إلى سماحة السّيّد عليّ أمين اللّهمّ عظم سلطانك، وعلا مكانك، وخفي مكرك، وظهر أمرك، وجرت قدرتك، اللّهم إنّي أفتتح الثّناء عليك بحمدك، فالحمد لله الذي لا يردّ قضاؤه إلاّ بقضائه ولا يلجأ منه إلاّ إليه، سبحانه ليس لعطائه مانع فهو الجواد الواسع، رازق كلّ قانع، راحم كلّ ضارع، منَزِّل الكتاب الجامع بالنّور السّاطع، وهو للدّعاء سامع، وللكربة دافع، وللدّرجات رافع، وللجبابرة قامع، فلا إله غيره، ولا شيء يعدله، ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير، اللّطيف الخبير، وهو على كلّ شيء قدير، فالحمد لله المسدّد إلى الصّواب بمنّه، حمدا يوافي كلّ نعمة من نعمه ويكافئ المزيد، اللهمّ لك الحمد أنت نور السّموات والأرض ومن فيهنّ، ولك الحمد أنت قيّوم السّموات والأرض ومن فيهنّ، ولك الحمد أنت ملك السّموات والأرض ومن فيهنّ، ولك الحمد أنت الحقّ، وقولك الحقّ، ولقاؤك الحق، والنّبيئون حقّ، وسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم حقّ، والسّاعة حقّ، وأنّك يا ربّ ستبعث من في القبور، اللّهمّ فاطر السّموات والأرض عالم الغيب والشّهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك، فإنّك تهدي من تشاء إلى صراطك المستقيم، فإنّي قد أيقنت أنّك أنت الله أرحم الرّاحمين في موضع الشّكر على النّعمة، أشدّ المعاقبين عند الكفر بها وحلول النّقمة، اللّهمّ هذا ثنائي عليك مُمَجِّدًا، وإخلاصي عند ذكرك موحِّدًا، وإقراري بآلائك ولأنعمك مُعدِّدًا، فتقبّل يا أرحم الرّاحمين مِدْحَتِي، واستجب يا مجيب السّائلين دعوتي، (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله، قل أفلا تذّكّرون، قل من ربّ السّموات السّبع وربّ العرش العظيم، سيقولون لله قل أفلا تتّقون، قل من بيده ملكوت كلّ شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون، سيقولون لله، قل فأنّى تسحرون)، (إنّ في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ويتفكّرون في خلق السّموات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك، فقنا عذاب النّار، ربّنا إنّك من تدخل النّار فقد أخزيته وما للظّالمين من أنصار، ربّنا إنّنا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربّكم فآمنّا، ربّنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنّا سيئاتنا وتوفّنا مع الأبرار، ربّنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة، إنّك لا تخلف الميعاد). الشّيخ الوقور والعبد الصّالح بإذن الله تعالى سماحة السّيّد عليّ الأمين حفظكم اللّه في دينكم وعاقبة أمركم، وأراكم في ذرّيّتكموفي أمّة سيّدنا محمّد صلّى الله عليه سلّم. ما تحبّون وما تقرّ به عينكم، آمين سيّدي الفاضل السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أبعث إليكم هذا الكتاب راجيا من الله جلّت قدرته أن يصلكم وأنتم تنعمون بموفور الصّحّة والعافية، متمنّيا أن يفي بالتّعبير عن محبّتكم في الله ودعائي لكم بظهر الغيب، وحيث إنّني ممّن يظنّون بكم كلّ خير أتوسّم فيكم رجاحة الفكر وسداد الرّأي لاسيما وقد زانكم الله بزينة العلم والنّسب الشّريفين، وأنعم عليكم بأن ألهمكم الدّعوة إلى الوسطيّة والاعتدال تمسّكا بالحقّ ودعوة إليه، ونفورا من الباطل وابتعادا عنه، وكذلك شأن كلّ مسلم عاقل يؤمن بالله ورسوله. وإنّني إذ أكاتبكم سيّدي، متحسّرا على ما يعرضه بعض المنتسبين للإسلام على صفحات العديد من المواقع الإلكترونيّة من سموم وفظاعة لا يماثلها سوءا وقذارة إلاّ ما يعرض على مواقع أخرى تديرها الصّهيونيّة والمسيحانيّة العالميّة، وقد لا يجانب الصّواب من يعتبرها مواقع متكاملة فينظر إليها بوصفها مواقف متناسقة في الحرب على الإسلام ورموزه ورجاله بما تذيع من مواعظ مدسوسة، وآراء مخبولة، ومن كذب وتغليط وتسطيح للحقائق وتشويه للوقائع في سياق حرب إلكترونيّة يراد لها أن تكون وسيلة لتلويث أفكار النّاس وزعزعة ثقتهم بماضيهم وتراثهم الحضاريّ، ومطيّة يركبها المعتدون وأذيالهم من المتآمرين لوأد مستقبل الأمّة وإبعادها عن المشاركة الإيجابيّة الفاعلة في صنع التّاريخ وقيادة الحضارة، فإنّني أدعوكم إلى منقبة هي الدّعوة إلى الخير عملا بقول الله عزّ من قائل: (ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)، وقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلمّ فيما أخرجه الإمام أحمد في المسند على الصّفحة 183 من الجزء الخامس رواية عن زيد بن ثابت رضي الله عنه حيث قال: (سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «ثلاث خصال لا يغلّ عليهنّ قلب مسلم أبدا: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة فإنّ دعوتهم تحيط بهم من ورائهم»)، وقوله عليه الصّلاة والسّلام: «يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله، ينفون عنه تأويل الجاهلين، وتحريف الغالين، وانتحال المبطلين »، فلعلّ الله يفتح عليك سيّدي، ويجعلك من المجدّدين المصلحين فيجمع بجهدك أمر هذه الأمّة ويرزقك هذه الخصال التي متى ما وجدت في قلب امرئ مؤمن صار بفضل الله ونعمته طاهرا من الخيانة والدّغل والشّرّ، وأصبح صافيا من غير الله لله خاليا من مفسدات القلوب، ولا عجب في ذلك فمناصحة ولاة الأمر من العلماء والحكّام وعموم الأمّة تبرئ القائم بها من الغلّ وكلّ شرّ. فمن هذه المواقع التي سمح الوقت بتصفّحها موقع: islamexplaind.net وموقع: sistani.org وموقع: alameli.net ، وفيما يلي بعض ما أذاع هذا الأخير من «فتاوى» منها ما نشر على الصّفحة 63 من «جلاء العيون» حيث يزعم المجلسيّ أن الذي يشكّ في كفر عمر فهو كافر، أو على الصّفحة 145 من الجزء الأوّل من أصول الكافي حيث يجادل الكلينيّ بالظّنّ ليدحض إيمان أصحاب النّبيّ زاعما أنّ الخلفاء الثّلاثة وبقيّة الصّحابة كفروا بإنكارهم ولاية عليّ بن أبي طالب، وأن ّ النّاس ارتدّوا بعد وفاة النّبيّ إلاّ ثلاثة: المقداد وأبو ذرّ وسلمان الفارسيّ، ومنها ما نشر على الصّفحة 264 من الجزء الثّالث من «الأنوار النّعمانيّة» حيث يدّعي نعمة الله الجزائريّ أنّ منكر خلافة عليّ بلا فصل بعد النّبيّ فهو كافر، مصرّحا بأنّه لا يقبل الإله الذي يقبل خلافة أبي بكر، أو على الصّفحة 211 من كتاب «أسرار محمّد» حيث أذيعت الفرية التي تزعم أنّ أبا بكر لم يستطع النّطق بالشّهادتين عند الاحتضار، وأنّ الشّيطان كان أوّل من بايعه في المسجد، ومنها ما نشر كذلك على الصّفحة 500 من «حقّ اليقين» حيث يرجف المجلسيّ مخبرا بزعم باطل أنّ أبا بكر وعمر في الطّبقة السّابعة من جهنّم، واصفا عمر وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم أجمعين بأنّهم عبّاد أصنام وشرّ المخلوقات على وجه الأرض، أو على الصّفحة 551 من (تفسير) حسين دهلوي المسمّى «القرآن مجيد» حيث ينحرف بتأويل باطنيّ مشبع بالبدعة والشّرك عمّا أنزل الله على رسوله من البيّنات والهدى مدّعيا أنّ الفحشاء أبو بكر، والمنكر عمر، والبغي عثمان، ومن يشكّ في ذلك فهو كافر! سيّدي أسألك بالله الذي لا إله إلاّ هو، ما ذا بقي من دينٍ لم يفلح نبيّه في اختيار زوجات ولا أصهارا، ولم ينجح في تربيّة أصحاب ولا وزراءً، دين كتابه طمر في الجفر في السّرداب، وما بين أيدي النّاس منه محرّف مكذوب يصرّح الطّّبرسيّ في فصل الخطاب، دين إمامه في جحر، وأربعة أخماس أتباعه نواصبٌ أنجاسٌ مخلّدون في النّار لا يقبل الله منهم صلاة ولا زكاة ولا صدقة ولا نسكا، أتباع سيقدم «إمام الزّمان» ليفنيهم عن بكرة أبيهم عند الخروج لإقامة شريعة التّوراة وبعد أن ينبش قبري الشّيخين ويحرق رفاتهما، فهؤلاء هم على قاعدة البراء التي أرسى علماء الطّائفة العمل بها ممّن يجوز سبي نسائهم، وغصب أموالهم، وإزهاق أرواحهم، ومعاملتهم معاملة المشركين بالله ورسوله، قال ابن بابويه القمّيّ على الصّفحة 13 من رسالته في الاعتقاد: «لا يتمّ الإيمان إلاّ بموالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه، وإنّ أعداء الأئمّة كفّار مخلّدون في النّار وإن أظهروا الإسلام، فمن عرف الله ورسوله والأئمّة وتولاّهم وتبّرّأ من أعدائهم فهو مؤمن، ومن أنكرهم أو شكّ فيهم أو في أحدهم أو تولّى أعداءهم فهو ضالّ هالك بل كافر، ولا ينفعه عمل ولا تقبل منه طاعة» (*) ما هذا المذهب الذي يجعل اللّعن منهجا قرآنيّا ويتقرّب أتباعه إلى الله بالدّعاء على «صنميّ قريش» أمذهب هو لآل البيت حقّا؟! (*) متى صحّ عن آل البيت رضوان الله عليهم أو عن غيرهم من أئمّة الإسلام الأعلام تكفير المخالفين في الرّأي أو في المذهب؟! (*) كيف يجوز صرف العبادة لغير الله فيُحَجّ لغير البيت الحرام لِيُسْتَغاثَ بالمقبورين ويُطْلَب منهم ما لا يصحّ طلبه إلاّ من الله عزّ وجلّ؟! (*) أهكذا تكون عقيدة التّوحيد أم هكذا تصان حقيقته التي خاطب بها الأنبياء والمرسلون أبناء الأمم على مرّ العصور والأزمان؟! ومع أنّه لم يثبت أن خلّف الإمام الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عن الجميع ولدا بعد موته في سامرّاء سنة 260 للهجرة، إلاّ أنّ هناك من ادّعى أنّ له ولدا في السّرّ والخفاء، من حصر الإمامة في ولد الحسين ولم يجعل منها شيئا في ولد الحسن!!! بل كانت هناك طائفة من المسلمين ممّن اختلفوا بعد أن وجد لديهم أكثر من عشرين مهديّا، فصاروا فرقا يكفّر بعضها بعضا، أشدّها غلوّا السّبئيّة التي ادّعت ألوهيّة عليّ رضي الله عنه، وعن عقيدتها في الإمام تشعّبت أصناف الغلوّ وتفرّعت فرق الغلاة فكانت الحركات الباطنيّة بجميع أصنافها من إسماعيليّة وقرامطة ونصيريّة ومهديّة وبابيّة وبهائيّة!!! هل ترك هؤلاء مطعنا على الإسلام إلاّ أعلنوه؟! ماذا بقي إذا لليهود والنّصارى سوى أن يذيعوها ويعيدوا إنتاجها في صيغ جديدة؟! لذلك تجد بعض «المبشّرين» وأذيالهم من المتسّربين الذين باعوا أنفسهم للشّيطان، على الفضائيّات والمواقع المسيحانيّة كالتي أشرت إليها آنفا يشكّكون البسطاء من النّاس في الكتاب ونبوّة النبيّ الخاتم، بترداد ما أذاعه الكلينيّ والمفيد والمجلسيّ والطّبرسيّ والقمّيّ والجزائريّ من عقائد فاسدة، ودعاوى باطلة سنّوا بها لكلّ عدوّ من أعداء هذا الدّين سنّة عليهم وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، سنّة عميّة ودعوى جاهليّة تصدّى لها الجهابذة من المجدّدين والأعلام من علماء الأمّة العاملين ليفضحوا زيفها ويبيّنوا خطلها وعور منطقها فكان منهم أمثال البخاريّ ومسلم، وأمثال أبي حنيفة النّعمان وأحمد بن حنبل ومالك بن أنس ومحمّد بن إدريس الشّافعيّ وجعفر الصّادق، وأمثال أبي الحسن الأشعريّ وأبي حامد الغزاليّ، وأمثال ابن تيميّة وابن القيّم الجوزيّة، وأمثال العزّ بن عبد السّلام ومحمّد بن عبد الوهّاب قرونا بعد قرون رحم الله الجميع وجزاهم عن الإسلام وأهله خيرا لقد ورد فيما صحّ من خبر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ أوّل ما ينقض من عرى الإسلام يأتي من جهة الأمراء بفساد الحكم وضياع الأمانة وكثرة الكذب عند رفع العلم وظهور علماء السّلطان، روى الإمام أحمد في مسند باقي الأنصار تحت عدد 31139 فقال: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قال، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قَالَ: «لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ»)، وأخرج الإمام البخاريّ في الصّحيح في كتاب الجمعة بترقيم تحت عدد 978 فقال: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: « لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ»)، وانفرد أبو عيسى الترمذيّ بحديث أخرجه في السّنن في كتاب الفتن عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بترقيم تحت عدد 2187 قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ قال، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ قال، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ قال، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَشَتْ أُمَّتِي بِالْمُطَيْطِيَاءِ وَخَدَمَهَا أَبْنَاءُ فَارِسَ وَالرُّومِ سُلِّطَ شِرَارُهَا عَلَى خِيَارِهَا»)، قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مُرْسَلًا، فقوله: الْمُطَيْطِيَاءُ بضم الميم وفتح الطّاء المهملة الأولى بعدها ياء ساكنة وكسر الطّاء المهملة الثّانية بعدها ياء وألف ممدودة وفي بعض النّسخ بغير الياء الأخيرة، هي المشية بتبختر ومدّ اليدين. وأخرج الطّبرانيّ في المعجم الكبير على الصّفحة 149 من الجزء الثّامن قوله عليه الصّلاة والسّلام: «لست أخاف على أمّتي جوعا يقتلهم ولا عدوّا يجتاحهم، ولكنّي أخاف على أمّتي أئمّة مضلّين إن أطاعوهم فتنوهم، وإنّ عصوهم قتلوهم»، صحّحه الألبانيّ بلفظ: «وإنّما أخاف على أمّتي الأئمّة المضلّين» وله شاهد في سنن أبي داوود بترقيم تحت عدد 4252، وسنن التّرمذيّ بترقيم تحت عدد 3229، كما أخرج الحاكم في المستدرك بترقيم تحت عدد 8448 فقال: (حدّثني أبو بكر محمّد بن أحمد بن بالويه قال، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال، حدّثني أبي قال، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديّ قال، حدّثنا عكرمة بن عمّار عن حميد بن عبد الله الفلسطينيّ قال، حدّثني عبد العزيز بن أخي حذيفة عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: «أوّل ما تفقدون من دينكم الخشوع وآخر ما تفقدون منه الصّلاة، ولتُنْقَضنّ عرى الإسلام عروةً عروةً، وليُصلِّيَن النّساء وهن حيَضٌ، ولتَسْلكُنَّ طريقَ من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة، وحذو النّعل بالنّعل، لا تخطئون طريقهم ولا يخطأنَّكم حتى تبقى فرقتان من فرق كثيرة فتقول إحداهما:{ما بال الصّلوات الخمس، لقد ضلّ من كان قبلنا، إنّما قال الله تعالى: أقم الصّلاة طرفيّ النّهار وزلفاً من اللّيل، فلا تصلّوا إلا ثلاثا}، وتقول الأخرى{إيمان المؤمنين بالله كإيمان الملائكة وما فينا كافر ولا منافق}، فحقّ على الله أن يحشرهما مع الدّجال»)، وفي حديث فضيل بن عيّاض عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمر قال: («يأتي على النّاس زمان يجتمعون ويصلّون في المساجد وليس فيهم مؤمن») ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم. فلا بدّ إذن من أن تتضافر جهود المخلصين والعلماء العاملين من أبناء هذه الأمّة في النّهوض بأوضاعها في حاضرها ومستقبلها، مع ما يحتاجه هذا النّهوض من جهر بالحقّ ومحاربة للظّلم، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، ومن جلد وتضحيّة وصبر على المكاره في سبيل ذلك كلّه، فالعلم الذي يخدم مصالح الدّنيا والدّين هو أصلب قاعدة تقوم عليها نهضة الأمم، ومن ثمّة لا بدّ من أن يكون للعلماء دور في دفع عجلة التّنميّة والتّقدّم، ولن يكون ذلك بمقتضى سنن الله في الكون إلاّ بالعمل الدّءوب وبإشاعة الصّدق والمحبّة والأخوّة الإيمانيّة قال تعالى في الآية 159 من سورة البقرة: (إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّنّاه للنّاس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون، إلاّ الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التّوّاب الرّحيم)، والمؤسف أشدّ الأسف أن نرى مؤسّسات علميّة عريقة تتهاوى بفعل آلية اشتغالها من حيث هي مؤسّسة ذيليّة كغيرها من المؤسّسات التي تتبع الحاكم وتدور معه حيث دار، وبفعل ما سمعنا من جرأة بعض المنتسبين إليها على فتوى تبطل حقّا وتغضب الدّيّان، فعجبا لفكر يبدأ من الكروش فيسلك بأهله مسلك النَّعم، عجبا لأمّة الأسود يسوسها الغنم، عجبا كيف يبقى الأحرار على هامش الفعل في سلبيّة العاجز والأصمّ؟! فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه أن لحقت طنطا بسيستان في مثل هذه الفتاوى سيّئة الذّكر التي تسير في ركاب الظّالمين والمحتلّين، وتشوّش بدعوى «السّيادة» على حقّ شعب في المقاومة وفي الدّفاع عن المقدّرات لترضي أنظمة انقطع عن وجهها شريان الحياء بالتّحيّز في تحريك وضع آسن إلى فريق دايتون و«سلطة/كذبة» ليس لها من سبيل إلى العيش إلاّ على «المفاوضات»، فأنتم أدرى سيّدي بما تشهده منطقة الشّرق الأوسط من تحرّك لافت هذه الأيّام سواء من حيث الحجم أو الشّكل، تحرّك يستهدف غزّة فيسعى بتطويقها وعزلها وبتشديد الحصار عليها إلى توسيع نطاق اتّفاقيّة العار وجرّ من بقي شامخا يعتصم بسير الصّالحين إلى الانحدار، فبدعوى «الأمن القوميّ » صار الفقه الإسلاميّ في زمن الرّداءة والانكفاء قطريّا يمجّد التّجزئة ويدعو للحفاظ على حدود وهميّة، ويبرّر تبادل الأدوار مع العدوّ في قطع الأرزاق بغلق المعابر وبناء جدار العار، فيم القدس يهوّد وتحفر الأنفاق تحت أقصاها، فبم سيجيب المفتون رسول الله عند السّؤال عن تراث القرآن والسّنّة؟! وهل يضام المرء إلاّ من أخ «أكبر» إذا طغى واستكبر فأخذته العزّة بالإثم وتجبّر؟! أم هل يحقّ للأخ «الأكبر» أن يقطع عن أخ مستضعف حيلة المضطرّ؟! لا شكّ، (سيهزم الجمع ويولّون الدّبر بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ)، وسيسأل أولئك حكّاما كانوا أم علماء عن لجوء شعب مقهور إلى الأنفاق، وسيسأل كلّ مساند لهم أو مؤيّد أمام الله ورسوله وأمام الأمّة والضّمير العالميّ والعدالة الدّوليّة، لأنّ الحصار لا يقلّ جرما ولا بشاعة عن الإبادة الجماعيّة ولا عن سائر الجرائم الموجّهة ضدّ الإنسانيّة. نسألك اللّهمّ أن تسلك بنا سبيل مرضاتك، وأن تقطع عنّا كلّ ما يبعدنا عن خدمتك وطاعتك، وأن تنقذنا من غفلاتنا، وتلهمنا رشدنا فتحقّق فيك رجاءنا، وتحشرنا في زمرة المتّقين الأخيار وتسلك بنا سبيل عبادك الأبرار، ولا تجعلنا مع المخالفين والفجّار، اللّهمّ وفّقنا لحسن الإقبال عليك، والإصغاء إليك، والمبادرة إلى خدمتك، وحسن الأدب في معاملتك، ووفّقنا لأعمال التّقى، وارزقنا الاستعداد ليوم اللّقاء، وانهج بنا مناهج المفلحين، وألبسنا خلع الإيمان واليقين، وخصّنا منك بالتّوفيق المبين، ووفّقنا لقول الحقّ وإتّباعه، وخلّصنا من الباطل وابتداعه، وكن لنا مؤيّدا، ولا تجعل لفاجر علينا يدا، واجعل عيشنا عيشا رغدا، ولا تشمت بنا عدوّا ولا حاسدا ، اللّهمّ قل لحوائجنا كن يا من يقول للشّيء كن فيكون، يا من قوله الحقّ وله الملك ارحم شهداء المسلمين وتقبّلهم بالقبول الحسن وانصر المجاهدين وفرّج كرب المكروبين في كلّ مكان يا ربّ العالمين، اللّهمّ اغفر لحيّنا وميّتنا، وشاهدنا وغائبنا، وذكرنا وأنثانا، ولصغيرنا وكبيرنا، اللّهمّ وفّق أئمّتنا وولاة أمورنا لهداك واجعل عملهم في رضاك، اللّهمّ ارحم جميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وارحم جميع من وحّدك وشهد لك بالألوهيّة وعظيم الرّبوبيّة، ولمن صدّق أنبيائك وآمن وعمل بمقتضى وحيك الذي أنزلته على رسلك، من أوّل ما أنزلت أبانا آدم وأمّنا حواء إلى الأرض وإلى يوم يبعثون، ربّنا آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار، وصلّ اللهمّ وبارك على سيّدنا محمّد صفوة الأخيار، وقائد المتّقين الأبرار، وعلى آله الأطهار، وصحبه الأخيار من المهاجرين والأنصار، وسلّم تسليما كثيرا وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والسّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته التّوقيع: محمّد بن محمّد بن عليّ بن الحسن المحبّ [email protected]