أبرزت دراسة أنجزها مكتب دراسات أجنبي تتعلق بالقطاع البنكي بالمغرب أن نسبة الاستبناك تبلغ 23 بالمائة من مجموع الساكنة المغربية، وان النسبة في العالم الحضري تنحصر في 41 بالمائة كنسبة استباك. وأبرزت الدراسة أن أربعة أبناك تستحود على ثلاثة أرباع معاملات القطاع البنكي المغربي. وكشفت الدراسة أن نسبة الادخار متوسط وطويل المدى لا تتعدى 3 بالمائة من الشريحة المسبنكة. وأن 45 بالمائة من المستبنكين مستعدين لتغيير البنك الذي يتعاملون معه خلال 12 شهرا المقبلة(ضعف الوفاء للبنك). وأوردت الدراسة تمركز الاستبناك في عدد من المدن، ذلك أن نسبة الاستبناك تبلغ في مدينة الدارالبيضاء 52 بالمائة، والرباط 37 بالمائة، وأكادير لا تتجاوز 30 بالمائة. بالنسبة للقروض الجارية في القطاع البنكي تستحوذ القروض العادية على 20 بالمائة من مجمل القروض، بالمقابل تبلغ قروض الاستهلاك 12 بالمائة، والقروض الخاصة بالعقار 11 بالمائة. وكشفت الدراسة أن 63 بالمائة من المسبنكين هم من الرجال، وأن 59 بالمائة من المتعاملين مع الحساب البنكي ينتمون إلى شريحة الطبقة المتوسطة. في قراءته لتفاصيل هذه الدراسة، اعتبر عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بالرباط ومتخصص في المالية الاسلامية، أن هذه الأرقام تكشف تنازع القيم بين المغاربة وبين التعاملات البنكية المبنية على الربا. كما أن هاته الاحصائيات تكشف حسب الكتاني عن تمركز الاستفادة من خيرات المغرب في يد أقلية محددة. وقال الخبير الاقتصادي: الدولة سعت في فترات محددة إلى ربط عدد من الخدمات بضرورة فتح المواطن للحساب البنكي. واستدرك الكتاني قائلا» لكن هناك فرق كبير بين فتح الحساب البنكي وبين الادخار. متسائلا ما معنى ان تفتح حسابا دون أن تدخر من خلاله؟ هاته الأرقام أيضا تكشف، وفق نفس التحليل، تمركز الحركة الاقتصادية في المغرب. ذلك أنه يمكن الحديث عن مغرب غير مستبنك على غرار الحديث عن المغرب غير النافع. أما ماذا يعني الحديث عن نسبة 3 بالمائة فقط من المستبنكين هم الذين يدخرون على المدى المتوسط والبعيد؟ هذه النسبة تكشف حسب الكتاني أمرين: الأمر الأول مرتبط بالجانب العقدي أي أن المغربي بطبيعته لا يجازف بالتعامل مع المنطق الربوي. وثاني الأمور تكشف أمر خطيرا، ذلك أن نسبة الاقتصاد المغربي المدخر في البنوك يصل إلى 30 بالمائة، وإذا كانت 3 بالمائة فقط من المستبنكين هم من يدخرون على المدى المتوسط والبعيد، فهذا يعني حسب الكتاني، أن 30 بالمائة من الطاقة الادخارية في المغرب تستحوذ عليها 3 بالمائة من المغاربة. وهذا يعني أن غالبية المغاربة يساهمون في الاقتصاد الوطني كمستهلكين وليس كمدخرين. بمعنى آخر، أن فئات قليلة هي التي تستفيد من خيرات البلاد وشرائح واسعة تتفرج فقط. وفي قراءته لرقم 45 بالمائة من أصحاب الحساب البنكي مستعدون لتغيير بنكهم، كشف الكتاني على أن هذا دليل على ضعف الثقة في البنوك الحالية، وضعف شعور المغربي بالانتماء إلى العقيدة الاحتكارية والربوية التي تتأسس عليها القطاع البنكي المغربي. وقال الكتاني: في دراسة سابقة تأكد لنا أن ربع المغاربة مستعد للتعامل مع البنوك في حالة تم السماح للتعاملات الاسلامية من الوجود. وذهب الكتاني إلى القول: لقد حان الوقت مع هذه التحولات الجارية إلى كسر الهيمنة على القطاع البنكي وفتح المجال للتنافسية. وهذا يتطلب حسب الكتاني قرار سياسي ، في سبيل رفع الحرج عن المغاربة، وفتح المجال أمام المواطنين لاختيار طرق تعاملهم البنكي.