سار مئات الآلاف من الليبيين ملوحين بأعلام الاستقلال الليبية في أنحاء مدينة بنغازي، أول أمس، في مسعى لتعزيز الروح المعنوية للثورة ضد الديكتاتور الليبي معمر القذافي، ومما اعتبره المتابعون أنه أكبر تجمع سياسي تشهده ليبيا. وفي استعراض ضخم للمشاعر المناهضة للقذافي في المدينة التي تضم 700 ألف نسمة خرج حوالي مليون شخص من مؤيدي الثورة الليبية بقيادة المجلس الوطني الانتقالي إلى شوارع بنغازي، بعد أن تقاطر له الجموع من أغلب المناطق المحررة، مرددين شعارات: «الشعب يريد إسقاط النظام»، “أرفع رأسك فوق.. أنت ليبي حر” و “ليبيا حرة.. والقذافي برة”، حاملين رسوما كاريكاتيرية مرتجلة مناهضة للقذافي ومجددين في الوقت نفسه بضرورة إسقاط النظام ومحاكمة القذافي على ما ارتكبه من جرائم ضد شعبه طيلة فترة حكمه ال42 عاماً. وشارك في مظاهرة بنغازي آلاف قدموا من مدن أجدابيا وطبرق ودرنة والبيضاء والمرج التي كانت أول المدن التي تحررت من قبضة نظام القذافي. وتباين الطابع العفوي للحشد بصورة صارخة مع الاحتجاجات التي تخرج بتدبير من حكومة النظام في العاصمة طرابلس وتكون عادة مؤيدة للقذافي. وكان آلاف الليبيين قد احتشدوا في الساحة الخضراء بطرابلس قبل أسبوع للتعبير عن تشبثهم بالديكتاتور ورفضهم تنحيه، فيما اتهم معارضون ليبيون ووسائل إعلام أجنبية نظام القذافي بإجبار الأهالي على الخروج تحت تهديد السلاح. وأغلقت معظم المتاجر والمقاهي أبوابها في وسط بنغازي التي سارع الأهالي في شوارعها الترابية للانضمام للحشد. وحلقت طائرة هليكوبتر وعليها علم الاستقلال الليبي. وأطلق البعض أعيرة من بنادقهم الآلية في الهواء احتفالا. وأطلق آخرون صفيرا مدويا حاملين الأعلام عالية فوق رؤوسهم. وكما هو الحال في مدن الشرق, تظاهر عدة آلاف من سكان مصراتة، أول أمس، ضد نظام القذافي. وقال نوري عبار وهو شرطي سابق «40 عاما» «نريد أن يرى العالم أن ليبيا تعارض القذافي وأننا نريد الحرية».وأضاف «نريد أن يرانا الناس المجبرون على الصمت في طرابلس وأن يفعلوا الشيء ذاته. عندها سوف ننتصر». وكان الحشد منظما وسلميا حيث سار الناس في شوارع رئيسية تطل عليها مبان تعود لفترة الاستعمار الإيطالي. وقال إبراهيم علي أحمد وهو من ميناء راس لانوف «20 عاما» نحن نتظاهر ردا على مزاعم القذافي بأنه لا يوجد ثوار في بنغازي.. آمل أن ينتهي هذا كله قريبا. نحن لن نفقد صبرنا. نستطيع الصبر إلى الأبد.. لسنوات إلى أن يرحل القذافي». وتأتي المظاهرات المناهضة لنظام القذافي عقب تصريحات لقادة المجلس الوطني الانتقالي رفضوا فيها بشدة بقاء معمر القذافي في ليبيا في إطار أي تسوية محتملة. ميدانيا، تقدم الثوار الليبيون خطوة أخرى نحو العاصمة طرابلس، أول أمس، بعد أن أحكموا سيطرتهم على بلدة تقع إلى الجنوب الغربي من العاصمة التي يتحصن فيها الديكتاتور معمر القذافي. وقال المقاتل في صفوف الثوار حسن الجوالي، إنهم تمكنوا من الاستيلاء على بلدة القواليش، التي يبلغ عدد سكانها نحو 4 آلاف نسمة، وتبعد 50 كيلومتراً من طرابلس، مضيفاً أن 50 عنصراً من كتائب القافي قتلوا وتم القبض على 15 آخرين، وفق «رويترز». وقال الثوار إنهم كانوا يتحركون شمالا، نحو العاصمة المطلة على البحر المتوسط، وأنهم سيتوجهون لاحقاً إلى مدينة الغريان التي تقع على الطريق السريع المؤدي إلى طرابلس. وكانت مصادر صحفية مقربة من الثوار نقلت عن مصادر طبية في مستشفى دار الحكمة بمصراتة أن 16 شهيدا من الثوار ارتقوا وأصيب نجو 40 آخرين في قصف شنته كتائب القذافي على منطقة الدافنية غربي مدينة مصراتة، أول أمس. وقال رئيس اللجنة الإعلامية في مصراتة، محمد إبراهيم، إن 16 مقاتلاً من الثوار لقوا مصرعهم جراء القصف الذي استهدف مواقعهم في الدافنية، والذي أدى كذلك إلى إصابة 42 مقاتلاً آخرين. ونقلت صحيفة «قورينا الجديدة»، المؤيدة للثوار، عن القائد الميداني خليل مصطفى، من منطقة الغيران، أن كتائب القذافي كانت تحاول الدخول من محور «بني وليد»، إلا أن الثوار تمكنوا من دحرهم للخلف. وأضافت الصحيفة أن الثوار تمكنوا من إيقاف تقدم الكتائب من جهة الدافنية وتوغلوا كيلومترات أخرى باتجاه زليتن، مشيرة إلى سقوط شهداء بين الثوار، وأن 7 استشهدوا وأصيب 43 آخرين. سياسيا، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إن أنقرة مصممة على تطوير العلاقات مع المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا الذي اعترفت به ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الليبي. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن داوود أوغلو قوله في مؤتمر صحافي مشترك مع القيادي في المجلس الوطني الانتقالي الليبي محمود جبريل، أول أمس، إن «سياستنا تجاه ليبيا واضحة جداً كما هي بالنسبة للدول الصديقة والشقيقة الأخرى» وشدد على أهمية إجراء تغيير يلبي حقوق الشعب الليبي. وأضاف «نعتبر المجلس الوطني الانتقالي الليبي ممثلاً شرعياً للشعب الليبي، وسنستمر في تطوير علاقاتنا مع المجلس». من جهته، أثنى جبريل على العلاقات التاريخية مع تركيا والتي ستستمر في المستقبل وقال «علاقتنا مع تركيا ليست مؤقتة بل إستراتيجية». ودعا كل الشركات التركية التي كانت تعمل في ليبيا إلى العودة للعمل في المناطق التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي. وكانت أنقرة استضافت الثلاثاء الماضي اجتماعاً بين داوود أوغلو ونظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان وجبريل، ومبعوث الأممالمتحدة الخاص لليبيا عبد الإله الخطيب، جرى خلاله البحث في الأوضاع بليبيا ولقاء مجموعة الاتصال المقرر في اسطنبول منتصف يوليوز الجاري.