تم بحمد الله وحسن عونه وتوفيقه اختتام أشغال الجمع العام الوطني الرابع لحركة التوحيد والإصلاح الذي احتضنته مدينة الرباط أيام 3و4و5 شعبان 1431 ه الموافق 16و17 و18 يوليوز 2010م تحت شعار: الاستقامة والإصلاح.. نهضة وفلاح. ولقد توزعت أشغال الجمع العام بين قاعة سينما الملكي والمدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني. في اليوم الأول حجت الوفود إلى سينما الملكي لحضور الجلسة الافتتاحية. ولو أذن لقاعة السينما تلك بالكلام لفاخرت كل قاعات السينما بأنها كانت في يوم لا كباقي الأيام: فعلى منصتها رتل المقرئ أواخر سورة الفرقان ليحدث الجموع عن صفات عباد الرحمان، وفيها تذكير بسبيل الفوز والفلاح :أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً (الفرقان : 75) وعلى منصتها تناول الكلمة دعاة وقادة وأعلام في العلم والدعوة والتزكية والسياسة... وعلى منصتها وقف الماليزي والقطري والسعودي والسينغالي والموريتاني والمغربي... ممن تيسر لهم الوصول والحديث. أما مقاعدها فقد امتلأت عن آخرها، وكم احتاجت ان تتضاعف لتفسح المجال لمن لم يجد له فيها مكانا. وعليها جلس أعلام في الدعوة والفكر والسياسة والأدب... واجتمع في القاعة نخب من كل الشرائح العمرية من الجنسين. وازدانت مداخلها وجدرانها بلافتات تزينت هي الأخرى بآيات قرآنية أو توجهات استراتيجية، أوالتزامات تجاه الوطن دفاعا عن قيمه ووحدته وانخراطا في تنميته وازدهاره. وفي جنباتها ترددت شعارات لعل أحلاها: بلادي بلادي أسلمي وانعمي .. سأرويك حين الضما من دمي ... ورب العقيدة لن تهزمي .. ومن أكمل الدين للمسلمين ... سنحمي الجبال وتلك التلال.... واستمرت الأشغال بالمدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني ونحن نستبشر بهذه البشارة والإشارة، وأملنا أن يكون أعضاء الحركة في التحقق بالتعليم بمعناه الواسع؛ لكن بمنهجه المتميز المشار إليه في قوله تعالى :وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَآل عمران : 79 وكانت البداية مع عرض التقريرين الأدبي والمالي، وفيه جرد لأهم الإنجازات والإخفاقات والتعثرات في غاية من الوضوح والشفافية. ثم فسح المجال للحاضرين في المناقشة، وبلغ عدد المتدخلين مائة بين مندوب ومندوبة كل قال ما قدر أنه تسديد منه للمسار بترصيد الإيجابيات والتحذير من السلبيات ... ولقد كان مشهدا رائعا في الشورى والحرية، إذ يطلب من بعض المتدخلين تجاوز عبارات الشكر والثناء والانتقال إلى المناقشة!! لقد كنا يومها بين عضو مشفق ناصح وبين ضيف منوه. وتلك معادلة في غاية الأهمية بأن يحرص الأعضاء على التحسين والتسديد واليقظة الدائمة وإن توالى تقدير وتنويه المراقبين والمتتبعين. ثم كانت المصادقة على التقريرين من قبل أغلبية الأعضاء، ونرجو أن يتم القبول من الله تعالى وأن تكون تلك الأعمال في ميزان حسناتنا الجميع، خاصة ونحن في شهر شعبان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما مساء يوم السبت فقل عنه ما شئت من معاني التجرد ونكران الذات والإنصاف والمحبة والرسائل التربوية ... إنها حصة الانتخابات، والتي شرفت بحضور ضيوف المؤتمر وخاصة الشيخ العلامة الحافظ محمد الحسن ولد الددو، والذي تابعها بدقة، وراقبها بعناية، ونوه بها بأكثر من صيغة... إننا ندخل الانتخابات بطريقة فريدة لا يرشح الفرد فيها نفسه، ولا يدعو للتصويت عليه. بل يقوم أحدنا ليقول أنا لا أعتذر ولكني لا أصلح لهذه المهمة، ولا أقول ذلك من باب التواضع بل من باب الصدق والمصارحة!! ويقوم أخوه ليقول: أنا معه، أو يقوم آخر ويقول أنا أخالفه الرأي، ثم يقبل الجميع بنتيجة التصويت، فالتداول حر والتصويت ملزم قياسا على الرأي حر والقرار ملزم ... ولولا أن الأمر يتعلق بحركة أعتز بالانتماء إليها لقلت أكثر من ذلك. أما صباح يوم الأحد فقد كانت الجلسة فيها بطعم آخر مغاير تماما، إنها حصة مناقشة التوجه الاستراتيجي العام للمرحلة، وهو بالمناسبة :الإسهام في ترشيد التدين وتعزيز سمو المرجعية الإسلامية في تدافع الهوية والقيم ومناقشة التوجهات الاستراتيجية الخاصة بكل مجال من مجالات العمل، ثم الأهداف الاستراتيجية ذات الأولوية. في ثلاثية عجيبة وفي نسق علمي بديع ينطلق من مرجعية إسلامية لكنه يستفيد من آليات العصر في صياغة الاختيارات والتوجهات... لقد كنا في المدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني، وكان جمعنا مدرسة للوسطية والتزكية والمواطنة!! فهنيئا لكل من أسهم في صناعة أعراس التوحيد والإصلاح، وهنيئا لمن أسهم في إنجاحها، إننا جميعا نسهم في أغراس النهضة والفلاح.