المبحث الثاني : تأسيس حقوق الإنسان في مؤسسات و وكالات التنمية الدولية. إن أراء عددا من خبراء العاملين في حقل التعاون الدولي و حقوق الإنسان و لجنة حقوق الإنسان، و أشغال مؤتمرات دولية، تلتقي حول مجموعة من التدابير التي يتعين الأخذ بها في أنشطة وكالات التنمية الدولية و المؤسسات المتخصصة بما فيها المؤسسات المالية لدعم حقوق الإنسان فيها. و يمكن جرد جملة من تدابير أساسية في هذا الاتجاه من خلال أشغال هؤلاء و تدقيقها كما يلي: 1 – القيام بدراسات حول الوسائل الكفيلة بدمج اعتبارات حقوق الإنسان في سياسات و برامج و مشاريع وكالات التنمية الدولية و المؤسسات المتخصصة التي لازالت لم تفعل ذلك و منها المؤسسات المالية الدولية. 2- إدخال حقوق الإنسان كمعايير في مشاريع التنمية كما بالنسبة للبيئة أو مشاركة المرأة أو احترام حقوق السكان المرحلين بسبب المشاريع في المؤسسات المالية الدولية نفسها. و لأجل ذلك يقترح بعض الباحثين إجراء جدريا بتمثل في تطوير قوانين الوكالات و المؤسسات المشتغلة بالتنمية لتأخذ بالاعتبار حقوق الإنسان سواء في قوانينها الأساسية أو من خلال مدونات داخلية تؤكد على التزامها بحقوق الإنسان و تضع معايير و مساطير للوفاء به. 3- إنشاء مكاتب لحقوق الإنسان داخل وكالات التنمية و المنظمات المتخصصة وظيفتها الحرص على تطبيق تلك المعايير، و أخذ حقوق الإنسان في السياسات و البرامج و المشاريع. و يلتقي المقترحان السابقان مع اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة بدراسة أثار المشاريع من منظور حقوق الإنسان، ومع اقتراحات مقرر اللجنة الفرعية لمنع التمييز و حماية الأقليات في تقريره الختامي حول إعمال الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. 4- اتخاذ تدابير خاصة بالنسبة للمؤسسات المالية الدولية، للحرص على ألا تكون للسياسات و البرامج و المشاريع الممولة و المدعومة أثار سلبية على حقوق الإنسان و لاسيما الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية. و يجب وضع شبكات للأمن الاجتماعي بحث تضمن احترام الحد الأدنى من الحقوق تمشيا مع التزامات الدول بموجب العهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. 5- و تماشيا مع ذلك يجب دمج مسألة هذه المؤسسات في أنظمة الرقابة الدولية عن احترام حقوق الإنسان بان يطلب منها مثلا تقديم تقارير دورية إلى الأجهزة الرئيسية كلجنة حقوق الإنسان أو المجلس الاقتصادي و الاجتماعي عن كيفية مراعاتها و تشجيعها للنهوض بحقوق الإنسان من خلال أنشطتها. 6- تشجيع الأنظمة الديمقراطية المحترمة لحقوق الإنسان لدى دراسة طلبات المساعدة، و هذا يتطلب توثيق التعاون مع الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، و مع المنظمات المحلية و الدولية غير الحكومية ذات المصداقية، لتجري سياسة الدولة وسجلها في هذا المجال. و هذا يفترض بالمقابل. 7- ردع الأنظمة غير الديمقراطية عند دراسة طلباتها للمساعدة. غير انه في هذه الحالة فان الدعم بتعاون مع الأممالمتحدة التي قد تفرض تدابير رادعة أكثر قوة. يجب إلا يمس بحقوق الإنسان التي تحتل فيها حقوق الفئات الهشة مكانة خاصة و يحب إن تمر المساعدة في هذه الحالة قدر الإمكان عبر المنظمات غير الحكومية الدولية أو المحلية. 8- إشراك المستفدين من مشاريع التنمية في كل مراحلها، تصورا و صياغة و تنفيذا و متابعة و تقييما. و هو تدبير يلح عليه كثير من الخبراء. و أجهزة حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، و هو يستجيب لمتطلبات الحق في التنمية . و بهذا الصدد يشار أيضا إلى ضرورة إشراك ممثلي السكان الحقيقيين و المنظمات غير الحكومية و نقاباتهم الخاصة ، بغض النظر عن موقف الحكومات التي لا ترغب أحيانا في وجود شراكاء يخرجون عن سيطرتها، و يطلعون على مكونات المساعدة لتبقى بمنأى عن المساءلة و المحاسبة. و يلتقي هذا المطلب مع توصيات إعلان وبرنامج عمل فيينا حول حقوق الإنسان. 9- دمج اعتبارات حقوق الإنسان في عملية خلق المعلومات المستعملة في المساعدة. و يلح بعض الباحثين على ذلك، لان القرارات تتوقف على نوع المعلومات التي تغديها،كما انه لم تدمج اعتبارات حقوق الإنسان في المعلومات فان احترامها أو خرقها لن يكون متضمنا كذلك في عملية التقييم. 10- زيادة شفافية المعلومات حول أنشطة التعاون الدولي و جعلها متاحة للمواطنين و للصحافة، بدلا من معالجتها كأسرار محروسة، فإذا كانت هذه الأنشطة تقدم بصفتها تتم لمصلحة التنمية خدمة للشعوب فليس هناك أي مبرر للتكتم عليها، ثم إن حق المواطنين في الإعلام يفرض وصولها إلى الأخبار التي تهمهم و تؤثر على حياتهم، و إضافة لذلك فالمشاركة تتطلب الإطلاع على المعلومات و السياسات و مناقشتها و التأثير عليها و محاسبة القائمين عليها. 11- زيادة التنسيق و التعاون بين وكالات التنمية الدولية و أجهزة الأممالمتحدة المعنية بحقوق الإنسان، و هذا تفترضه عدد من الاعتبارات السابقة نفسها، وهو يكشف في نفسه عن ضرورة إقرار مقاربة أكثر شمولية لتأسيس التعاون الدولي. رشيد خليدي عضو، كاتب و مراقب قانوني في المركز العربي الاوربي لحقوق الانسان و القانون الدولي عضو الاتحاد المدافعين عن حقوق الانسان العرب عضو المنظمة العربية لحقوق الانسان عضو الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان عضو الجمعية المغربية لحقوق الانسان عضو الرابطة المغربية للصحافة الالكتونية