توجت الندوة الدولية حول التراث الثقافي بالريف بتوقيع اتفاقية شراكة لإحداث "متحف الريف"، وقعها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس الجالية المغربية بالخارج والمجلس البلدي للحسيمة وجهة تازة تاونات الحسيمة أول أمس السبت. وقال المنظمون إن الهدف من المتحف هو التعريف بالذاكرة التاريخية للمنطقة، وتشجيع الحوار الثقافي والحضاري وتبادل الذاكرات، وتطوير مهن ثقافية مرتبطة بالأنشطة المتحفية. واعتبر إدريس اليازمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أشغال الندوة أولى خطوات بلورة مشروع متحف الريف الذي سيساهم في نشر المعرفة و الوعي التاريخي و الحفاظ على الذاكرة. كما يسعى إلى رد الاعتبار لساكنة الريف كونه يشكل إحدى الركائز الأساسية والتحفيز على تطوير البحث العلمي. وأكد اليازمي أن المشروع سيكون نموذجيا من خلال إحداث لجنة علمية تضم متخصصين في تاريخ الريف. من جهته، أبرز عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية البعد الثقافي و الروحي واللغوي لسكان الريف ودوره في تعزيز الروابط بين مختلف الثقافات. وشدد بوصوف على ضرورة إعطاء أهمية لمواقع و أسماء تاريخية ظلت راسخة في الذاكرة بما تركتها من بصمات لا يمكن نسيانها "فمنطقة النكور التي واجهت قبل ثلاث قرون الفاطميين مرتين و الأمويين و غيرهم واستطاعت أن تحافظ على التراث، لا يمكن أن تظل تحت أنقاض سد عبد الكريم الخطابي ، بالإضافة إلى علماء يستوجب ذكرهم و التعريف بهم استكمالا لمسيرة البحث في تراث الريف". وشهدت الندوة مداخلات عملية، أبرزها مداخلة للمؤرخ علي الإدريسي، أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، الذي أبرز دور المعتقدات الشعبية والبعد الروحي كفاعل ثقافي اجتماعي لدى ساكنة الريف، من خلال بعض الكتابات الأجنبية وجريدة "تلغرامة الريف". ودعا الإدريسي إلى الاعتزاز بالهوية المتجددة وترسيخ التواصل الإيجابي بين الأجيال الثقافية وإبراز الثابت والمتغير في ثقافة المنطقة. وقال الإدريسي، ل"الجديد"، إن القسم الذي أقسمه المشاركون في الجمع الأول لتحضير حرب التحرير ضد الإسبان في بداية 1921 تضمن ثلاث مبادئ، الدفاع عن الوطن، وعن الدين، وعن الشرف. وأكد الإدريسي أن الحياة الروحية كانت من المقومات الكبرى في حرب التحرير التي قادها الخطابي، مما يدل على أن الدعاية الاستعمارية التي كانت تقوم على استمالة عواطف الريفيين بمدح مناسباتهم الدينية وتخليدها في جريدتهم " تلغرامة الريف" الصادرة من مليلية و الإشادة بأولياء الله الصالحين و الشرفاء، لم تنطل على سكان المنطقة.