شكل مطلب تفعيل دستورية اللغة العربية في الدستور المقبل للمغرب محور مطالب متعددة توصلت بها الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية من المشاركين في اللقاء التواصلي الذي نظمته يوم السبت 26 مارس 2011 بالرباط في موضوع: ''من أجل تفعيل دستورية اللغة العربية في الواقع المغربي''. ويأتي اللقاء المذكور، حسب أرضيته، والمغرب يقوم، في خطوة شجاعة بتعديلات جوهرية في بنود الدستور، ولا تشك الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية مطلقا في أي تراجع عن التنصيص على رسمية اللغة العربية. وأكد موسى الشامي رئيس الجمعية المذكورة أن هذه الأخيرة ستعمل على جمع كل الاقتراحات التي توصلت بها وصياغتها من أجل تقديمها للجنة المكلفة بتعديل الدستور على ضوء الخطاب الملكي ليوم 9 مارس الجاري. وقد تم اختيار أعضاء لجنة من الحاضرين للقاء تتكلف بصياغة المقترحات التي سيتم تقديمها للجنة تعديل الدستور. وصرح موسى الشامي ل ''التجديد'' بالمناسبة أن هناك جمعيات أخرى تدافع عن اللغة العربية وتهتم بالحقل اللغوي عامة شكلت ائتلافا لترشيد الحقل اللغوي في المغرب سيتم الإعلان الرسمي عنه في أبريل القادم، والجمعية المغربية عضو في هذا الائتلاف. وقال الدكتور محمد الأوراغي أستاذ اللسانيات بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط إنه لا يوجد مجتمع في العالم له لغتان رسميتان منصوص عليهما في الدستور. وتحدى الأوراغي أي واحد يمكن أن يقدم عكس ذلك، مضيفا أن كثير من الدول الغربية-كندا وسويسرا وفرنسا وغيرها- لم تنص في دستورها على لغتين رسميتين، بل نصت على لغة واحدة، ونصت على اللغات الأخرى في مناطقها الجغرافية. غير أن الأوراغي استدرك بقوة قائلا ''شخصيا وبصفتي أمازيغيا ومتخصصا لسانيا، لا أعارض أبدا في ترسيم هذه اللغات في بقعتها الجغرافية كما في جميع دول العالم، فجميع اللغات الوطنية تدستر جغرافيا وليس اسميا فقط''. وتأسف الأوراغي للعرقلة التي عانت منها اللغة العربية في الدستور الحالي ''لأن كل لغة رسمية غير مرفقة بقوانين استكمالها لا تعد لغة رسمية، ولذلك لم يقترح في المغرب أبدا قانون لاستعمال اللغة العربية''. وطالب الأوراغي بتفعيل دستورية اللغة العربية في التعديلات المقبلة حتى يكون النص الدستوري المقبل مغايرا للدستور الحالي، إذ أن الدستور الحالي لا يحمي اللغة العربية بشبكة من القوانين المرفقة، خاصة مما يسمى في اللسانيات السياسية والاجتماعية باللغات ''الفوق وطنية'' التي خلفها الاستعمار. واقترح عبد السلام بلاجي أستاذ الدراسات الإسلامية والقانون الدستوري خلال اللقاء المذكور دعم دسترة اللغة العربية من خلال الإبقاء عليها في ديباجة الدستور من جهة ومن خلال تخصيص فصل في الدستور للغة العربية من أجل دعم دسترتها. وشدد بلاجي على أهمية التنصيص على الثقافة الأمازيغية كرافد من روافد الثقافة المغربية المتعددة. وجاء في أرضية اللقاء التواصل أن: ''اللغة العربية تعيش اليوم في المغرب وضعية متدهورة في جميع مرافق الحياة لدرجة أنه لا يمكن للمرء أن يصدق أن الدستور المغربي ينص في ديباجته على أنها هي اللغة الرسمية للبلاد، ذلك أن الواقع المعيش يؤكد أن اللغة العربية لا تؤدي مطلقا وظيفتها كلغة دستورية، وأن اللغة الفرنسية هي السائدة وكأنها هي بالفعل اللغة الرسمية للمغاربة''، وأن ''هذا التهميش المتعمد للغة العربية، اللغة الدستورية للبلاد، هو الذي دفع ثلة من المخلصين لهذا الوطن لإنشاء الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية في سنة 2007 لرفع الظلم الذي يطالها وللعمل على إخراجها من الدونية التي لا تليق بها كلغة قوية، مواكبة للتطور الذي يعرفه العصر الحديث''. وشدد المتدخلون في اللقاء التواصلي على ألا تظل دستورية اللغة العربية صورية، ومجرد ديكور للاستهلاك كما هو الحال الآن، مشددين على أن إعادة الاعتبار الفعلي والملموس للغة العربية هو الهدف الوطني الأساسي الذي تريد الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية تحقيقه على أرض الواقع. ويشار إلى أن الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية مؤسسة فكرية علمية ثقافية تأسست يوم السبت 17 مارس 2007 في الرباط، وهي جمعية مستقلة عن أي تيار سياسي أو نقابي أو مذهبي ولديها عدة فروع في المغرب، تهدف إلى العمل على استصدار القوانين التي تحمي العربية باعتبارها اللغة الرسمية في المغرب. كما تحث الجمعية على إحداث مؤسسات متخصصة في تدبير الأمور المرتبطة باستخدام ودعم اللغة العربية. وتسعى الجمعية إلى تنمية دور العربية والعمل على استخدامها في كافة الإدارات والمرافق والقطاعات الإنتاجية والحكومية، والكشف عن قدراتها التعبيرية في شتى الميادين، إضافة إلى إبراز مكانتها في المجتمع المغربي ونشر الوعي بأهميتها. كما تعمل الجمعية على إبراز مختلف التحديات التي تواجه العربية في والكشف عن المخاطر التي تهددها وحمايتها من التهميش. ومن بين الوسائل التي تعتمدها الجمعية إبرام اتفاقيات وعقد شراكات مع المجالس المنتخبة والسلطات المحلية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وأيضا التعاون مع الهيئات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والجمعيات التي لها الأهداف نفسها على المستوى الوطني والدولي.