع ازدياد أثمنة الأعلاف وتراجع المراعي وتدهورها من جراء الرعي الجائر وتعاقب فترات الجفاف وضعف السلالات المحلية وعدم العناية البيطرية والعلفية بها نتيجة ضعف مدا خيل القطاع وانعدام كلي للعمل التعاوني رغم كونها رأسمالا ماليا واجتماعيا ثمينا بالنسبة للفلاح المحلي واهم قطعانها الأغنام والماعز حوالي 110000رأس. والجدير بالذكر إن المنطقة لا تتوفر على مركز للإرشاد والاستثمار والتأطير البيطري. مما يجعل الفلاح المحلي يمارسها كبطالة مقنعة ويحوم في حلقة مفرغة من الفقر يستغيث ولا من مجيب. و يطغى على الإنتاج الزراعي الحبوب التي بلغ مجموع إنتاجها 10802.9قنطار سنة 1999 مقابل 26802.9قنطار سنة 1992 ويعزى هاذ التراجع الكبير إلى ظروف الجفاف الذي ضرب المنطقة لسنوات عديدة واضعف الإنتاج الفلاحي ككل, أما الزراعات العلفية فاهمها الفصة و الخرطال التي تزرع على مساحة 150هكتار وتخصص حوالي 7هكتارات لإنتاج الخضر و تتخلل وادي احنصال مغروسات شجرية تنسجم والظروف الطبيعية المحلية أهمها الجوز والتفاح واللوز والأجاص (تفيراس) تحقق نسبيا الاكتفاء الذاتي المحلي وأحيانا تسوق خارج المنطقة بواسطة السماسرة والوسطاء. وعموما فالإنتاج الفلاحي بالمنطقة ضعيف جدا مما أثر على السلوك الغذائي والاستهلاكي للسكان. فجل الحاجيات الغذائية مستوردة من تادلة والحوز و ترتفع أثمنتها بسبب تكاليف النقل وصعوبات المواصلات كما ترتفع الأسعار إلى مستويات خيالية خاصة في فترة عزلة المنطقة شتاء بسبب انقطاع الطرق جراء التساقطات الثلجية مما يعطي فرصة حقيقية لتلاعبات تطال المواد المدعمة ونقصها أو انقطاعها أو بيعها في السوق السوداء فضلا عن ضعف حصة المنطقة منها أصلا , وعدم مسايرتها للحاجيات التي تتنامى تبعا للنمو الديمغرافي مما يدفع بالسكان إلى اتخاذ احتياطاتهم اللازمة لشراء الحاجيات المختلفة من المواد الغذائية القابلة للتخزين استعدادا لفصل الندرة وصعوبة الاتصال بالعالم الخارجي . بنيات تحتية منعدمة تجعل زاوية احنصال في قبضة التهميش والعزلة للسفر إلى الزاوية تلزمك ساعات طوال قد تصل إلى سبع ساعات أو كثر في بعض الحالات على متن شاحنة من ايت محمد أو ازيلال خلال الأسواق الأسبوعية المحلية أي يومي السبت انطلاقا من ايت امحمد ومن ازيلال يوم الخميس فقط وذلك لقلة وسائل النقلرغم ظهور بعض سيارت النقل المزدوج في السنين- الاخيرة -وضعف الإمكانيات المادية للسكان وصعوبة المسالك الجبلية المؤدية إلى المنطقة و التي شقت بسواعد أبناء البلدة تحت الإكراه والضغط الاستعماري في إطار عملية تهدئة الأطلس المعروفة, مسالك وعرة صعبة الاختراق إلا للمتسلح بعشق المكان الذي يختزل الشيء الكثير لدى السكان المحليين, وغالبا ما كان الطريق الرابط بين ايت محمد والزاوية والتي تبلغ مسافتها حوالى 70km مسرحا لحوادث سير مؤلمة أودت بحياة العشرات من السكان يقول احد المواطنينإننا مدفونون هنا ولا نجد من يوصل صوتنا الحقيقي إلى مراكز القرار لفك هذه العزلة القاتلة في زمن العهد الجديد رغم ما أسدته المنطقة كجزء من الوطن من تضحيات جسام في سبيل التحرير وأبناؤنا اليوم في هجرة جماعية إلى تادلة أو إلى قلعة مكونةبورزازات وغيرها و لا يحس المسئولون بوجودنا إلا خلال الحملات الانتخابية لحصد الأصوات وتقديم الوعود الكاذبة والعرجاء ومع ذلك فلا بديل لنا عن تمزرت(البلاد) موطن الأسلاف ومسقط الرأس مهما كان الثمن " وجدير بالإشارة أن دواوير تغانمين وايت عبدي وتلمست لازالت المسافة بينها وزاوية احنصال المركز تقاس بالساعات الطوال مشيا على الأقدام أو على متن الدواب في أحسن الأحوال لقضاء أغراض إدارية وخدمات مرتبطة بالجماعة أو المقاطعة وتزداد الظاهرة حدة مع حلول التساقطات الثلجية أو انخفاض درجة الحرارة في فصل الشتاء. وظل السكان يطالبون وبإلحاح بفك العزلة عن منطقتهم بربطها بالمناطق المجاورة كامسمرير بورزازات واملشيل بالرشيدية وإصلاح الطرق الرابطة بين المنطقة و ايت امحمد وبينها وبين وواوزغت. أما البنيات التحتية التعليمية فهي ضعيفة لاتتجاوز حوالي 36 حجرة معظمها متصدعة و مهددة بالسقوط في ظل واقع الإهمال أو النسيان أو الغش في البناء وغياب المراقبة الصارمة عند الإنجاز, فضلا عن كون هذا العدد لايفي بالحاجيات لمنطقة تعرف نمو ديمغرافيا سريعا و عدد التلاميذ لا يتعدى 800 %93 منهم ذكور في وقت كثر فيه الحديث عن الاهتمام بتمدرس الفتاة في العالم القروي . اغلب التلاميذ لا يتجاوز مستوى الابتدائي لصعوبة الانتقال إلى ايت محمد أو ازيلال لمتابعة الدراسة في الاعداي أو الثانوي لضعف الحالة المادية للسكان رغم وجود جالات استثنائية من الأسر ضحت بكل شيء لتعليم أبنائها قال احد السكان بذلت الغالي والنفيس من اجل تعليم أبنائي بعت الأرض و الأغنام وما ورثته من أواني فضية وغيرها واقترضت من الغير رغبة مني في انتشال أبنائي من الفقر والأمية لأن المدرسة يمكن إن تفتح لهم آفاق ومستقبل أحسن فمتى يتم تطوير البنيات التعليمية وإحداث إعدادية رأفة بتلاميذ المنطقة؟ القطاع الصحي : بنيات شبه منعدمة أطر قليلة وغياب شبه تام للأدوية. يستعصي على سكان قيادة زاوية احنصال الاستفادة من خدمات المركز الصحي الوحيد الموجود بالزاوية لبعدها, ولانعدام الأطر الكافية والتجهيزات الضرورية, أما باقي الدواوير كأيت عبدي وتغانمين وتلمست واليسي فهي أسوأ حالا لانعدام أدنى شروط التطبيب من مراكز الصحية وأطر وأدوية وسيارات الإسعاف مما يجعل سكانها عرضة للمخاطر الصحية خاصة في صفوف الأطفال والنساء الحوامل حيث ترتفع نسب الوفيات بكثرة.وذلك الانعدام دور الولادة والصعوبات التي يجدها الطاقم الصحي المحلي على قلته لتلقيح الأطفال والتنقل إلى الدواوير البعيدة . و قبل بضع سنوات ثم إحداث صيدليات صغيرة بمساعدة منظمة غير حكومية فرنسية كثمرة لتكرار الطلبات الملحة للسكان على السياح الأجانب الذين أخذتهم الرأفة والشفقة بالسكان لما عاينوه من تهميش ونسيان تغرق فيه المنطقة. ثروات بيئية مهمة ومؤهلات سياحية مهملة تحتضن جماعة زاوية احنصال ثروات طبيعية متنوعة أهمها الغابات التي تمتد مساحتها على 11219هكتار معظمها من أشجار السنديان والصنوبر والعرعار إضافة إلى أعشاب الشيح والزعتر و تشكل وسطا طبيعيا ملائما لطرائد وحيوانات أهمها الأرانب والخنزير البري والحجل والحمام والوعل والثروات السمكية بوادي احنصال خاصة نوع لا ترويت La truite))الممتاز إلا أنها عرفت في السنوات الاخيرة تدهورا خطيرا نتيجة ظروف طبيعية وبشرية مختلفة عرضته للتآكل والتراجع سنة بعد أخرى مما يستلزم إعادة النظر في التعامل مع هذه العناصر الاحيائية بشكل يحافظ على ما تبقى منها ويعيد التوازن إلى علاقة الإنسان بوسطه الايكولوجي والطبيعي, وذلك من خلال عمليات واسعة للتشجير و إنشاء محميات طبيعية كفيلة لحماية الثروات الحيوانية المحلية المختلفة من الانقراض .خاصة وأنها تندرج في إطار المؤهلات السياحية الهامة التي تزخر بها المنطقة إلى جانب البنايات والقصبات التقليدية كقصور الزاوية وتغانمين وامزراي وتاغيا التي تعود إلى فترة العصر الوسيط و المضايق والجبال والنمط البدوي الجبلي في العيش وغيرها من المؤهلات التي تسترعي اهتمام عشاق السياحة الجبلية من المغاربة والأجانب على حد سواء الذين يتزايد عددهم سنة بعد أخرى خصصت لهم مآوي مرحلية (les gites d etapes) لاستقبالهم لدى السكان بتشجيع من مندوبية وزارة السياحة بالإقليم في إطار الاهتمام المتنامي بهذا النوع من السياحة الذي يشق طريقه بثبات على الصعيد الوطني ككل. وفي انتظار تدخل الدولة بثقلها للنهوض بالتنمية المحلية بجماعة زاوية احنصال يبقى السكان كالمحكوم عليه بالحرمان والنسيان المؤبد.