منذ مدة طويلة لم أحمل فيها قلمي لكي أكتب، كنت قد أقلعت عن هذه العادة السيئة المسماة كتابة، لكنني أجد نفسي مرغما اليوم كي أكتب، لا أدري لماذا و ما الذي يدفعني للكتابة؟ أجدني عاجزا أمام هذه الورقة البيضاء و قلمي لا يطاوعني، الأحرف تعاتبني و الكلمات تخاصمني و الإلهام يجافيني، أريد أن أهتك عرض هذه الورقة و أدنسها بأفكاري الخبيثة ربما تسكنني جنية إسمها كتابة، لذلك أكتب لأرضيها، لكن أحس أنني بحاجة لكي أكتب لأواجه الملل، لأقتل الوقت لأتحدى غربتي و لأكسر شيئا بداخلي أتذكر عندما كنت تلميذا أساتذتي كانوا يحتجون على ما أكتبه، لأني أستعمل كلمات عارية تعري الواقع بأسلوب صادم و لغة قاسية لتشخيص واقعنا، كنت قد كتبت أشياء كثيرة، عندما أنتهي أمسك الورقة أسحقها بيدي و أضعها تحت حذائي، بعد ذلك آخذ الولاعة و أشعل النار فيها، وأستمتع بمنظر إحتراقها إنتقاما من نفسي، و أنثر رمادها في الهواء بعدها أشعر بالإرتياح لأنني أرحت العالم من قراءة تفاهاتي و حماقاتي، ها أنا عدت من جديد لكي أكتب لأن بداخلي كاتب فاشل و مجنون، كنت أقمعه منذ مدة لكنه يأبى إلا أن يكتب لذلك أردت له أن يخرج للوجود لأبين له تفاهته و لأذيقه طعم الهزيمة المرة مصطفى أوخريب