تقع آيت عتاب كقبيلة في الأطلس الكبير الأوسط يحدها الأطلس المتوسط من جهة الشمال وسهول تادلة من جهة الشمال الغربي والأطلس الكبير من جهتي الجنوب والشرق. وقد تم قبيل استحقاق سنة 1992 تقسيم آيت عتاب التي كانت تحوي مجموع الدائرة الترابية للقبيلة إلى ثلاث جماعات قروية وهي جماعة مولاي عيسى ابن إدريس في الوسط وجماعة تسقي في الغرب وجماعة تاونزة في الشرق، مع ربط بعض المداشير التابعة تاريخيا لآيت عتاب ببعض الجماعات التابعة لإقليم أزيلال خاصة عل صعيد جماعة تاونزة حيث تم اقتطاع مجموعة من التجمعات السكانية وإلحاقها بالجماعة القروية لأكودي نلخير التابعة لدائرة أزيلال ، وهذه الدواوير هي : دوار اخداش التابع لمشيخة إ خرخوضن ويقدر عدد سكانه بحوالي 1.030 نسمة، دوار بوصالح التابع لمشيخة إخرخوضن كذلك ويقدر عدد سكانه بحوالي925 نسمة، دوار آيت تامنتا التابع لمشيخة إخرخوضن بعد أن كان في ما مضى تابعا لمشيخة آيت أومعلا، ويقدر عدد سكانه بحوالي705 نسمة، دوار نكرت الذي ارتقى إلى مستوى مشيخة بعد أن كان في السالف يشكل جزءا من مشيخة آيت أومعلا، ويقدر عدد سكانه بحوالي1.518 نسمة. فإذا كان هذا الاقتطاع من تراب قبيلة آيت عتاب تم ربما بدافع تقريب الإدارة من المواطنين ، فإن ذلك كان على حساب تاريخ هذه القبيلة التي ما زال سكانها يتذكرون بكل فخر واعتزاز المعارك البطولية التي قادها زعماء من قبيلتهم وعلى رأسهم صالح العزمي يوم 02 دجنبر 1916 ومعها القبائل المجاورة ضد قوات الاحتلال الفرنسي فوق تراب بوصالح . والمنطقة تحدها إداريا سبع جماعات قروية، ففي الشمال الشرقي نجد جماعة تزكي (بني عياط) وافورار،وفي الشرق جماعة بين الويدان،وفي الجنوب الشرقي أزيلال ثم جماعة تابية في الجنوب الغربي،وفي الغرب جماعة فم الجمعة،وأخيرا رفالة في الشمال الغربي. وتمتد آيت عتاب على مساحة تتجاوز 363.000 مترا مربعا ، أي ما يشكل نسبة 8 في المائة تقريبا من المساحة الإجمالية لإقليم أزيلال. وترتبط آيت عتاب بمركز الإقليم بمسلك ثم تعبيده في السنوات الأخيرة عبر شلالات أزود الواقعة جنوب المنطقة،كما ترتبط بسهول تادلة بطريق ثلاثية عبر بلدية أولاد عياد مرورا بجماعة ارفالة إلى الطريق الرئيسية الرابطة بين مراكش وفاس عبر بني ملال. وآيت عتاب المنطقة،يقطعها من الشرق إلى الغرب واد العبيد وهي ذات تربة كلسية حيث تنمو بكثرة أشجار اللوز والزيتون،وهي عبارة عن منخفظ طويل ذو اتجاه غرب شرق بين مجموعتين جبليتين ملتويتين. والتساقطات المطرية ببلدة آيت عتاب تتميز بالتباين والتذبذب متوسطها على العموم 400 مم في السنة،وقد يرتفع معدل التساقطات إلى أكثر من 700 مم كما هو الشأن بالنسبة لسنتي 1969 و1971 وينزل أحيانا إلى 134 مم كما كان حظ سنة 1981 التي كانت بداية السنوات العجاف التي ضربت المنطقة بشكل خاص والمغرب على وجه العموم. أما الثلوج فهي نادرة وأحيانا تكون مهمة بين شهري دجنبر وفبراير. ورغم قرب المنطقة من قمم الأطلس الكبير حيث تبقى الثلوج حوالي أربعة أشهر،فإن الحرارة تبقى نسبيا مرتفعة ويخضع تذبذبها لنظام الفصول خلال السنة. ومتوسط الحرارة القصوى بين شهري مايو وشتنبر يتراوح ما بين 25 و 40 درجة مائوية بينما متوسط الحرارة الدنيا بين دجنبر ومارس تتراوح بين 2 و5 درجة مائوية،ولا تنزل تحت الصفر إلا نادرا. ومن حيث الرياح تعرف المنطقة خلال فصل الصيف رياحا شرقية ساخنة تعرف محليا بالشركي، ورياحا غربية جنوبية تهب خلال الفصول الأخرى. وتختلف التربة بايت عتاب من سفح لآخر، وهي عموما ذات أصل كلسي في القمم وعبارة عن طين أحمر فوق السفوح وصلصال كلسي فوق التلال. وتتكون منطقة آيت عتاب في جزئها الشمالي من مجموعة أعراف طويلة يصل ارتفاعها إلى 1200م. أما السلسلة الجنوبية فتأخذ الأعراف فيها اتجاها جنوبيا غربيا شماليا شرقيا وتمتاز قممها بتسطحها عكس الشريط الشمالي.والجبال في هذه السلسلة أكثر ارتفاعا بحيث تصل أعلى نقطة بها إلى 1743م في جبل تكوديت. وتتميز هذه السلسلة الجنوبية بكون واد العبيد يقطعها إلى جزأين ويرسم فيها خندقا طبيعيا يصل عمقه إلى حوالي 500 م ويعتبر حدا فاصلا بين جماعة آيت عتاب وأزيلال. أما حوض آيت عتاب الذي تحتضنه الجبال وسطها فهو ذو انحدار عام من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي يتراوح ارتفاعه ما بين 660 م و 840 م ويتميز بالتقطع بسبب المجاري المائية التي أحالت المنطقة إلى مجموعة من السهول الضيقة البينهرية. وبالإضافة إلى السلسلتين الشمالية والجنوبية والحوض التي يتوسطها نلاحظ تواجد مجموعة من التلال تشكل في شريطين: الشريط الشمالي الذي يصل ارتفاعه إلى 850 م والشريط الجنوبي بحوالي 800 م. ورغم كون منطقة آيت عتاب جبلية، إلا أنها ليست كلها مكسوة بالغابة. فالغابة باتت محدودة في الجنوب الغربي وتضم أشجار العرعار والبلوط الأخضر والخروب. وتجد ر الإشارة إلى أن المساحة الغابوية بايت عتاب هي في تراجع مستمر لظروف طبيعية وبشرية خاصة. ومعظم المجاري المائية بآيت عتاب موسمية ، بحيث يتوقف جريانها بعد توقف التساقطات مباشرة أو بعد بضعة أيام فقط من ذلك. وترتبط قوة هذه المجاري بكثرة التساقطات من جهة وببنية السطح الذي تجري فوقه المياه. والملاحظ تواجد مجرى مائي دائم هو وادي العبيد الذي يختلف صبيبه من سنة لأخرى حسب كمية الأمطار المتساقطة ، ومجرى موسمي له أهميته وهو واد أسمسيل إضافة إلى العديد من المسيلات التي يتبع اغلبها الميل العام للمنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المياه لا يستفاد منها إلا فصليا في سقي بعض المغروسات الشجرية كالزيتون وبعض الحوامض ، إضافة إلى سقي الزراعة البقولية في بعض النقط المتفرقة على طول وادي العبيد. وإلى جانب هذه المجاري السطحية تأتي أهمية المياه الباطنية خاصة وان آيت عتاب تقع في غرب الحوض الهيدروغرافي رقم 24 والمعروف بحوض وادي العبيد ، كما أنها تنتمي إلى منطقة الأطلس الكبير الأوسط الجيري والكلسي الشيء الذي يسمح بتسرب المياه نحو باطن الأرض. وقد أكدت الدراسات على توفر المنطقة على شبكة باطنية جد مهمة عمقها ما بين 6 و35 مترا ، وتشكل الطابق الأساسي للآبار المستعملة حاليا . ويقدر صبيب هذه الفرشة ب 36 لترا في الثانية أي ما يعادل 500 مليمترا من الأمطار وإن تأثرت كثيرا بفترات الجفاف المتعاقبة . كما أكدت نفس الدراسات أن هناك فرشة أخرى أعمق من الأولى بحيث يبقى استغلالها ممكنا وسهلا ، لكنه يتطلب مصاريف تفوق الإمكانيات المحلية. أما من ناحية المناخ ، فالمنطقة تتميز بمناخ جبلي قاري وكمية التساقطات التي تعرفها القبيلة مهمة نسبيا ، إلا أن الملاحظ هو أن المنطقة تخضع كذلك للظاهرة العامة التي يعرفها مناخ المغرب من حيث تناقص الكميات المطرية من الشمال نحو الجنوب ومن الغرب نحو الشرق. ومن المؤكد أنه لولا انتصاب الجبال في المنطقة لتناقصت هذه الكمية بشكل ملموس ، يضاف إلى ذلك أن الجفاف الذي عاشه المغرب من النصف الأول من الثمانينات قد خلف آثارا عميقة لا زالت آثارها واضحة على الجغرافيا والسكان بالمنطقة. ومن الناحية البشرية فإنه يمكن الجزم أن منطقة آيت عتاب ليست بحديثة التعمير ، بل أن ذلك يرجع على عدة قرون خلت ، كما أن استقرار السكان كان لأسباب مناخية أولا وأمنية في الدرجة الثانية ، وبتغير ظاهرتي المناخ والأمن التي كانتا في السابق سببا في العمران ، طرأت تغييرات في بنية السكان أصبحت بسببها غير متوازنة مع المعطيات الاقتصادية للمنطقة. ويمتاز العنصر العتابي بتنوعه لكنه مندمج بالرغم من ذلك ، كما يتميز أيضا بترحاله وحبه للهجرة سواء على صعيد العديد من المدن المغربية أو في الخارج بالديار الفرنسية والإيطالية والإسبانية وغيرها. وللعنصر العتابي خاصة والأزيلالي عامة تاريخ مشهود في الكفاح الوطني ضد الاستعمار الفرنسي من قبيل صالح العزمي وحسن المنتصر المعروف بسي حسن البومليكي ورفاقه الكثر في درب الكفاح ، كما يشهد له بالشجاعة والاستبسال في صفوف قوات الحلفاء ضد الفاشية والنازية خلال الحرب العالمية الثانية حيث نالوا شواهد تقديرية رسمية من جهات مختلفة كما تشهد على ذلك الصور التي تتضمنها ملاحق هدا الكتاب ، اعترافا لهم بما قدموه من تضحيات وما ابانوا عنه من نكران الدات. واللهجة الأكثر انتشارا وتداولا في المنطقة هي البربرية بنسبة أكثر من 85 % إضافة إلى أقلية تتكلم العربية الدارجة. ومن حيث الساكنة وصل عدد سكان آيت عتاب حسب إحصاء 1982: 33.200 نسمة . وقد ارتفع هذا العدد ليصل إلى 35.840 نسمة في أكتوبر 1989 حسب تقديرات مكتب الحالة المدنية بمركز الجماعة ليتقلص إلى 31.629 نسمة وفق إحصاء 1994 ب 4.740 أسرة في المجموع وهو ما يمثل نسبة 25% من ساكنة الدائرة وحوالي 7% من ساكنة إقليم أزيلال. ويرجع سبب هذا التقلص في عدد الساكنة أساسا إلى التقطيع الذي عرفتة الجماعات الحضرية والقروية على الصعيد الوطني مند بداية العشرية الأخيرة من القرن الماضي ، الشيء الذي كلف قبيلة آيت عتاب التي كانت منضوية تحت لواء جماعة قروية واحدة فقدان عدد من التجمعات السكانية التي ألحقت بجماعات قروية مجاورة، وذلك بعد أن تم تقسيمها إلى ثلاث جماعات وهي مولاي عيسى ابن إدريس وتاونزة وتسقي. ووفقا لإحصائيات السكان لسنة 2004، وصل عدد ساكنة آيت عتاب بجماعاتها الثلاث ما مجموعه 30.535 نسمة ،كانت نسبة جماعة مولاي عيسى ابن إدريس منها :12.621 نسمة ، مقابل 11.610 نسمة لجماعة تاونزة ، في حين أن جماعة تسقي لم تشمل إلا على 6.304 نسمة. أما من حيث عدد الأسر المحصاة برسم سنة 2.004 فإن الجماعات الثلاث لم تتعد 4.879 أسرة ب 2.109 لجماعة مولاي عيسى ابن إدريس و 1.753 أسرة لجماعة تاونزة و 1.017 أسرة لجماعة تسقي. وبعدد ساكنتها التي تصل إلى 30.535 نسمة متجمعة في 4.879 أسرة تمثل آيت عتاب على التوالي من ساكنةإقليم أزيلال %5,9 و%6 وحسب الإحصاءات الرسمية فان نسبة التزايد السنوي بالمنطقة جد ضعيف، بحيث سجل برسم السنة المعنية 0,2 % بمولاي عيسى ابن إدريس ، مقابل تقهقر بنسبة 0,7% في كل من تاونزة وتسقي. ويرجع هذا الضعف ليس إلى الزيادة الطبيعية ولكن إلى ظاهرة الهجرة القروية النشيطة التي تعرفها آيت عتاب منذ القديم. وسكان آيت عتاب يتوزعون بصفة غير متكافئة على المجال الترابي للمنطقة على شكل دواوير متفرقة منظمين إداريا في عدة مشيخات تحت إمرة قيادة واحدة تحكم أيضا قبيلة بني عياط . والكثافة السكانية تصل إلى أكثر من 84 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد ، وهو ما يعتبر أعلى كثافة سكانية على صعيد الإقليم . وعلاقة بالنشاط الاقتصادي فقد تم تقسيم الساكنة العتابية النشيطة التي تمثل 50% من مجموع لسكان إلى الفئات التالية حسب إحصاء السكان والسكنى لسنة 1982: 3/1 من السكان يشتغلون بالفلاحة منهم 1380 شخص يشتغلون بالرعي فقط وبصفة دائمة. 5،2% من السكان النشيطين تشكلهم ربات البيوت. 5،23% بدون عمل. 5،6% يتكون من المستأجرين،منهم 50% يشتغلون في قطاع البناء، أما الإداريون فلا يشكلون سوى 20% من هذه الفئة. 5% ويتعلق بفئة الحرفيين في الدباغة والأواني الفخارية والخياطة والجزارة وغيرها. 3% يتكون من فئة التجار ويشتغلون في التجارة بالتقسيط في المواد الغذائية والمواد الفلاحية والأدوات المنزلية والثياب. وآخر فئة هي فئة الفقهاء والأئمة وتضم 150 فردا يقومون بالوعض والإرشاد وتعليم الصغار في الكتاتيب القرآنية . ويرتكز النشاط الفلاحي أساسا على زراعة الحبوب وغراسة الأشجار المثمرة. وتأتي زراعة الشعير في المرتبة الأولى تليها زراعة القمح الصلب، أما القمح الطري فزراعته نادرة بالمنطقة. والى جانب هذه الزراعات نجد زراعة بعض القطاني ككيكر-البيقة- والعدس والجلبانة والحمص والفول ثم زراعة بعض الخضراوات التي تنتشر في الأماكن المسقية. وتقدر المساحة الكلية لقبيلة آيت عتاب ب 72.000 هكتارا تقريبا، منها 36.880 هكتارا أراضي فلاحية تنقسم إلى 22.145 هكتارا صالحة للزراعة و4.000 هكتارا غير صالحة لذلك. وتتميز المنطقة بنوعين من الأشجار المثمرة وهي اللوز والزيتون مع أشجار أخرى أقل أهمية.ويشغل اللوز حتى وقت قريب 1.620 هكتارا بمنتوج عام يقدر ب 160 طنا في السنة ، علما أن هذا المنتوج تقلص كما وكيفا بفعل موجة الجفاف المتعاقبة مند بداية الثمانينات. والزيتون وإن يأتي في المرتبة الثانية من حيث المساحة المغروسة ب 1.200 هكتارا مقارنة مع أشجار اللوز ، فهو يحتل المرتبة الأولى من حيث الإنتاج ب 7.200 طن سنويا، لكن كمية وجودة الإنتاج تظل رهينة بنسبة التساقطات التي تعرفها المنطقة من جهة وسلامة المحصول من الأضرار الجرثومية المحدقة به بسبب أحوال الطقس والمناخ. أما تربية المواشي فإنها تأتي في درجة دون الفلاحة وغراسة الأشجار ، وبالرغم من ذلك ، فإنها أهمية لا يستهان بها باعتبار اليد العاملة التي تشغلها والرصيد الهام من الماشية الذي تتوفر عليه بحكم الوسط الطبيعي الذي تتميز به. وتأتي الدواجن من حيث عدد الرؤوس على رأس القائمة بحوالي 50.000 رأسا ،تليها الغنم بحوالي 22.000 رأسا والماعز بحوالي 14.000 رأسا والخيليات بحوالي 1.800 رأسا والبقر بحوالي 1.800 رأسا ، إضافة إلى النحل الذي يقدر عدد خلاياه ب720 خلية تقليدية مقابل حوالي 100 خلية عصرية. من أجل هذه المنطقة العزيزة تم تأسيس الجمعية الثقافية والاجتماعية لقدماء تلاميذها في بداية الثمانينات التي أصبحت تحمل اسم ‘'جمعية آيت عتاب للتنمية'' ابتداء من بداية الألفية الثالثة،حيث سيظل أعضاؤها المؤسسون مهما كانت الظروف والأحوال مدينين لهذه البلدة بالشمس والهواء وبكل المقومات التي جعلت منهم رجالات يتبوأون حاليا مناصب مختلفة في أسلاك الدولة والقطاع الخاص. فمن أجل ذلك، نسترخص كل الصعاب ونتحمل الكثير من التضحيات ونواجه مختلف التحديات للتعريف بهذه المنطقة وتسليط الأضواء على إمكانياتها وإثارة الانتباه إلى المعوقات التي تحول دون تنميتها وتحقيق كل ما يتمناه لها أبناؤها البررة صادقين من تقدم ورخاء. إعداد: ب.مامون رئيس جمعية آيت عتاب للتنمية