اعتقلت الشرطة المصرية، يوم الثلاثاء 26 أكتوبر 2010 ، العشرات من جماعة الإخوان المسلمين، في خطوة اعتبرها مراقبون ضربة استباقية لإحباط جهود أكبر حركة معارضة في مصر من تحقيق نتائج في الانتخابات المقررة الشهر المقبل. ويقول معارضون إن السلطات الأمنية كثفت ملاحقاتها لعناصر الجماعة، وتمكنت في يوم واحد من اعتقال نحو 70 فردا في مدينة الإسكندرية يضافون إلى العشرات من محافظات أخرى اعتقلوا خلال الأيام الأخيرة. وقالت مصادر أمنية إن اعتقالات الإسكندرية جرت بينما كان الناشطون يقومون بوضع ملصقات ولافتات دعائية لمرشحي الجماعة بالإسكندرية بعد أيام من إعلان المكتب الإداري بالإسكندرية عن ترشيح عدد من قياداتها في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وقال محامي جماعة الإخوان بالإسكندرية، خلف بيومي ''إن أجهزة الأمن ألقت القبض على70 عضواً من الجماعة في مناطق مختلفة من محافظة الإسكندرية الساحلية في دوائر مينا البصل والمنتزه وباب شرق والرمل ومحرم بك والدخيلة و العامرية والعجمي وبحري''. وأضاف بيومي ''أن عمليات القبض على أنصار مرشحي الجماعة لن يكون لها أي تأثير على المرشحين، كما أن المقبوض عليهم سوف يخرجون تباعاً بمجرد عرضهم على النيابة العامة لعدم ثبوت أي تهم ضدهم''. وأكد ''أن القبض على هذا العدد هو رد واضح من الأجهزة الأمنية من أجل محاولة تقليص فرص الإخوان الحقيقية للفوز بأي من المقاعد بالبرلمان، كما أنه محاولة لتحجيم دور الجماعة في الانتخابات المقبلة، لكن الجماعة مصممة على قرار المشاركة في الانتخابات، وأنها سوف تتخذ كافة الإجراءات القانونية من أجل الإفراج عن أنصارها''. وعلق الدكتور محمد مرسي ''مسؤول لجنة الانتخابات بمكتب الإرشاد بقوله: ''عمليات القبض العشوائي على أعضاء الجماعة ومناصريهم لن تثنينا عن مطالبنا بالتغيير السلمي من خلال خوض الانتخابات''. وفي مسعى للحزب الوطني الحاكم لمواجهة تأثير ''الإخوان''، بدأت آلة الإعلام التابعة له والتي تمتلكها الدولة بتنفير الرأي العام من طروحات الجماعة ونشر التحذيرات من أن ''خياراتها ستهز استقرار البلاد بسبب الشعارات الدينية التي يرفعها أنصار الجماعة''. وكانت اللجنة العليا للانتخابات قد هددت بشطب كل مرشح يلجأ خلال انتخابات مجلس الشعب إلى استخدام شعار ''الإسلام هو الحل'' وهو الشعار المعروف لتنظيم ''الإخوان المسلمين''، بينما ردّ عصام العريان، القيادي في ''الإخوان'' في حديث لشبكة ''سي إن إن''، برفض القرار، والتذكير بالأحكام القضائية التي أجازت استخدام هذا الشعار سابقًا، مضيفًا أن الاجتهادات القانونية تنفي عنه صفة الطائفية أو المذهبية. وتابع العريان قائلاً: ''هذا دأب اللجنة العليا للانتخابات، فقد سبق لها أنّ شطبت مرشحينا في انتخابات مجلس الشورى والمجالس المحلية السابقة للسبب عينه، وقامت المحكمة العليا برفض هذا القرار وأعادت تسجيل المرشحين، ولذلك فإن القضاء هو الفيصل بيننا وبين اللجنة العليا''. وشدّد العريان على أن القانون ''يمنع لجنة الانتخابات من شطب المرشحين من تلقاء نفسها،'' وشدّد على أن شعار ''الإسلام هو الحل'' يتفق مع الدستور الذي ينصّ على أن الإسلام هو دين الدولة، معتبرًا أن هذا الأمر ''لا يمكن لأحد تعديله لأنّ ذلك سيثير الشعب كله''. كما لفت العريان إلى أنّ من حقّ المرشحين استخدام الشعار لأنه يدخل ضمن حق التعبير المكفول للجميع، وأضاف: ''نحن نعتبر أن هذا الشعار لا يحمل أبعادًا طائفية، بل هو مجرد أداة للتعبير عن برنامجنا، فقد سبق لاجتهادات قضائية أن رفضت تصنيفه ضمن العناوين المذهبية لأن الإسلام يحترم جميع الأديان''. وكان المستشار عبد العزيز عمر قد أشار إلى أن الشعار المستخدم من قِبل بعض المرشحين في الانتخابات المقررة في 28 نونبر المقبل، ''يعدّ مخالفًا للقانون والقواعد التي سبق وأن أقرتها اللجنة العليا للانتخابات بشأن الدعاية الانتخابية''. وسبق وأكّدت اللجنة على الرقابة المستمرة للحملات الانتخابية وحذّرت من أنها ستقوم بتفعيل القانون الذي يعطي لها حقّ الطلب إلى المحكمة الإدارية العليا شطب المرشح الذي يخالف القانون فيما يتعلق بحظر استخدام شعارات أو رموز دينية أو القيام بأنشطة دعاية انتخابية لها مرجعية دينية أو ذات طابع ديني أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل. وكان قرار الإخوان القاضي بالمشاركة في الانتخابات قد أثار غضب سائر تيارات المعارضة المصرية، ووصل الأمر بجهات مقربة من المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، إلى اتهامهم ب''شق صفوف المعارضة'' التي تتجه بمعظمها إلى المقاطعة. وأعلنت جماعة ''الإخوان'' عزمها المنافسة على 30 في المائة من مقاعد مجلس الشعب في مصر، ويتكون مجلس الشعب في مصر من 454 مقعدًا، ستضاف إليها هذا العام حصة تتنافس عليها النساء عددها 64 مقعدًا. في المقابل، استنكرت منظمة حقوقية الاعتقالات التي طالت 70 من أنصار مرشحي الإخوان المسلمين، مؤكدة أنَّه ''سلوك إرهابي مرفوض حقوقيًّا؛ لمناقضته كل المواثيق والأعراف الدولية لحقوق الإنسان التي تكفل مبدأ تداول السلطة وحرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية''. وشكَّكت منظمة الكرامة لحقوق الإنسان في مشروعية العملية الانتخابية القادمة برمَّتها، وأوضحت في بيان نشره موقع (إخوان أون لاين) أن اعتقالات النظام المصري أنصار مرشحي الإخوان خطوة استباقية؛ لتحجيم أية مشاركة فاعلة لهم، وقد تمتدُّ الحملة الأمنية للشركات والمحالّ التابعة لأنصار مرشحي الجماعة. وحذَّرت المنظمة من تصاعد حالة الاحتقان داخل المجتمع المصري؛ بسبب اتساع مساحة الانتهاكات والتجاوزات المستمرة من قبل أجهزة الأمن، ودعت إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين من أنصار مرشحي الجماعة. وطالبت الحكومة بإجراء انتخابات نزيهة تُجرَى بالاقتراع العام، تسود فيها المساواة بين الناخبين بالتصويت السري؛ لضمان التعبير الحر عن إرادة الناخبين، وعدم تكرار سيناريو انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى الماضية، سواء عبر التدخل الحكومي المبكِّر في العملية الانتخابية لتزوير الانتخابات أو اعتقال مرشحي المعارضة وأنصارهم. وشدَّدت على أن الانتهاكات التي تمارسها الحكومة المصرية تجاوزت حدود صراعها التقليدي مع جماعة ''الإخوان''، وصولاً إلى محاربة كل أشكال حرية التعبير والرأي، فضلاً عن محاربة المواطنين في أرزاقهم، بصورة باتت تهدد الاستقرار العام في البلد.