نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1500م من السبت إلى الإثنين المقبلين    "روح الأسرة" بعيدا عن "سلطوية العام" و"شكلانية القانون" و"مصلحية الاقتصاد"    مديرية الضرائب تفتح شبابيكها يومي السبت والأحد للمهتمين بتسوية وضعيتهم الجبائية من الأشخاص الذاتيين    الحكم موقوف التنفيذ لمناهضين ضد التطبيع    إياب ساخن في البطولة تبدأ أطواره وسط صراع محتدم على اللقب وتجنب الهبوط    كافي: يجب مناقشة التعديلات المقترحة على قانون مدونة الأسرة بعيدا عن التعصب لرأي فقهي    هذا نصيب إقليم الناظور من البرنامج الاستعجالي لتعزيز البنيات التحتية بجهة الشرق    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    مديرية الضرائب تفتح شبابيكها نهاية الأسبوع لتمكين الأشخاص الذاتيين المعنيين من التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية    رأس السنة الجديدة.. أبناك المغرب تفتح أبوابها استثنائيًا في عطلة نهاية الأسبوع    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    بيت الشعر ينعى الشاعر محمد عنيبة الحمري    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية ل«التجديد» : لا نريد الرئاسة ولا رئاسة الوزراء وسنشكل حكومة ائتلاف وطني ولو حصلنا على الأغلبية
نشر في التجديد يوم 22 - 07 - 2011

بعد أكثر من عشرين سنة من المنفى في بريطانيا، يعود راشد الغنوشي إلى تونس بعدما أطاحت الثورة بنظام بن علي، وبعد أن التقته "التجديد" بلندن مرتين، يتيسر اللقاء مع الشيخ راشد الغنوشي في المغرب، لتتطارح معه التحديات التي تواجه ثورة الياسمين والمناورات التي تجري لمنع هذه الثورة من أن تنتج مشروعها السياسي، ودواعي انسحاب النهضة من الهيئة العليا لحماية الثورة، والتطورات التي تجري في هذه الآونة الأخيرة، بما في ذلك افتعال الملف السلفي ومحاولة تحميل التيار الإسلامي تبعات ذلك. في هذا الحوار، يوضح الغنوشي رؤية حركة النهضة للتطورات التي تعيشها تونس ما بعد الثورة، وموقفها من المسار الذي سارت عليه الهيئة العليا لحماية الثورة، وجواب النهضة عن المسارات التي تحاول بعض بقايا النظام دفع تونس لها بقصد تعطيل التحول الديمقراطي والرجوع بتونس إلى الوراء، كما يقدم الغنوشي رؤية حركته لأهم عناصر المشروع السياسي الذي تطرحه الحركة لهذه المرحلة، وتصورها لطبيعة العلاقة مع الغرب، موضحا في حواره أن أن استقرار الغرب أصبح يفرض دعم التحول الديمقراطي في تونس والقبول بأن يكون الإسلاميون جزءا من الطيف المشارك في العملية السياسية، ويؤكد الغنوشي أن حركته في هذه المرحلة، وحرصا على استقرار المنطقة لا تعتزم تولي المناصب العليا، وأنها لا تنوي الاستفراد بالسلطة أو الهيمنة عليها، وإنما تعتزم في حالة فوزها بالانتخابات أن تدعو إلى ائتلاف وطني يضم الطيف الوطني والديمقراطي في تونس.
❒ انسحبتم من الهيئة العليا لحماية الثورة، والنقاش الآن يدور حول صلاحيات هذا المجلي لاتخاذ القرارات الحاسمة التي تعتبر من صميم مهام البرلمان المنتخب، في الوقت الذي تطالبون فيه أنتم بالإسراع في تنزيل الخطوات التي من شأنها حماية منجزات الثورة بإجراءات انتخابات للجنة التأسيسية لإعداد دستور للبلاد يرسم صورة النظام السياسي الديمقراطي في تونس، لكن لاحظنا في التطورات الأخيرة بروز مؤشرات مقلقة من قبيل مبادرة هذه الهيئة لاتخاذ قرارات حاسمة تجاوزت الهدف الذي لأجلها أحدثت، واستعمال الورقة السلفية وتوظيفها لضرب النهضة، كما لاحظنا بشكل كثيف تعويم النقاش السياسي في تونس وحرفه عن أولوياته الحقيقية بما هي استكمال مهام الثورة وإنجاز التحول الديمقراطي في بالبلاد، الشيخ راشد ما هي قراءتكم لهذه العناصر في سياق التطوارت السياسية في تونس الثورة؟
❒❒ تونس شهدت ثورة أسقطت ديكتاتورا متوحشا مدعوما دوليا وإقليميا، وهي اليوم تواصل ثورتها لإسقاط بقية مخلفات هذا النظام، هذه المخلفات التي لا تزال للأسف قائمة ونافذة وتجذب البلد إلى الوراء بقوة وتبعث رسائل للتونسيين وتحاول أن تزرع لديهم قناعة بأنهم إن اسقطوا الديكتاتورية فلا أمن ولا استقرار ولا معاش إلا مع تلك الديكتاتورية. لكن هذه الثورة ماضية بإذن الله إلى تحقيق أهدافها. فأهدافها ليست سلبية فقط، فهي لم تتوجه فقط لإسقاط النظام الدكتاتوري وإسقاط الفساد، وإنما تقصد أيضا بناء دولة الحق ودولة العدل: وتحقيق الدولة الديمقراطية التي تحمل مشروعا رائدا للتنمية وتنشد الازدهار والتوازن بين الجهات والولايات، ويستعيد بها الشعب التونسي إرادته وسيادته. من الوسائل التي اتخذت لتحقيق هذه الثورة إحداث الهيئة الوطنية لحماية الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. هذه الهيئة تكونت على غير برنامج سابق، وتداعى إليها مؤسسوها وانضمت إلى المجموعة الأولى مجموعات أخرى تحت مسمى شخصيات وطنية بما اخل بالتوازن بين مكونات هذه الهيئة من الإسلاميين والعلمانيين. الحركة الإسلامية في شخص حزب النهضة قبل على مضض هذه الوضعية لدوافع وطنية، لأن مصلحة التحول الديمقراطي تقتضي أن نتجاوز بعض الاعتبارات لكن على أساس أن يكون التقرير داخلا بالوفاق، وكان الأمر كذلك، ولكن المكون العلماني أخذ يطرح مشاريع قوانين: قانون الأحزاب، وقانون الجمعيات وقانون الصحافة، وكان تقديرنا أن هذا يدخل ضمن صلاحيات المجلس التأسيسي، وأن هذا استباق وانتحال لصفة البرلمان، وهذه ليست هيئة منتخبة، وأيضا بدأ الاعتماد على أسلوب التقرير بالأغلبية، مع أنها ليست مؤسسة منتخبة حتى تقرر بالأغلبية، وإنما هي مؤسسة تأسست أصلا على الوفاق، وازداد الأمر استفحالا لما اتخذت هذه الهيئة بعض القرارات الحامية بهذا المنطق، أي اعتمادا على الأغلبية، مثل قرار تأجيل الانتخابات بدون عودة إلى الأحزاب ولا احترام لمنطق الوفاق الذي قامت على أساسه هذه الهيئة، فاتخذت القرار لجنة منبثقة عن هذه الهيئة هي اللجنة العليا للانتخابات، وهي لجنة فيها اختلال في التوازنات أيضا مثلها في ذلك مثل الهيئة العليا، فاتخذنا قرارا بتعليق عضويتنا في هذه الهيئة احتجاجا على هذا الأسلوب، وبعد حوار مع الحكومة ومع مكونات هذه الهيئة، تم الاتفاق على موعد آخر، هو الرابع والعشرين من يوليوز الجاري، ولكن رأينا أن الهيئة ليست مشغولة بما تأسست لأجله، وهو إجراء انتخابات حرة ونزيهة في موعدها، وإنما هي منشغلة بالتقنين ووضع مشاريع قوانين ليست ضرورية لإجراء انتخابات للمجلس التأسيسي، وبدأ التقرير يخضع لمنطق الأغلبية وليس لمنطق الوفاق، وعلقنا عضويتنا في هذه الهيئة، وعلق آخرون عضويتهم فيها، مما هز من كيانها وأفقدها كثيرا من المصداقية، ولم يبال رئيس هذه الهيئة، وذهب به الأمر إلى التصريح بالقول : "ماذا يضر إذا نقص علي واحد" بما أغضبنا واعتبرنا أن هذا غرور. لكن تدخل عدد من الوسطاء واستعادوا الحوار من أجل عودة النهضة، واتفقنا على عدد من البنود منها الإقرار بمبدأ الوفاق أساسا للتقنين، وإعادة النظر في تركيبة الهيئة من أجل إعادة التوازن إليها، والاتفاق على أن جدول أعمال الهيئة ينبغي أن يتم بالوفاق وليس أن يفرض من قبل قيادة الهيئة. ولكن فوجئنا بأن رئيس الهيئة لم يعلن كما كان منتظرا هذا الاتفاق، فعادت الأزمة من جديد، وعاد رئيس الجلسة يتحدث الأيام الأخيرة عن وصف النهضة بأنها حركة معتدلة، وأنه أخطأ حين اعتمد وسيطا غير مناسب للحوار، وأنه سيذهب بنفسه إلى قيادة النهضة لكي يحاورها. هذا ما انتهى إليه الأمر أن هناك غموض وتردد كبير، والحقيقة أن الهيئة قد أنجزت ما من أجله جعلت، وهو إقرار قانون انتخابي، وتحديد موعد الانتخابات، وانتخاب لجنة للإشراف على تطبيقه. المشكل اليوم ليس هو مشكل الهيئة، بل هو مشكل تنزيل ومشكل توفير الشروط الضرورية للوفاء بإجراء انتخابات نزيهة في الموعد المحدد في الثالث والعشرين من أكتوبر القادم. الهيئة قامت برزنامة للانتخابات، ومنها تحديد عشرين يوما، مضى منها أسبوع أو أكثر لتسجيل الناخبين، وحصل خلاف حول هذا التسجيل هل هو ضروري من أجل أن يشارك أي مواطن تونسي في الانتخابات، أو هو فقط لتثبيت وجود الاسم في القائمة. وعلى كل حال، لم يسجل الآن إلا عدد قليل، وهناك خشية أن يتردد أبناء الأرياف في تسجيل أسمائهم، لاسيما وأن القوائم التي كانت تستعمل في الانتخابات لم يكن يدعى لها إلا المقربون للنظام الديكتاتوري البائد. نحن نحرض المواطنين على التسجيل وعلى المشاركة الفعلية، ونعتبر أن هذه مهمة الوقت، أما موضوع العودة إلى الهيئة فنتصور أنه ليس مهما، ونعتبر أن الهيئة حتى لو أقفلت اليوم أبوابها، فهذا لن يضر في الأمر شيئا.
❒ استعملتم في كلامكم لفظة الغموض والتردد أكثر من مرة، هل يعني هذا أنكن لستم مطمئنين على مستقبل الثورة أم أن هناك إرادة ما سواء كانت داخلية أو خارجية تريد أن تسرق الثورة وتنقلب عليها وتجهض حلم التحول الديمقراطي في تونس؟ أن هناك فاعلا دوليا يتخوف من الإسلاميين باعتبارهم القوة السياسية الأكثر تنظيما وتأثيرا في تونس والتي يتوقع أن يحقق نتائج جد إيجابية في الانتخابات القادمة؟
❒❒ هناك شعور عام بأن هنالك إرادات فاعلة مصرة على منع انتهاء السير نحو انتخابات نزيهة، لأن الانتخابات النزيهة ستكشف الأوزان الحقيقية للقوى السياسية، ولذلك هناك تبشير اليوم بمسارات أخرى غير مسار الانتخابات، من مثل المضي إلى استفتاء حول إصلاحات وتعديلات على دستور 1959، وانتخاب رئيس، وربما تحويل هذه الهيئة إلى برلمان، هذه الخيارات تحاول بقايا حزب التجمع المنحل أن تدعو إليها، وهناك أحزاب تكونت من فتات الحزب المنحل تساير هذه الدعوات وتحاول أن تعطل التوجه نحو الانتخابات وتدعو في مقابل ذلك إلى مسارات أخرى. وهنالك أيضا استعمال المجموعات السلفية كفزاعة واستفزازها لدفعها إلى ارتكاب أخطاء وتحميل تبعات ذلك إلى الإسلاميين، ظهر ذلك في الفيلم الذي عرض باسم : "لا الله، لا الشيخ" وهو فيلم مولته وزارة الثقافة، وهو استفزاز لمشاعر كل مؤمن، وقد حدث أن بعض من اتخذوا المظهر السلفي، ولعلهم بعض أفراد الأمن السياسي، وقد انكشف ذلك، إذ أن بعضهم سقطت لحاهم خلال الزحام، أرادوا منع هذا الفيلم أو ضرب بعض القائمين عليه وعدة أمثلة من هذا القبيل، حيث هناك فزاعة للتخويف من التيار الإسلامي الذي تتزعمه النهضة والدفع نحو أعمال عنيفة لتبرير تأخير آخر في الانتخابات أو إلغاء المسار الانتخابي جملة. وقد بلغنا أنه خلال رمضان، سيجري افتعال أحداث تتسبب في مصادمات في المساجد لتحقيق نفس هذه الأهداف. ما يمكن القول هنا هو أن الطريق إلى الديمقراطية مثلها مثل الطريق إلى الجنة، محفوفة بالأشواك والمخاطر، ولكن الشعب الذي صنع هذه الثورة العظيمة سينجح في تجاوز هذه العقبات وسيمضي إلى إجراء انتخابات نزيهة تفرز برلمان يعيد الأمل الذي ضاع من التونسيين لأزيد من نصف قرن.
❒ أين موقع الموقف الدولي مما يجري الآن من تطورات متسارعة في تونس؟ وهل للموقف الغربي دور في هذا الغموض والتردد والمناورات التي تفتعل لتعطيل المسار الديمقراطي؟
❒❒ لو الموقف الدولي قويا ما قامت هذه الثورات. قيام هذه الثورات هي نتيجة من نتائج ضعف القرار الدولي، وانشغال الغرب بنفسه ومشاكله، فهم لم يستطيعوا أن يحلوا مشكلة أفغانستان، وقضية العراق إلى الآن لا زالت قائمة، فلم تستطع القرارات الدولية أن تحقق استقرارا في العراق ولا في فلسطين، فقد عجزت هذه القارات أن تفرض الحل السلمي، فالغرب ليس إلها، ولذلك من بين أسباب توتر النخب العلمانية في تونس شعورها بنوع من خيانة الغرب لها، واستعداد الغرب للعب مع الإسلاميين، وأنه يتبع مصلحته حيثما كانت. وهذا شيء طبيعي، لأن مصلحة الغرب هو تحقيق الاستقرار في تونس، ولن يتحقق هذا الاستقرار بعد سقوط نظام بن علي الديكتاتوري إلا بقيام ديمقراطية يشارك فيها الجميع وخاصة الإسلاميين. وإلا إذا فشل هذا التحول الديمقراطي، وبعد سقوط نظام بن علي، يمكن أن تدخل هذه المنطقة إلى فوضى عارمة، وحينها يمكن أن يتوجه من تونس إلى الغرب نصف مليون تونسي، بينما لم يتوجه عند الثورة إلا خمسة أو عشرة آلاف إلى الضفة الأخرى، ومع ذلك كادت اتفاقية شينغن للجولان الحر بين تونس وأوربا وذلك لمنع تسرب هذه الأفواج الهاربة. ولذلك مصلحة الغرب في المنطقة أن يتحقق الاستقرار في الضفة الجنوبية من المتوسط، لأن غياب هذا الاستقرار يهدد الاستقرار في الضفة الشمالية من المتوسط. ولهذا السبب كثرت تصريحات المسؤولين الغربيين الأوربيين والأمريكان الذين يؤكدون على أن الغرب يريد في تونس ومصر تحولا ديمقراطيا حقيقيا يمكن أن يحقق تنمية تضمن استقرار السكان وهذا أمر يخيف النخب العلمانية، إذ بدأت تشعر أن الغرب يخونها من أجل ضمان مصالحه الفرنسيون مثلا يؤكدون أن هدف فرنسا في تونس أن يحصل تحول ديمقراطي وأنها تقف على مسافة واحدة من الجميع بما في ذلك الإسلاميين، ونحن نتمنى أن تفعل ذلك صادقة
❒ أمام حركة النهضة على الأقل تحديان أساسيان، الأول داخلي يتعلق بطبيعة الجواب السياسي الذي تقدمه الحركة لمواجهة تحدي الإصلاح السياسي وطبيعة المشروع السياسي الذي ستعرضه على الشعب وقدرتها على جدب أوسع شريحة من الشعب لمعاقة هذا المشروع لاسيما وأن حركة النهضة لم تعد حركة مضطهدة تكتسب شرعيتها من المظلومية التي كانت تعانيها وإنما من طبيعة المشروع السياسي الذي ستقدمه، وتحدي خارجي، يتعلق بفهم النهضة لتناقضات الوضع الدولي واستيعابها للموقف الدولي، ومدى قدرتها على إنتاج الخطاب والموقف المناسب للمرحلة، ما هي رؤيتكم لمواجهة هذين التحديين؟
❒❒ نحن نرى أن من ضمانات التحول الديمقراطي أن تجري انتخابات حرة نزيهة، وأن تتأسس حكومة وفاق وطني تشارك فيها كل القوى الوطنية الأساسية في البلاد وخاصة الإسلاميين. هذا عامل من عوامل تحقيق الاستقرار في المنطقة، وعامل تطمين لكل الفئات أن الإسلاميين، حتى على فرض حصولهم على أغلبية، فهم حريصون أن يحكموا في ظل وفاق وطني ، وهذا ضروري من أجل مواجهة التحديات الكبرى.
❒ أنتم تؤكدون بهذا الكلام أ، الإسلاميين حتى ولو فازوا بالأغلبية في الانتخبات فإنهم سيحرصون على أن يشكلوا حكومة ائتنلاف وطني؟
❒❒ نعم، بل إنهم لا يحرصون حتى على أن تكون المناصب الكبرى بأيديهم.
❒ ماذا تقصدون بالمناصب الكبرى تحديدا؟
❒❒ أقصد الرئاسة ورائة الوزراء. فالتيار الإسلامي في تونس يقبل في هذه المرحلة الانتخابية أن تتولى قيادة البلاد شخصيات وطنية محترمة سواء كانت مستقلة أو حتى في المعارضة السابقة.
❒ ماهي توقعاتكم لحجمكم الانتخابي في المعركة الانتخابية؟
❒❒ نحن نقدر أننا الأغلبية في تونس.
❒ معنى هذا أنكن ستتصدرون الانتخابات القادمة؟
❒❒ نحن بحمد الله الحزب الأول في تونس وبفارق كبير بيننا وبين أكبر الأحزاب في تونس. ولهذا السبب تتناسل الخطط لتأجيل الانتخابات، ونحسب أن من وراء هذه الخطط مراهنة على الزمن، فإنه خلال هذا الزمن المتبقي، يمكن للحملات الإعلامية، ويمكن لاستحداث عوامل العنف واستثمار الورقة السلفية، يمكن لذلك أن يؤثر في الرأي العام، حتى إذا حصلت الانتخابات، يكون الرأي العام قد ابتعد عن النهضة حتى لا تتمكن من الحصول على أكثر من عشرين بالمائة من الأصوات، حتى يتسنى تهميشها وتشكيل حكومة لا تشارك فيها النهضة.
- في حالة فوزكم في الانتخابات ما هي أقرب الأحزاب التي تقدرون أنها يمكن أن تشاركم في الائتلاف الحكومي؟
- هناك أحزاب كثيرة يمكن أن تشركنا. نحن دخلنا في تفاوض مع العديد من الأحزاب ووقعنا مع بعضها بيانات مشتركة مثل حزب المؤتمر من أجل الديمقراطية، وحزب الشعب وحزب الديمقراطي الاشتراكي، وحزب الإصلاح والتنمية وغيرهم، وهذه الأحزاب ولدت قبل الثورة، وهناك أحزاب أخرى نتفاوض معها مثل حزب الدكتور بن جعفر، وآخرين.
❒ في الشق المتعلق بالدستور وما يتعلق بقضايا الهوية فيه، أقصد التأكيد على إسلامية الدولة والعلاقة بين الدين والدولة أو بين المجال الديني والمجال السياسي حسب الصيغة المثار حولها الجدل تونسيا، ما هي رؤية النهضة لهذه القضايا؟
❒❒ الحقيقة، ليست عندنا خصوصيات كثيرة بهذا الصدد، فهناك نوع من الإجماع الوطني حول المحافظة على البند الأول من الدستور السابق الذي ينص على أن تونس دولة حرة ومستقلة وأن لغتها العربية ودينها الإسلام. هناك تقريبا إجماع بين المكونات الوطنية على أن يبقى هذا البند المحدد لهوية البلد، وبقية النقاط مثل قضية الفصل بين المجال الديني والمجال السياسي. هم لا يقولون الفصل بين الدين والدولة، لأن هذا يجعل القطاع الديني يخرج من تدبير الدولة ومن احتكارها لهذا المجال وتوظيفه له، وهذا لا يناسبهم. هم يريدون أن تبقى الدولة ماسكة بالمجال الديني محتكرة له ممسكة به دون أن تلتزم به. ولذلك لا يستخدمون عبارة فصل الدين عن الدولة، ولكن يقولون بفصل المجال الديني عن المجال السياسي وهو ما نراه نحن مناقضا للبند الأول للدستور المحدد للهوية الإسلامية للشعب التونسي. ونرى في ذلك تضييعا لأهم الطاقات التي يعبئها الإسلام، فأت تشطب مجالت التربية والتثقيف والسياسات حتى لو كنا غير مؤمنين بعقائد الإسلام من الناحية الموضوعية فهذه الطاقة التي يوفرها الإسلام ينبغي أن توظف إذا كانت عندنا نظرة موضوعية لعوامل القوة والضعف، فعلينا أن نستثمر عنصر القوة الذي يشكله الإسلام في تعبئة الطاقات، أما أن كان البعض يمتلأ قلبه عداوة للدين فعليه أن يصرح بذلك، ولكم دينكم ولي جدين لا أن يفرضوا على الناس تحييد عناصر القوة في ثقافتهم.
❒ وماذا عن الأحوال الشخصية؟
❒❒ ليس عندنا اي مشكل مع مجلة الأحوال الشخصية، وقد أكدنا منذ سنة 1988 أن الأصل في هذه المجلة أنها تمثل اجتهادا إسلاميا وضعه علماء الإسلام لإنصاف المرأة وتحرحريها من مخلفات عناصر الانحطاط والتقليد، ونرى أن الحديث عن هذا الموضوع هو محاولة لتهميش للقضايا الجوهرية التي هي قضايا البطالة وقضايا السكان ، وانهيار الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم ، والفساد في السياسة والاقتصاد والإدارة الإعلام.
❒ في سؤال أخير وفي كلمات معدودة، هل تتوقون من هذه الثورة أن تنتج مشروعها السياسي؟
❒❒ نحن واثقون إن شاء الله من ذلك وأن التونسيين كما نجحوا في هذا الإبداع الثوري الذي ألهم شعوبا في المنطقة وخارج المنطقة، وعادوا إلى التاريخ بعدما خرجوا منه، وأعادوا للشعوب العربية والإسلامية الثقة في نفوسهم وأزاح الخوف من قلوب الناس، أن هذا الشعب أن ينجح في إبداع نموذجه المجتمعي الذي يترجم دماء الشهداء وتضحيات الأجيال ويترجموها في نظام ديمقراطي حديث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.