أكد الملك محمد السادس على أن الممارسات اللامشروعة والأحادية الجانب لتغيير الوضع العام للقدس من حفريات واقتحام لباحات المسجد الاقصى المبارك وخاصة باب المغاربة واستيطان ومصادرة للأراضي والممتلكات وكل العمليات الهادفة إلى تهويد المدينة المقدسة، تقوض الجهود المبذولة للتوصل إلى أي تسوية قائمة على حل الدولتين، كما أنها تعمق الهوة بين الأطراف المعنية بالحوار ولا تخدم إلا النزعات المتطرفة وتهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وتدفع بها نحو مزيد من التوتر والاحتقان والعنف. جاء ذلك، حسب وكالة الأنباء القطرية، في خطاب الملك محمد السادس في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي للدفاع عن القدس المنعقد في الدوحة يوم الأحد 26 فبراير 2012 ، وألقاه بالنيابة عنه عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة الذي يمثل المغرب في هذا اللقاء ويرأس وفدا يضم على الخصوص ادريس الأزمي الإدريسي الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، وعبد الرحيم الشيخي عضو ديوان رئيس الحكومة. وحسب نفس المصدر، أكد الملك محمد السادس أن مشاركة نخبة من الشخصيات السياسية والدينية والحقوقية والإعلامية المرموقة في هذا الملتقى يجسد الإرادة المشتركة لرفع أحد تحديات السلام العالمي المزمنة في منطقة الشرق الاوسط. وقال إن ما يضفي أهمية خاصة على هذا المؤتمر الدولي كونه ينعقد في ظرفية إقليمية ودولية عصيبة مطبوعة بتعثر مقلق للعملية السلمية بفعل تعنت السلطات الاسرائيلية وتماديها في انتهاكاتها الممنهجة للأراضي الفلسطينية المحتلة ومواصلة مخططاتها الهادفة لانتهاك مقدسات القدس الشريف ومعالمها الثقافية والأثرية والدينية ولاسيما المسجد الاقصى المبارك منها. وحسب نفس الوكالة أوضح الملك أن كل هذه الممارسات تعد خرقا سافرا لقرارات الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي التي تعتبر القدسالشرقية جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. وقال «إنه أمام هذا الوضع المقلق، ونهوضا منا بأمانة رئاسة لجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، ما فتئنا نلح على ضرورة التحرك الحازم للمجتمع الدولي وقواه الفاعلة لإلزام اسرائيل بوقف هذه المخططات التوسعية والممارسات العدوانية المتصاعدة لفرض الأمر الواقع والاستفراد بمصير القدس». ودعا الملك محمد السادس، حسب المصدر ذاته، إلى بلورة استراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا واجتماعيا وروحيا وثقافيا في إطار من التناسق والتكامل بين العمل العربي والاسلامي المشترك وذلك بتعبئة كل الوسائل والإمكانات والقدرات من أجل الدفاع عن هذه المدينة السليبة. وقال إنه على المستوى السياسي ينبغي مساندة «خطة التحرك العربي لإنقاذ القدس» بتحركات دبلوماسية اضافية لدى المجتمع الدولي برمته من منطلق التأكيد على انه لن يقوم أمن ولا سلام بمنطقة الشرق الأوسط بدون دولة فلسطينية قابلة للحياة كما لن تكون هناك دولة فلسطينية قابلة للحياة بدون القدسالشرقية عاصمة لها منفتحة على جوارها وعلى جميع الأديان. كما دعا الملك محمد السادس، في إطار البعد الروحي والحضاري، إلى تكثيف الجهود الميدانية لصيانة حرمة وسلامة المسجد الأقصى المبارك والأماكن المقدسة الاخرى والحفاظ على الذاكرة الحضارية والثقافية للقدس إلى جانب تقوية التنسيق والعمل المشترك في هذا المجال مع حاضرة الفاتيكان والكنائس الشرقية لتعزيز انخراطهم في الدفاع عن المدينة المقدسة والحفاظ على معالمها الدينية العريقة، وذلك في إطار البعد الروحي والحضاري . وعلى الصعيد الاقتصادي أكد الملك أن دعم قدرات المقدسيين وتعزيز صمودهم يظل رهينا بتعبئة كل الموارد والإمكانات المادية المتاحة واستثمارها في النهوض ببرامج التنمية البشرية بالقدس والتصدي لإغلاق المؤسسات الفلسطينية الحيوية بها ولمصادرة الأراضي والممتلكات وفك الحصار الذي تفرضه إسرائيل عليها لعزلها عن محيطها الفلسطيني. وقال «إن هذا ما نحرص على أن تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف تحت إشرافنا الشخصي وذلك من خلال إنجاز خطط وبرامج ملموسة صحية وتعليمية وسكنية واجتماعية لفائدة السكان الفلسطينيين بالقدس تتوخى أساسا تحسين أوضاعهم الاجتماعية والمعيشية ودعم صمودهم في القدس». هذا ويلتقي رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران على هامش مشاركته في مؤتمر القدس، أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة وبرؤساء عدد من الوفود المشاركة في «مؤتمر القدس»، كما يلتقي مساء الاحد بالجالية المغربية بقطر.