المساعدة الاجتماعية، إسم يتداول خلال السنوات الأخيرة كثيرا، في كل ما يتعلق بالحالات الاجتماعية للمواطنين سواء كانوا أطفالا أونساء أو رجالا تعرضوا لسبب أو لآخر لبعض المشاكل الاجتماعية أو النفسية... «أمينة بوقدير»، امرأة اختارت بعد 15 سنة كممرضة بمستشفى الأطفال السويسي، مهنة «مساعدة اجتماعية»، تلقت تكوينا أكاديميا لمدة ثلاثة سنوات بعد اجتيازها مباراة المساعدات الاجتماعيات. الإحساس بما ينتاب الأطفال من ألم داخلي خلال تواجدهم بالمستشفى من أجل العلاج، عجل باتخاذ «أمينة»-أم لثلاثة أبناء- قرار الاقتراب أكثر من الأطفال المحتاجين للمساعدة والرعاية، رغم كل ما تحتاجه هذه المهنة من صبر وتفاني واجتهاد. تستقبل هذه الوحدة الاجتماعية عشرات المحتاجين يوميا، تفتح أبوابها في وجه الأطفال منذ الولادة إلى 17 سنة، من قبيل الأطفال المهملين، المتخلى عنهم، ذوي الاحتياجات الخاصة، الأطفال المشردين، الأطفال المصابين بالقصور الكلوي، والأطفال الذين تعرضوا إلى التحرش الجنسي أو الاغتصاب، الأطفال الذين تعرضوا إلى التشوهات الجسدية بسبب الحروق.. وعن آلية العمل والتواصل مع الوافدين لهذه الوحدة، تقول «أمينة بوقدير»:»يعتقد الكثير من الناس، أن عمل المساعدة الاجتماعية بسيط وسهل، وأؤكد لكل من يحمل هذا الطرح أن عمل المساعدة الاجتماعية صعب، يحتاج إلى قوة الصبر والمثابرة واللطف والإيثار، وبالخصوص قلبا يشعر بآلام الآخرين»، مضيفة والألم يعتصر قلبها:»هنا، نحاول قدر المستطاع، مساعدة كل الأطفال المحتاجين إلى الرعاية الصحية، سواء الذين يلتحقون بنا من طرف مستشفى الأطفال بسبب عجزهم المادي عن اقتناء الأدوية، أوالذين يلجؤون إلينا مباشرة لمد يد المساعدة، أو الأطفال الذين يأتوننا بوساطة من بعض الجمعيات». بعد صمت، أضافت «أمينة» أن هذا المركز يقدم خدمة جليلة للأطفال المحتاجين إلى الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية، إلا أن الإمكانيات المادية قليلة جدا، مما يفرض علينا البحث وطرق كل أبواب المحسنين والجهات الرسمية لإمدادهم ببعض المساعدات. تخلل حديثنا مع «أمينة» فترات من الصمت، تسرح بذاكرتها إلى مشاهد معينة، تتنهد وهي تحكي لنا عن مجموعة من الحالات لأطفال نخر المرض أجسادهم الصغيرة، وآخرين نهشت أعراضهم بعض الوحوش التي تعيش بيننا، تواصل «أمينة» حديثها إلى «التجديد» بألم:»تصل إلينا حالات أطفال تعرضوا للعنف الجنسي، بما يصاحب هذا الفعل الإجرامي من انعكاسات وخيمة على نفسية المعتدى عليه، مما يفرض علينا التعامل بشكل خاص مع تلك الحالات لحساسية الوضع». خصاص في الموارد البشرية يعاني هذا المركز الذي يقدم مجموعة من الخدمات الاجتماعية المجانية، من خصاص على مستوى الموارد البشرية، وفي وسائل العمل والبنية التحتية أيضا، وبالتالي يتم الاعتماد بشكل كبير على ما يتقدم به المحسنون وبعض الجمعيات المدنية من ملابس وأدوية ومال..، خاصة وأن هذا المركز يتكلف أيضا بإرسال بعض الأطفال المرضى إلى الخارج، من أجل العلاج وبالخصوص «عمليات القلب» التي لا تجرى بالمغرب عن طريق وساطة بعض الجمعيات. وبالإضافة إلى مجموعة من المحسنين، توفر جمعية «بسمة الأمل» 13 مليون سنتيم في السنة تقريبا، من أجل التكفل بالأطفال مرضى القصور الكلوي (المحتاجين)، حيث يكلف الطفل الواحد الجمعية المعنية، 1000 درهم في الشهر، بشكل منتظم، بالإضافة إلى الحصص المجانية التي يتكفل بها المستشفى، كما تعمل جمعية «محاربة السيدا»، وجمعية «أصدقاء مستشفى الأطفال» على الدعم والمساندة من أجل إدخال الفرحة على تلك القلوب الصغيرة البريئة. تقول «أمينة»: «تضاعف عدد الوافدين على هذه الوحدة، ومن أجل ذلك نحاول قدر المستطاع جلب كل ما نحتاج إليه لتلبية الطلبات، نتنقل إلى المكتب الوطني للسكك الحديدية لتوفير بعض التذاكر المجانية لمساعدة بعض الأطفال، الذين يأتون من مدن بعيدة من أجل العلاج، ولا يتوفر لديهم المال الكافي ليعودوا إلى بيوتهم، نعمل على إيواء بعض الأطفال المعاقين لفترة معينة، فيما نتواصل مع المراكز الرسمية المتخصصة من أجل إيواء الأطفال المتشردين، الذين يأتون من أجل الأدوية التي يمنحها لهم الطبيب المعالج، وفي حال تواجد طفل أوطفلة ضحايا الاغتصاب، نكون بمثابة حلقة الوصل بين أعضاء الفريق الطبي (الطبيب المعالج، الطبيب النفساني، الأخصائية الاجتماعية)، فيما نلعب دور المستمع الجيد للضحية أو المريض ومتابعة متطلباته، فما نقوم به رسالة إنسانية تعنى بالبعد الإنساني الداخلي لهؤلاء الأطفال، تقول «أمينة». صعوبات العمل بالعمل في إطار «المساعدة الاجتماعية»، تصير هموم الأطفال المعنيين بالرعاية جزءا لا يتجزأ من حياة تلك المساعدة، هذا ما تشعر به «أمينة» بعد سنوات من العمل في هذا الميدان، فالواجب الإنساني يدفعها إلى التنقل خارج المستشفى أوالوحدة التي تعمل بها، وأحيانا تضطر إلى زيارة بعض النساء (العازبات) في بيوتهن للتأكد من عنوان البيت، مما يعرضها أحيانا لبعض الصعوبات. تحكي «أمينة» عن حالة أم عازبة، تركت ابنها في المستشفى، فذهبت لزيارتها في بيتها حسب العنوان الذي منحته لهم، طرقت»أمينة» إحدى الأبواب لتسأل عن تلك السيدة فإذا بشابين يعترضان سبيلها، فهربت إلى سيارتها خوفا من أن يصيبها مكروه، وهو ما يجعلنا نطرح أكثر من سؤال حول الضمانات القانونية لهذه الفئة من الموظفين العموميين. صعوبات هذه المهنة، تتجلى أيضا في انعدام الحماية الطبية من الأمراض المعدية التي يتعرض لها بعض الأطفال، والحماية الأمنية أيضا فمن بين الوافدين على هذه الوحدة، أشخاص أصحاب سوابق، وآخرون رمى بهم الشارع إلى هذا المكان من أجل طلب المساعدة. ثقافة البوح تؤمن «أمينة» بثقافة البوح، ومن أجل ذلك تعمل على زيارة مجموعة من المؤسسات التعليمية بتنسيق مع بعض الجمعيات المدنية، من أجل تمكين التلاميذ من الإفصاح عما بداخلهم في جلسات مغلقة، خاصة التلاميذ الذين يعانون من مشاكل نفسية، سواء في البيت أوفي المؤسسة.تحاول «أمينة» التواصل مع الأشخاص المتورطين في تعاطي المخدرات، المعرضين إلى العنف الأبوي أو المدرسي....على اعتبار أن البعد التوعوي والوقائي ضروري لتحصين الشباب ضد الوقوع في المشاكل والممارسات والعلاقات السلوكية الخاطئة، ومن أجل ذلك تعمل على نسج علاقات مع الجمعيات المدنية، كما يتم التواصل مع السجون من أجل التواصل مع بعض السجينات المرضعات. ومن أجل ألا يشعر الأطفال بالوحدة، ومن أجل إضفاء الجو الأسري على من تصادف بعض الأعياد وجودهم لدى هذه الوحدة الاجتماعية، تعمل هذه الأخيرة بتنسيق مع الجمعيات على الاحتفال بعيد الأضحى أو عيد الفطر بالمركز، وهو ما يؤثر بعض الشيء على الأسرة الصغيرة ل»أمينة»، فأطفال المركز يحضون باهتمام أكبر، صبيحة عيد الأضحى، «ومن أجل إدخال السعادة في قلوب الأطفال، ضروري من التضحية ولو على حساب الأسرة الصغيرة». وبالرغم من كل الخدمات التي يحاول هذا المركز منحها للأطفال، لازالت فئة عريضة تحتاج إلى المزيد من الاهتمام والرعاية، خاصة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فهناك داخل مستشفى الأطفال -ابن سينا-، ترقد الطفلة «بسمة» ضحية أحداث مهرجان موازين، «بسمة» طفلة تعاني من الإعاقة الجسدية والذهنية تبلغ اليوم تسع سنوات، احتضنتها المستشفى بعد وفاة والدتها «العازبة» خلال الأحداث التي عرفتها الرباط سنة 2009، في مهرجان موازين، المستشفى تحتضن أيضا طفلين يعانيان من الإعاقة الجسدية والذهنية في غياب جهات خاصة تقدم العناية لهذه الفئة التي تحتاج إلى اهتمام خاص. وعن مصير هؤلاء الأطفال، أكدت «أمينة بوقدير» أنها طرقت كل الأبواب (السلطات المعنية، الجمعيات المهتمة بالأطفال، المؤسسات الرسمية..)، إلا أنها لم تتوصل لحدود اليوم بأي حل لهؤلاء الأطفال الذين حكمت عليه الحاجة بالبقاء قيد أسرة مستشفى الأطفال، في غياب أي شخص قد يتكفل بهم، متسائلة عن مصيرهم خلال السنوات القادمة. *** أمينة بوقدير : عمل المساعدة صعب يحتاج إلى صبر وقلب يشعر بآلام الآخرين داخل مستشفى الأطفال -ابن سينا-، ترقد الطفلة «بسمة» ضحية أحداث مهرجان موازين، «بسمة» طفلة تعاني من الإعاقة الجسدية والذهنية تبلغ اليوم تسع سنوات، احتضنتها المستشفى بعد وفاة والدتها «العازبة» خلال الأحداث التي عرفتها الرباط سنة 2009، في مهرجان موازين، المستشفى تحتضن أيضا طفلين يعانيان من الإعاقة الجسدية والذهنية في غياب جهات خاصة تقدم العناية لهذه الفئة التي تحتاج إلى اهتمام خاص توفر جمعية «بسمة الأمل» 13 مليون سنتيم في السنة تقريبا من أجل التكفل بالأطفال مرضى القصور الكلوي(المحتاجين)، حيث يكلف الطفل الواحد الجمعية المعنية 1000 درهم في الشهر بشكل منتظم بالإضافة إلى الحصص المجانية التي تتكفل بها المستشفى.