الإقناع، عبارة تناقلها كثير من النقاد والفنانين والمتتبعين الذين شاهدوا فيلم "أيادي خشنة" لمحمد العسلي ليلة أمس الإثنين ضمن فعليات الدورة 13 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، كما اعتبر أولئك، خاصة من استقت "التجديد" أرائهم، أن فيلم أيادي خشنة شكل لحظة انفراج وتصالح مع الهوية الوطنية والذات المغربية كما اعتبروه فيلما مرشحا وفوق العادة، لنيل جوائز مهمة بالمهرجان، بل منهم من رشحه للفوز بالأوسكار في أمريكا ومهرجان كان بفرنسا وجوائز دولية أخرى. ضمن أفلام المسابقة المعروضة مساء أول أمس الأحد فيلم "نهار تزاد طفا الضو" لمحمد الكغاط والذي أمتع جمهور المهرجان بمشاهده الكوميدية والتي واكبها ضحك الجمهور وتصفيقه منذ البداية حتى النهاية، وقد أفلح في تجسيد تلك المشاهد كل من الفنانين رشيد الوالي والفنانة هدى الريحاني. أما الفيلم الطويل الثالث المعروض أول أمس فهو "موت للبيع" لفوزي بنسعيدي" والذي شهد له كثيرون بترويع الجمهور بمختلف مكوناته وذلك أولا، بتوظيفه "الفج" كما عبر أحدهم، للمشاهد الجنسية المجانية والفاضحة وثانيا، لاستهدافه المباشر للعاملين في الحقل الإسلامي واتهامهم بالتطرف وتكفير الناس والمجتمع، وثالثا، حسب آخرين، للغته الساقطة والمرتبطة لدى المغاربة بالحانات والأوكار. ورابعا، لتوظيفه للدم واستخدام السلاح والقتل بطرقة بشعة ومقززة. وبالعودة إلى فليم "أيادي خشنة" لمحمد العسلي والذي قام بتجسيد فني لتناقضات مختلفة جمعتها مدينة الدارالبيضاء وناقشها على مشرحته الفنية مبرزا مقومات الحضارة المغربية بتقاليدها وعادتها المختلفة وهكذا أدخل الحناء وأحواش والزربية والشاي، ومتناولا لقضية الكرامة المغربية التي أراد الإسبان امتهانها في موضوع اختيار النساء اللواتي سيعملن في حقول التوت الإسبانية، وما يستتبع ذلك من إهانة وصور أخرى للفساد والفقر وغيرها، وذلك بتشخيص مثقن للفنان محمد البسطاوي والفنانة هدى الريحاني والفنان عبد الصمد مفتاح الخير اللذين أبهرو جمهور المهرجان وشدو انتباهه. عن هذا الفيلم قال محمد لعسلي لوسائل إعلام مختلفة، إنه قام بتشريح مدينة الدارالبيضاء فنيا بتناقضاتها بمقاربة سينمائية محضة وليست سياسية ولا أدبية وذلك تفاديا "للسكيزوفرينيا" التي قال بأنها أصبحت تطغى على السينما المغربية. كما قال العسلي تعليقا على الأدوار المتميزة للممثلين بكون "الممثل المغربي إنسان كبير وعظيم ومادة خام ومهيئ لكن مشكل السينما المغربية في اتجاه آخر" كما عبر العسلي، عن سعادته أمام التجاوب الصادق للجمهور مع فيلمه "أيادي خشنة" وأيضا عن امتعاظه من الخدمات الصوتية والتي لم تكن في المستوى وأثرث على عرض الفيلم وقال إنها كانت رديئة وبددت جزءا من عمله. من جهته قال محمد البسطاوي في تصريح ل: "التجديد" إن أيادي خشنة لم تعد كذلك وأصبحت رطبة، وأنه سعيد وراض على هذا العمل، كما قال بأنه فرح للاشتغال للمرة الثانية مع محمد لعسلي الذي وصفه بالمخرج النادر ومن المستوى الجيد. في نفس الاتجاه قالت الفنانة هدى الريحاني ل"التجديد" إن الدور الذي لعبته كانت تنتظره منذ مدة، وأن الاشتغال مع محمد لعسلي كان أحد أحلامها، وبكونها تعرفت على شخص كريم وأن أيادي خشنة كان تجربة جد جميلة. أما فيلم "نهار تزاد طفا الضو" فتدور قصته حول شخصية "سعيد"، التي يلعب دورها رشيد الوالي، الذي يفقد والديه وهو طفل بسبب صعقة كهربائية تسبب فيها هو نفسه، ليكبر وحيدا في الملجأ، ويشتغل في ما بعد وينجح في حياته. لكنه، بسبب صعقة كهربائية أيضا، يظهر لسعيد نظيره، فتتصارع نزوعات الخير والشر في الإنسان، الذي يتمكن في نهاية الفيلم من التصالح مع ذاته، والتعايش مع تلك النزوعات. نهار تزاد طفا الضو" فيلم كوميدي عجيب أو عجائبي، الفيلم حاول أن يؤسس لنمودج جديد في السينما المغربية بصبغته الكوميدية وأيضا فيما يرتبط بالدعم المادي حيث كان واضحا الحضور اللافت للإشهار داخل الفيلم ولشركات مختلفة وهو ما اعتبره البعض محاولة للبحث عن دعم الخواص للسينما بعيدا عن الدولة شارك في تشخيص أدوار الفيلم كل من هدى الريحاني، وعبد الكبير الركاكنة، وحسن فولان، وحنان الإبراهيمي، وأسماء الخمليشي، وطارق البخاري، ونادية العلمي، وأمير علي، وآخرون "موت للبيع" لفوزي بنسعيدي لم يأتي بجديد يذكر حيث ظل حبيس موجة الجنس والتجرأ على القيم التي تضرب السينما المغربية خلال هذه السنوات الأخيرة، والذي حاول تجسيد الإسلام المتطرف كما يعتقده وكأن المغاربة يعيشون في أمريكا أو في تورابورا من خلال المليشيات المسلحة التي حشدها وما قدمه من صورة مشوهة للعديد من الدعاة ولبائعي المصاحف أمام المساجد وفي الطرقات، أما الجنس فكان مؤطرا للفيلم من البداية حتى النهاية من خلال أدوار البغاء التي كانت تؤثثه. يذكر أن أول أمس شهد أيضا عرض ثلاث أفلام قصيرة وهي كل من فيلم "مختار" لمخرجته حليمة ورديغي ويحكي عن قصة واقعية حول طائر البوم وتَطّيُر إحدى الأسر منه وكيف تتفاعل أحداث خرافية وغريبة بمجرد اسقدام الإبن المختار صدفة لطائر البوم إلى المنزل، ثم شريط "الشعلة" لمخرجه هشام حجي والذي يتناول ظاهرة التدخين ويدعوا إلى التخلي عنها، ثم شريط "رياض سدي عيسى" الذي يتناول ظاهرة بيع الرياضات للأجنبي بمراكش مجسدا التطلعات الاستعمارية للأجانب بهذا الصدد لينتصر في الاخير إلى رغبة المرغربي الشديدة في الحفاظ على رياضه. محمد لغروس/ طنجة