نظرا لكونها جاءت نتيجة مناظرة وطنية بتاريخ 9 أبريل 2005 و تبنيها للمقاربة التربوية في ميدان الاستشارة والتوجيه فإن المذكرة الإطار 91 كانت الخطوة الأولى في المسار الصحيح ولبنة أساسية لبناء منظومة الاستشارة والتوجيه على أساس متين؛ هذا لو تبعتها خطوات أخرى على أرض الواقع . الذي حدث أن هذه المذكرة رغم أهميتها بقيت حبرا على ورق لم ينفذ منها إلا القليل؛ ولا يعلم بها إلا القليل من أطر التربية والتعليم إذا استثنينا مستشاري ومفتشي التوجيه التربوي . وبقي التوجيه التربوي في الممارسة اليومية في أذهان التلاميذ ؛الآباء والمجتمع التربوي مختزلا في بعض الممارسات الهامشية على أهميتها أحيانا من قبيل الإعلام المدرسي والمهني وما يوفره عالم الشغل من فرص وما تجود به مصادر الإعلام المدرسي والمهني من إعلانات ( التوجيه التربوي والمهني : نظرية وواقع وعلاقته بإكراهات النسق التعليمي المغربي؛ محمد مامو مستشار في التوجيه التربوي نيابة الجديدة). يتضح إذا أن أحد عناصر الخلل المركب الذي نعاني منه منظومة الاستشارة والتوجيه تتجلى في عدم تفعيل المقاربة المتبناة وكذلك عدم تبليغ مضمونها لكل الفاعلين التربوين. عدم تفعيل المقاربة التي تم الاتفاق على تبنيها خلال المناظرة الوطنية ل 9 أبريل 2005 لا يتجلى فقط في عدم توفير الوزارة كما الأكاديميات والنيابات الإقليمية للحد الأدنى من الظروف والآليات الضرورية لاشتغال الأطر العاملة في ميدان الاستشارة والتوجيه؛ فالتوجيه آخر ما يمكنهم التفكير فيه فحتى تلك السطور التي تحدث فيها تقرير المجلس الأعلى للتعليم يظهر أنها أضيفت في اللحظات الأخيرة أما البرنامج الاستعجالي فلم نعتمد فيه المذكرة 91 ولا مقاربتها التربوية بل اعتمد خليطا غير متجانس من التجارب بعضها أصبحت متجاوزة كالتربية على الاختيار التي لفضها النظام الكندي منذ سنة 2000م والطريقة التي تقدم لنا بها غير صحيحة ؛ الشيء الذي يمكن أن يسهم لامحالة في تقهقر منظومة الاستشارة والتوجيه وليس الرقي بها. فالرقي بهذه المنظومة يتطلب بداية توضيح المقاربة المتبعة مع دراسة ملائمتها للواقع وتحديد جانبية التلميذ الذي تستهدفه هذه المقاربة فلا يعقل أن نحدد كفايات كل مادة مدرسة كما الكفايات المستعرضة ولا نحدد كفايات خاصة بمجال الاستشارة والتوجيه حتى تكون له مصداقية؛ كي يكون التوجيه سليما وتكون له مصداقية لابد كذلك من توفر ثلاث ركائز أساسية؛ ( الركائز مستوحات من مداخلة لزميل لا أتذكر اسمه على منتدى اللجنة الوطنية لأطر التوجيه والتخطيط التربوي على الأنترنت بتصرف) الركيزة الأولى ترتبط بسيرورة بناء شخصية الفرد والتي تتطلب القياس والتقويم لضبط مكامن القوة والضعف والتعرف على الذات، وفي هذا الصدد لا بد من وجود وسائل وأدوات علمية لجمع المعلومات الضرورية بحيث يتم العمل على تكييف الروائز الخاصة مع الوسط المغربي. كما يجب العمل على ربط انتقال التلميذ إلى المستوى الموالي رهينا بتمكنه من الكفايات المطلوبة فتلميذ الثانوي الحاصل على معدل أقل من 10 هو بحاجة إلى الدعم لتصحيح مكامن الخلل وليس للإختيار بين المسالك المتوفرة وهذا المطلب لازالت أطر التوجيه التربوي تنادي به منذ مدة. الركيزة الثانية تتعلق بوجود عروض مختلفة تتعلق بالمسالك الدراسية والتكوينية تتيح للجميع فرصا سانحة للإختيار بعيدا عن أي أسلوب إقصائي حتى يجد كل فرد موقعا له داخل خريطة العروض المقدمة؛ والحال عندنا أن المدارس والمعاهد العليا لا تستطيع استقبال أكثر من 10 في المائة من الحاصلين على شهادة الباكالوريا؛ أما الركيزة الثالثة فهي مرتبطة بوجود مرصد وطني للشغل يقدم المعلومة المحينة المتعلقة براهنية وسط الشغل كما يقدم المعلومة المتعلقة بالقطاعات التي ستعطي فرصا مشجعة للشغل على المدى المتوسط؛ لكن كيف لاقتصاد يغلب غليه القطاع غير المهيكل أن يتنبأ بالقطاعات الواعدة . فعندما يكون لهذه الركائز وجود، إذاك يكون الحديث حول التوجيه له مصداقية علمية، وتجد مقارباته المختلفة موطأ قدم لها. أما في واقع حالنا فغياب هذه الركائز هو من المعيقات الكبرى لكل توجيه سليم. ...يتبع عبد الرحيم السعداوي مستشار في التوجيه التربوي القطاع المدرسي أزيلال