أصبحنا للأسف في هذه الأيام نسمع نعوثا و صفات من أناس شتى يطلقونها لا يلقون لها بال... صفات هدَّامة بطبعها كما يلم محتواها على عدم وعي مثل أنت غير ناضج ، صفة تُطلق على شباب هم عماد الأمة إن لم نقل انه لم يسلم منها أحد كبير كان أو صغير، لذا كان من الواجب أن نتوقف لحظة للتنبيه وإصلاح ما يمكن إصلاحه,... في تصور الكثيرين لا يزال النضج مرتبطاً بالمرحلة العمرية .. ومما لا شك فيه أن هذا نصف الحقيقة إن لم نقل جزء منها... لان النضج مزيج من المعرفة و الخبرة إضافة للقدرة على البيان والبذل بغض النظر عن السن .. النضج عقبة نفسية يضعها المرء في طريق إبداعه وتطوره، إما من ذاته التي ستزداد ضعفاً على ضعف.. أو من تهويل وتضخيم الآخرين نتيجة الاعتقاد السائد في شأن النضج السني على حساب النضج الفكري... اعتقادات كثيرة مغلوطة نخرت عقول الكثير من الناس آباءً كانوا أو مُربين... خصوصا عندما يتم حصر النضج بالسن بل أكثر من هذا وعلى سبيل المثال لا الحصر تجد شبابا كثر لهم من القدرة الجسدية والعقلية وغيرها ما تأهلهم لتحمل مسؤوليات في المجتمع لكن بدعوى عدم النضج يُقبرون ... مما يجعلنا نطرح السؤال هل يتسم الواصفين والحاكمين على الناس والشباب بالخصوص بالنضج هم بالخصوص. إشارة، من أروع العبارات والجمل التي قرأت عن النضج وعلاماته ما سطر بين دفتي كتاب مبادرة السؤال من اجل حركية فكرية جديدة تقول "إن من علامات النضج انفصال المرء عن ذاته بمساءلته لها، لأنه بذلك يكون قد تجاوز مرحلة الوعي بهذه الذات بدل الاندهاش لها أو الانغماس فيها، إلى مرحلة الوعي بضرورة تطويرها، مستنبطا نوعا من عدم الرضا عنها، ومستصحبا حالة من إيمانه بقدرته على إحداث تغيير ما بها..." إذا ... أبدع ..قدم فكرك وتجاربك للآخرين طور ذاتك و قدراتك .. ليس من الضروري النضج العام الشامل فقد ينضج المرء في جانب دون آخر وهذا قسم الله لك دون توقف عن طلب ما لم تنله بعد، فبذل الأسباب ضرورة للنضج فهو أمر مكتسب لا يتم إلا بالطلب .. أبناءنا رجال المستقبل كلمة أكبر من مناهجنا التربوية والوصول لها يبدأ بك أنت قبل ابنك .. وحضارة الإسلام تزخر بنماذج يمكن الاحتذاء بها في حال طرح عوائق الزمن واختلاف المرحلة الحضارية .. أظهر نتاج نضجك وتقبل النقد .. قبل ذلك اجعل الناس يثقون بك من خلال هذه المعادلة الصدق و المعرفة تنتج الثقة. (1) مبادرة السؤال من اجل حركية فكرية جديدة ص20 ، فيصل الأمين البقالي (*) بعض أفكار هذا المقال مقتبسة من مجموعة مقالات خصوصا للدكتور فيصل أبو صهيب المهدي فاضلي [email protected]