باتت المشاكل المالية والاقتصادية في أوروبا تشكل هاجساً مزعجاً للعاملين المغاربة في دول أوروبا، وأصبحت تلقي بظلالها على الاقتصاد المغربي. وفي الوقت الذي تبذل فيه الدول الأوروبية جهوداً حثيثة لمعالجة كارثة الديون التي قد تتسبب بركود اقتصادي على مستوى المنطقة بأسرها أصبح مستقبل العدلي على المحك، شأنه شأن أكثر من2,5 مليون مهاجر مغربي يعيشون ويعملون في أوروبا. واعتبر روتيرز، أن المغرب من أكثر الدول العربية اعتماداً على تحويلات المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج. لذا فإن تفاقم محنة المغاربة المقيمين في أوروبا قد يتسبب في تدهور ميزان المدفوعات ويؤثر في مئات الآلاف في المغرب الذين يعتمدون على المبالغ التي يحولها لهم أقرباء في الخارج. ويتركز المهاجرون المغاربة في منطقة اليورو في فرنسا واسبانيا وايطاليا، ومعظمهم من طبقة العمال، ما يعرضهم لمخاطر إلغاء الوظائف عندما تتباطأ الاقتصادات. وأبلى اقتصاد المغرب بلاء حسناً حتى الآن في خضم أزمة الديون السيادية الأوروبية لأسباب منها زيادة كبيرة في الإنفاق الاجتماعي من جانب الحكومة، في مسعى لحماية الاستقرار السياسي وسط الاضطرابات التي شهدها العالم العربي العام الماضي. وقال وزير الاقتصاد نزار بركة، الأسبوع الماضي، إن الاقتصاد قد يكون نما 5% العام الماضي ارتفاعاً من أربعة في المئة في 2010. لكن زيادة الإنفاق الحكومي لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، ما يعني أن تحويلات العمال المهاجرين ستظل حيوية للاقتصاد. والتحويلات التي بلغت سبعة مليارات دولار في 2011 تعد مصدراً أكبر للعملة الصعبة من مبيعات الفوسفات صناعة التصدير الرئيسية في البلاد وتقف على قدم المساواة تقريباً مع السياحة ثاني أكبر مشغل للأيدي العاملة في المغرب. وتساعد التحويلات في تخفيف حدة الفقر في البلد الذي يقطنه 32 مليون نسمة. وقال الحسن عاشي، الباحث بمركز كارنيغي الشرق الأوسط، «قلص المغرب الفقر بنسبة 40% بين 1991 و2008، وذلك أساساً بفضل جهود فردية مثل زيادة كبيرة في التحويلات». وتوقع وزير السياحة لحسن حداد، ألا يكون 2012 عاماً سهلاً للقطاع مع قيام الأوروبيين بإلغاء أو تأجيل عطلاتهم أو اختصارها. وبعد عدة سنوات من النمو المستمر في أعداد السياح أصبح المغرب يأمل ألا تنزل الزيارات على الأقل عن مستوى 2011. وقال كريم تازي، رئيس الجمعية المغربية للنسيج والألبسة «توقعات 2012 ليست شديدة التفاؤل، الظروف ستكون أكثر صعوبة في 2012.. مجال الرؤية الحالي للمصدرين لا يتجاوز المدى القصير. فرنسا واسبانيا هما السوقان الرئيسيتان بالنسبة لنا». وساهمت تدفقات العملة الصعبة البالغة نحو 17 مليار دولار من السياحة وتحويلات المهاجرين والاستثمار الأجنبي المباشر في تخفيف أثر العجز التجاري المتفاقم على ميزان المدفوعات.