لا تكليف على زائل العقل للحديث: (رفع القلم عن ثلاث)، ولا تكليف قبل العلم وبلوغ الخطاب لقوله تعالى: «...وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً» (الإسراء:15)، ومنه القاعدة الفقهية «لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص»، ولا تكليف عند العجز وعدم القدرة لقوله تعالى «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها» (البقرة:286). أما العلم بالشرع، فهو الطريق إلى معرفة ما يريده الله منا، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتعلم علم الشريعة، كما قال تعالى: «وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا« (الشورى:52). والإنسان وإن كان الأصل فيه الجهل كما قال سبحانه: «والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا» (النحل:78)، إلا أنه مأمور بالتعلم وطلب العلم، فلا يجوز أن يفعل شيئا حتى يعلم حكمه في شرع الله كما قال سبحانه «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» (النحل:43). وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم «طلب العلم فريضة على كل مسلم» صححه السيوطي، وقد أمد الله سبحانه الإنسان بوسائل التعلم ليستعملها في طاعة الله ومنها طلب العلم وجعل هذا شكرها، فقال سبحانه «والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون» (النحل:78)، راجع موانع الأهلية المكتسبة في «شرح التلويح على التوضيح» لسعد الدين التفتازاني وأبي مسعود البخاري. وإذا كان طلب العلم واجبًا على المسلم ليعلم ما فرضه الله عليه من الواجب والحلال والحرام، فإن طريق التعلم هو سؤال الأمناء من أهل العلم، فلا يسأل غير أمين لأن خبره لا يوثق به كما قال تعالى «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» (الحجرات:6)، ولا يسأل الجاهل وإن كان يلبس ثياب العلماء لأن سؤاله سبيل الضلالة والهلاك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا»، وقال البخاري، رحمه الله، في صحيحه «وكانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم» في كتاب الاعتصام بالبخاري. وهناك طرق أخرى للتعلم، منها قراءة كتب العلماء الثقات (وهو ما يعرف بالتحمل بالوجادة)، على أن المبتدئ قد يخطئ في فهم كلام العلماء في كتبهم، وقد يوجد لنفس العالم كلام في موضع يقيد كلامه في موضع آخر، فينبغي على المبتدئ أن يستوثق من فهمه، وذلك بسؤال من هو أعلم منه.