فرض الاتحاد الأوروبي لائحة عقوبات جديدة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بسبب استمرار حملة القمع العنيف ضد المتظاهرين السلميين، فيما يتوقع خبراء أن يتغير موقف موسكو تجاه نظام الأسد، في وقت أكد فيه العاهل السعودي أن الأوضاع في سوريا تتطلب مسؤولية تاريخية، داعيا حكومة الأسد وأطياف المعارضة كافة بالبدء في حوار سياسي جاد تحت رعاية الجامعة بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال وزراء خارجية الاتحاد في بيان صدر، أول أمس، بعد اجتماعهم في بروكسل: «إن العقوبات الجديدة تشمل 22 من أعضاء الأجهزة الأمنية متهمين بانتهاكات لحقوق الإنسان، وثماني منظمات تدعم نظام الرئيس بشار الأسد ماليا». وأضاف البيان أن «هذه العقوبات في سلسلة من العقوبات الأوروبية صدرت في وقت سابق ضد النظام السوري، ويصل بذلك عدد المنظمات السورية التي صدرت قرارات أوروبية بتجميد أرصدتها إلى 38 منظمة، وعدد الأشخاص المعاقبين بتجميد الأرصدة أو منعهم الحصول على تأشيرات للدخول لأوروبا إلى 108 أفراد». وأكدت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد كاثرين آشتون أن القرارت الجديدة ستفرض ضغوطا أكبر على المسؤولين عن القمع في سوريا. وذكرت أن «رسالة الاتحاد الأوروبي واضحة، القمع يجب أن يتوقف فوراً، سنواصل فعل كل ما يمكننا فعله لمساعدة الشعب السوري في الوصول لحقوقه السياسية المشروعة». وستنشر أسماء الشخصيات والمؤسسات التي أضيفت إلى لائحة العقوبات اليوم (أمس) الثلاثاء في الجريدة. كما عبر الاتحاد عن قلقه العميق المستمر إزاء تدهور الوضع في سوريا واتساع رقعة انتهاكات حقوق الإنسان، ودعا مجدداً إلى وقف فوري للعنف. ودعا مجددا الرئيس الأسد إلى التنحّي فوراً. ورحّب الوزراء بقرارات الجامعة العربية التي صدرت الأحد الماضي ومبادرتها وسعيها للحصول على موافقة من مجلس الأمن لحل الأزمة في سوريا، معربين عن القلق العميق من عدم تعاون السلطات السورية. في الأثناء، ذكر مسؤول برلماني ودبلوماسي روسي بارز أن موسكو لا يمكنها عمل المزيد للرئيس السوري بشار الأسد الذي يواجه مظاهرات منذ مارس الماضي تطالب بإسقاط نظامه. وكانت روسيا قد شاركت الصين في عرقلة قرار لمجلس الأمن الدولي يدين حملة القمع ضد المعارضة السورية في الداخل ويحمل نظام الأسد المسؤولية عنها. ونقلت وكالة أنباء «إيتار تاس» الحكومية الروسية عن ميخائيل مارجيلوف المشرع البارز والمبعوث الخاص للرئيس ديمتري ميدفيدف إلى أفريقيا قوله «استخدامنا حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن الدولي كان الوسيلة الأخيرة التي تسمح للرئيس بشار الأسد بالحفاظ على الوضع الراهن على الساحة الدولية». وأضاف مارجيلوف، وهو رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد وهو المجلس الأعلى بالبرلمان، أن حق النقض «كان إشارة جادة للرئيس من روسيا. ووصف مراقبون تصريح المسؤول الروسي، الذي شارك أيضا في الدبلوماسية الروسية بشأن سوريا، بأنه يفتح الباب أمام تغير الموقف الروسي تجاه الأسد. جدير بالذكر أن موسكو إحدى الحلفاء الباقين للأسد وتقاوم ضغطا غربيا وعربيا لمطالبته بالتنحي. إلى ذلك، أكد العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في اجتماع مجلس الوزراء، على خطورة الوضع في سوريا، مشدداً على أن الوضع يتطلب من الجميع تحمل مسؤولياتهم التاريخية أمام الله. وناقش مجلس الوزراء برئاسة الملك عبد الله، الأوضاع في سوريا، واطلع على مطالبة مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم في القاهرة، الحكومة السورية وأطياف المعارضة كافة بالبدء في حوار سياسي جاد تحت رعاية الجامعة بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية. وكان قرار المملكة بسحب مراقبيها قد حظي بتأييد واسع من الخبراء والمحللين واعتبروه الدافع الأكبر لتبني الجامعة العربية لمبادرتها برحيل الرئيس السوري سلميا. من جانبه، أكد رئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا الفريق أول محمد الدابي أن البعثة تواصل عملها في 20 منطقة سورية. وعلى الأرض، أعلنت لجان التنسيق المحلية في سوريا مقتل 22 شخصا، أول أمس، برصاص الأمن والشبيحة في مناطق متفرقة من البلاد، فيما تواصلت الاشتباكات خلال المظاهرات التي تواصلت في مناطق متفرقة للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: إن خمسة جنود من القوات الحكومية السورية قتلوا وأصيب 13 آخرون اليوم (أول أمس) في اشتباكات مسلحة في قرية زرعا التابعة لمدينة القصير بمحافظة حمص. وكشف تقرير وزعه المجلس الوطني السوري عن وصول عدد قتلى الأحداث على يد عناصر الأمن والجيش حتى يوم 21 يناير إلى ستة آلاف و581 بينهم 306 من النساء و448 من الأطفال، في حين وصل عدد الجرحى المسجلين إلى أكثر من عشرين ألف جريح وأن عدد القتلى منذ بدء عمل لجنة المراقبين العربية قبل شهر واحد بلغ 759 شخصا. وتعرضت مناطق عدة في سوريا لاجتياحات عنيفة من قبل قوى الأمن وعناصر الشبيحة، فيما شهدت مناطق في محافظة حمص اشتباكات بين الجيش السوري، ومنشقين عنه أسفرت عن مقتل وإصابة جنود نظاميين. من جهتها، قالت الهيئة العامة للثورة السورية: إن قتيلا سقط في منطقة شبعا بريف دمشق، كما قتل شخص ثان في دير بعلبة بحمص. كما شهدت حمص اجتياحات عنيفة في مناطق عدة، فتعرضت جورة الشياح لهجوم قوات الأمن والشبيحة ترافق مع إطلاق نار غزير وسقط مواطنين على رصيف الطريق بسبب إصابتهما المباشرة برصاص قوات الأمن، ولم يستطع أحد من النشطاء إنقاذهما بسبب غزارة القصف.