خلف استمرار العنف ضدا احتجاجات بمختلف المدن، جدلا كبيرا بين الجمعيات الحقوقية التي تعتبر الحق في الإضراب، حق مشروع يكفله القانون والدستور في الفصل 29 الذي ينص على أن «حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات.حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته»، وبين تصريحات رسمية تبين موقف الحكومة من الإضراب، وتبيح الاحتجاج السلمي على اعتبار أن الحكومة تتعامل بكل «تسامح» وإيجابية» مع الوقفات، وأن»التظاهر السلمي أحد مميزات الديمقراطية، ومن العناصر الكفيلة بتعزيز مناخ الحريات، ولا توجد نية لدى الحكومة للتراجع عن موقفها، وإذا حصل أي تجاوز، يمكن اللجوء إلى القضاء» حسب تصريح ل»مصطفى الخلفي»، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة عقب اجتماع مجلس الحكومة ليوم الخميس 15 مارس 2012..، الطرح نفسه أعلن عنه مصطفى الرميد وزير العدل والحريات والذي أكد من خلاله أن «الحكومة اتخذت قرارا بألا تمس الوقفات الاحتجاجية السلمية، وإذا ما انتهجت قوات الأمن مقاربة أخرى فسيتم إعادة الأمور إلى نصابها»، وذلك خلال وقفة احتجاجية جوبهت بالعنف أمام وزارته، فيما يفند الواقع كل هاته التطمينات على اعتبار أن استعمال العنف لازال مستمرا لتفريق الوقفات الاحتجاجية، بين الرأي الرسمي وواقع الشارع، آثرنا أن نسلط الضوء على هذا الجدل الذي سيعجل بإخراج مشروع قانون الإضراب إلى حيز الوجود. 6000 محتج يوميا يعرف المغرب مالا يقل عن 6000 محتج يوميا-حسب الإحصائيات الرسمية-، هي موجة من الاحتجاجات السلمية صارت الشوارع الرئسية بالخصوص ملاذا لها للمطالبة بتحسين ظروف العيش، الزيادة في الأجور، بإطلاق سراح المعتقلين...إلا أن تلك الوقفات صارت تواجه بعنف شديد في الآونة الأخيرة، يسفر في غالب الأحيان عن إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف المحتجين، هذا بالرغم من أن الدستور كان واضحا في هذا الأمر، ونص في الفصل22 بأنه»لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة. لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية..». وفي هذا الإطار، أكد ذ.عبد المالك زعزاع، نائب رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان ضرورة على ضرورة احترام حق المواطنين في الاحتجاج السلمي، وتغيير الأسلوب الممنهج الذي يعتمد على القمع والمقاربة الأمنية التي تولد المزيد من الاحتقان بالاعتماد على مقاربة اجتماعية لحل المشاكل العالقة. وعن حق المواطنين في التظاهر، أكد زعزاع في تصريح ل»التجديد»، أن نصوص الدستور تكفل حق كل المواطنين في التظاهر، إلا أن الملاحظ اليوم استمرار قوات الأمن في ممارسة الشطط في استعمال السلطة من خلال استعمال العنف لتفريق المتظاهرين وهو ما يعتبر تصرفا غير قانوني. «وبما أننا في دولة الحق والقانون»-يضيف المتحدث نفسه-فمن الضروري أن تعالج الحكومة هذه المسألة من خلال نهج مبدأ التدافع الإرادي، بين السماح للمتظاهرين سلميا من ممارسة حقهم المشروع في الاحتجاج من أجل مطالبهم المشروعة، وبين عدم السماح للمحتجين بالتمادي واحتلال الملك العمومي. من جهة أخرى، أثار زعزاع إمكانية لجوء أي مواطن طاله التعنيف والاعتداء من طرف قوات الأمن خلال الوقفات الاحتجاجية إلى القضاء من خلال تقديم شكاية إلى وكيل الملك أوالوكيل العام للملك -(بحسب الجنحة أوالجناية)-وسيقول القضاء كلمته في القضية. من جانبه، استنكر الحقوقي محمد النوحي، منسق اللجنة الوطنية للإفراج عن باقي المعتقلين في ملف بليرج، العنف الذي تبادر به ما أسماها ب»قوات القمع» لتفريق الوقفات الاحتجاجية بشكل وحشي، مشددا في حديث مع «التجديد» أن»القمع الذي تعرض له المشاركون في وقفة سابقة نظمتها التنسيقية تضامنا مع عائلات ما تبقى من معتقلين على خلفية ملف بلعيرج، والذي طال الحقوقيون وزوجات وأبناء المعتقلين غير قانوني، ويكذب الشعارات التي جاءت بها حكومة بنكيران. تقنين الاحتجاجات أمام استمرار موجة الاحتجاجات التي يعرفها الشارع وعدت الحكومة رسميا بحماية المحتجين سلميا واعترفت بالحق في الاحتجاج، إلا أن الضرورة صارت ملحة -بحسبها- لتقنين الإضرابات بسبب الخسائر التي تتكبدها الدولة أثناء احتجاجا الشغيلة، وبالتالي صار الاحتجاج مهيمنا على تصريحات المجلس الحكومي، ففي يوم(22 مارس2012)، أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن هذه الأخيرة تعتزم سن قانون خاص بتنظيم حق الإضراب، يكون نتاج حوار مع مختلف الفاعلين والمعنيين، وينسجم مع المعايير الدولية المتعلقة بممارسة الحرية النقابية. وأبرز»الخلفي»، أن تنظيم حق الإضراب مرتبط بسير المرافق العمومية، مذكرا بمضامين الفصل 154 من الدستور الذي ينص على قواعد تحكم سير هذه المرافق ومنها ضمان الاستمرار في أداء الخدمات، مشيرا إلى أن الحكومة مقتنعة بعدم إمكانية استمرار الجمع بين ممارسة الحق في الإضراب وبين تلقي الأجر خلال الأيام التي جرى فيها الإضراب، معتبرا أن هذا الأمر يصبح أكثر إلحاحا»في الحالات التي تكون فيها لهذا الإضراب نتائج سلبية ينجم عنها إضرار بمصالح المواطنين». وينص الفصل 154 على أنه «يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات. تخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور»، كما سيعمل المشروع المتعلق بإضرابات على سد الفراغ القانوني، وبالتالي وضع المبادئ الأساسية التي تضبط ممارسته، بما يضمن ويحمي حق الإضراب بالنسبة للأجير المضرب وحرية العمل بالنسبة للأجير غير المضرب، كما سيعل على الحافظة على سلامة المؤسسات و ممتلكاتها، ويحدد التزامات الأطراف والإجراءات الزجرية الممكن اتخاذها في حالة الإخلال بهذه الالتزامات.