يعتبر كل من إقرار صندوق التكافل العائلي وتمديد الفترة الخاصة بتوثيق عقود ثبوت الزوجية من أهم مكتسبات سنة 2010 في الشأن الأسري، مقابل إخفاقات شهدها تطبيق مدونة الأسرة عكسها ارتفاع عدد رسوم الطلاق التي أعلنتها وزارة العدل بشأن تطبيق مدونة الأسرة إذ تجاوز عددها 55 ألف رسم طلاق وتطليق. وما يزال الشأن الأسري بالمغرب يواجه تحديات من أهم تجلياتها ارتفاع نسبة الأمية في صفوف النساء والعنف الممارس ضد المرأة، وتحديات قيمية يعكسها النقاش الدائر حول رفع بعض تحفظات المغرب الخاصة بالمرأة، والحراك الذي انتعش سنة 2010 بخصوص صورة المرأة في الإعلام وفي الخارج. وأمام تلك التحديات وغيرها في الشأن الأسري يستشرف المغرب آفاقا واعدة إذ تم اعتماد سياسة مندمجة تأخذ منظومة الأسرة بعين الاعتبار وعدم تحجيم قضيتها في قضية المرأة رغم ما لهذه الأخيرة من مكانة في المنظومة الأسرية. مكسب السنة تعتبر بثينة قروري رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية أن أهم ما ميز سنة 2010 هو إقرار صندوق التكافل العائلي رغم التأخر الذي سجله هذا الإنجاز إذ استغرق مدة ست سنوات للخروج إلى حيز الوجود فقد تم الإعلان عنه ضمن مقتضيات مدونة الأسرة في الخطاب الملكي ل 10 أكتوبر سنة 2003 حين الإعلان عن مدونة الأسرة، وبدأ تطبيق المدونة سنة 2004 دون أن ينال صندوق التكافل العائلي حظا مقدرا من الاهتمام في حينه، وتم التأخير إلى حين تضمينه في مشروع قانون المالية لسنة 2010 إلا أنه تعرض للتأجيل مرة أخرى إلى حين يناير 2011 وتم تضمينه في القانون المالي لسنة 2011 الذي أعلن عنه في أواخر سنة .2010 ولم يفت رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية أن تسجل تخوفها بخصوص الصندوق رغم إقرارها بقولها في حديث ل ''التجديد'': ''أن أخوف ما نخافه هو تعقد مساطر استفادة النساء من الصندوق، ولنا رغبة في توسيع دائرة المستفيدين من الصندوق من قبيل النساء الأرامل''. تحديات أكدت بثينة قروري أن من بين التحديات التي يواجهها المغرب في الشأن الأسري قضايا تتطلب النضال وعلى رأسها الاستغلال الجنسي للنساء بمختلف أشكاله، وهو ما أدى إلى خدش صورة المرأة المغربية في الخارج. وقالت قروري بالمناسبة: ''نحن بحاجة إلى إجراءات حازمة للقضاء على الاستغلال الجنسي للنساء سواء بإحداث آليات لمحاربة جميع الأشكال المتعلقة بالاستغلال الجنسي للنساء وتشديد العقوبة تجاه الأشخاص الذين يقومون بدور الوساطة لدى شبكات الدعارة والاتجار بالبشر. ومن التحديات التي تواجهها الأسرة المغربية، أيضا، تقول قروري: المستوى المرتفع للأمية في صفوف النساء، مما يرتب المغرب في أدنى سلم التنمية البشرية. والملاحظ حسب المتحدثة نفسها ''أن المرأة الموظفة في وضعية صعبة نتيجة اختيارها التحدي الأصعب وهو المشاركة في الحياة العامة إلى جانب الرجل مقابل محافظتها على أدوارها داخل البيت، وهو ما يحتم مساعدتها للقيام بأدوارها على أحسن وجه عبر مواءمة النصوص القانونية والتنظيمية لمساعدتها على القيام بأدوارها على أحسن وجه، من قبيل الرفع من مدة عطلة الأمومة كما هو جار به العمل في عدد من الدول، وعدم حرمان المرأة الموظفة من المعاش رفقة أبنائها، وتوفير فضاءات بالقرب من مقرات العمل لرعاية رضيعها. مسطرة الصلح حملت مدونة الأسرة العديد من المكتسبات للمرأة والأسرة المغربية لكن على مستوى التطبيق يمكن تسجيل ما يعتريها من النقص، وهنا تذكر رئيسة منتدى الزهراء على سبيل المثال المادة 82 من مدونة الأسرة التي تتحدث عن الصلح، إذ الملاحظ أن أقسام قضاء الأسرة لا تتعامل مع هذه المادة بالشكل المطلوب ويقتصر العمل على إجراء شكلي سريع. وتطالب قروري في هذا المجال بإشراك مراكز الإرشاد الأسري في مقاربة الصلح نظرا لما راكمته في الصلح بين الزوجين من جهة، ونظرا لتراكم الملفات على جهاز القضاء من جهة أخرى.والحاجة ملحة لمقرر تنظيمي لإشراك مراكز الإرشاد الأسري في موضوع الصلح. غياب سياسة مندمجة سجلت قروري في حديثها ل ''التجديد'' أن السياسات التي استهدفت الأسرة غلب عليها طابع التمكين للمرأة، رغم أننا نتوفر على وزارة للأسرة، وقالت بهذا الصدد: ''نرى التركيز على المرأة في غياب لسياسة مندمجة تستهدف الأسرة، هذا رغم أنه لا يمكن عزل المرأة عن الأسرة نظرا للدور المهم الذي تلعبه وسط الأسرة''. وترى قروري بهذا الخصوص أن من الأمور الأساسية الكفيلة بالتوفيق وتوجيه السياسات العمومية الخاصة بالأسرة تأسيس المجلس الأعلى للأسرة. صورة المغربية في الإعلام تقدر بثينة قروري من خلال استحضارها لأحداث سنة 2010 أن صورة المرأة المغربية في الإعلام من القضايا التي يجب العمل عليها أكثر رغم صدور الميثاق الوطني لتحسين صورة المرأة في الإعلام الذي للأسف الشديد بقي حبرا على ورق، إذ نرى أن الإعلام المغربي في غالب الأحيان يركز على جسد المرأة ويبتعد عن الصورة الحقيقية لإنجازات المرأة المغربية سياسيا وعلميا وأدبيا. وقد أسال موضوع صورة المرأة في الإعلام وفي الخارج الكثير من المداد خلال سنة 2010 خصوصا بعد الضربة التي تلقاها المغاربة في غشت 2010 من خلال قناة كويتية وأخرى مصرية أساءتا لصورة المرأة المغربية. ونالت صورة المرأة المغربية في الإعلام حظها من الاهتمام خلال النقاش الذي عرفته سنة 2010 في أطوار الحوار الوطني للإعلام، وتقدم منتدى الزهراء بهذا الخصوص بمذكرة حول تحسين صورة المرأة المغربية في الإعلام، تسلمها منسق الحوار الوطني للإعلام. انتظارات من الانتظارات مرت سنة 2010 دون تحقيقها سن قانون تشغيل الخادمات، إذ تعيش فئة الخادمات الصغيرات بالخصوص ظروفا غير مناسبة، وفي الوقت الذي ينتظر حضورهن في الفصول الدراسية تجدهن يؤدين أدوارا أكبر من سنهن داخل بيوت مشغليهن، ولهذا فإن الفاعلين ينتظرون بفارغ الصبر صدور القانون الخاص بالخادمات، وطويت سنة 2010 دون خروج القانون إلى الوجود رغم كثرة الحديث عنه في المنتديات والملتقيات ذات العلاقة بالموضوع. وتعتبر بثينة قروري رفع التحفظات من الآفاق التي يجب بصددها اعتماد سياسة تهدف إلى المحافظة على خصوصية المغرب المسلم العريق المتميز بوجود النطاق المشترك مع الكثير من الدول العربية الإسلامية وخصوصية القرب من الدول الأوروبية. ومن تجليات اعتماد السياسة المذكورة، تقول قروري الاحتفاظ بالتحفظات على المواثيق، التي تتعلق بالخصوصية الثقافية كما هو معمول به في عدد من الدول، ومع ذلك لا ضرر في رفع التحفظات التي أبداها المغرب وأصبحت متجاوزة بسبب التشريعات المغربية من قبيل قانون الجنسية. والدولة المغربية، تقول قروري، يجب أن تكون دولة قوية وشجاعة في التشبث بالتحفظات التي تتعلق بالخصوصية المغربية. للإطلاع على الملف اضغط هنا